فؤاد الشوبكي.. سيرة شيخ الأسرى بين سجون الاحتلال والسلطة

20 ديسمبر 2024
فؤاد الشوبكي (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وُلد فؤاد الشوبكي في غزة عام 1940، ودرس المحاسبة في جامعة القاهرة. انضم لحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتولى مناصب قيادية منها رئاسة الإدارة المالية المركزية العسكرية وعضوية المجلس الثوري.
- اتهمته إسرائيل بتهريب أسلحة واعتقلته في 2006، حيث حُكم عليه بالسجن 20 عامًا خُفضت إلى 17 عامًا. عانى من الإهمال الطبي وأُفرج عنه في 2021 بعد قضاء محكوميته.
- توفي في رام الله عن 84 عامًا، وشيع جثمانه بمشاركة شخصيات بارزة. لُقب بـ"شيخ الأسرى" لدعمه غزة وتاريخه النضالي.

بعد سيرة حافلة من النضال رحل اللواء فؤاد الشوبكي ابن حي الدرج في مدينة غزة، العسكري والسياسي الفلسطيني الذي اتهمته إسرائيل بالتمويل والمسؤولية عن عملية تهريب سفينة الأسلحة "كارين A"، خلال انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000، وحمل لقب "شيخ الأسرى" لسنوات، إلى أن توفي في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية الخميس، عن عمر يقارب 84 عاما، بعد 21 شهرا من الإفراج عنه من سجون الاحتلال.

ولد الشوبكي في 12 مارس/آذار 1940، بحي الدرج في غزة، وحصل على درجة البكالوريوس في المحاسبة من جامعة القاهرة، وهو واحد من كوادر حركة فتح التي تنقل معها ومع منظمة التحرير إلى الأردن ولبنان وسورية وتونس، حتى العودة إلى فلسطين في العام 1995، بعد إبرام اتفاق أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية.

شغل الشوبكي عددا من المناصب في السلطة الفلسطينية، أبرزها رئاسة الإدارة المالية المركزية العسكرية في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ورئاسة إدارة المؤسسة الاقتصادية الاستهلاكية العامة (الصخرة) بقرار من الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 1997. وقبل إنشاء السلطة الفلسطينية شغل عدداً المناصب في حركة فتح ومنظمة التحرير، حيث كان مسؤولا ماليا في حركة فتح والمنظمة قبل إنشاء السلطة، وعضوا للمجلس الثوري لحركة فتح، وعضوا في المجلس العسكري الأعلى في الحركة، وعضوا في المجلس المالي، وعضوا في مجلس لبنان، وعضوا في المجلس الوطني للمنظمة.

فؤاد الشوبكي وظروف الاعتقال

بدأ الاحتلال بملاحقة الشوبكي باتهامه بصفته مدير المالية العسكرية في السلطة الوطنية الفلسطينية؛ بالمسؤولية المباشرة عن تهريب سفينة الأسلحة "كارين A"، فقد نفذ جيش الاحتلال في يناير/كانون الثاني 2002، في أوج انتفاضة الأقصى، عملية عسكرية سماها عملية "سفينة نوح" بهدف إيقاف، والسيطرة على سفينة "كارين" في البحر الأحمر، وادّعى أن السفينة تحمل معدّات عسكرية للفلسطينيين، واعتقل طاقمها وعلى رأسهم قبطان السفينة عمر عكاوي.

طالب الاحتلال بتسليم الشوبكي بعد توجيه تلك الاتهامات ضده، لكن السلطة الفلسطينية رفضت ذلك، وأبقاه الرئيس الراحل ياسر عرفات في مقر المقاطعة برام الله (مقر الرئاسة)، إلى أن أودعته أجهزة السلطة الأمنية في سجن أريحا شرق الضفة الغربية في 11 يناير/ كانون ثاني 2002، بجانب أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وآخرين تحت ضغوط أميركية غربية.

اختطفت قوّات الاحتلال الشوبكي بتاريخ 14 مارس/آذار 2006، بعد اقتحام سجن أريحا، واعتقلت معه سعدات، ورفاقهما عاهد أبو غلمي، وحمدي قرعان وباسل أسمر، ومجدي الريماوي، وياسر أبو تركي.

بقي الشوبكي محتجزا في سجن أريحا أربعة أعوام رغم صدور قرارات بالإفراج عنه من محاكم فلسطينية، منها قرار من محكمة العدل العليا، وقد جاء في نص القرار أن توقيفه مدد بشكل قانوني ولمدة 15 يوما لمرة واحدة فقط، مما يجعل احتجازه دون أي سند قانوني. وبعد اختطاف قوات الاحتلال للشوبكي حوكم بمحاكم الاحتلال العسكرية، وصدر بحقه حكم بالسجن لعشرين عاما، تم تخفيضها لاحقا لـ17 عاما، وقد رفضت محاكم الاحتلال العسكرية عدة مرات طلبات الإفراج المبكر عن الشوبكي، أحدها قبل الإفراج عنه بـ8 أشهر.

يقول محمد الشوبكي لـ"العربي الجديد"، إن والده عانى خلال 17 عاماً من الإهمال الطبي كباقي الأسرى، وخرج من السجن مباشرة إلى المستشفى الاستشاري العربي شمال رام الله، لتتبين إصابته بالتهاب حاد في الرئتين وضعف في عضلة القلب.

وأكد محمد الشوبكي أن سلطات السجون الإسرائيلية كانت تنقل والده إلى المستشفيات لكن دون تقديم الرعاية اللازمة، والاكتفاء في كثير من الأحيان بالمسكنات.

وكان فؤاد الشوبكي قال لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بعد الإفراج عنه إن الأطباء قاموا بقطع عضلة بطنه لإزالة ورم مشتبه، لكن فيما بعد اعترف الطبيب المعالج له بأن ذلك ناجم عن خطأ طبي "وتعهد بإخضاعي لعملية بعد ستة أشهر لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه"، وأشار الشوبكي في ذلك التصريح الصحافي إلى بطنه المنتفخ، وقال: "هذا الكرش الذي ترونه بسبب الخطأ الطبي، أنا لم يكن عندي في تاريخ حياتي كرش، حين سألتهم أين الكيس؟ قالوا لم نجد كيسا، وأجرينا العملية، بعد أن وجدنا حجم الكلية اليسرى غير طبيعي وكنا نعتقد أن فيها ورما، فأخذنا قطعة وفحصناها وسحبنا دما، إلى أن اقتنعوا أنه لا يوجد سرطان".

وكان فؤاد الشوبكي أصيب بفيروس كورونا في عام 2021، نتيجة مخالطته سجانا خلال نقله إلى المستشفى لإجراء عملية في عينه، ما أثار قلق عائلته ومؤسسات الأسرى لكونه رجلا مسنا يبلغ حينها 82 عاما. وبحسب محمد الشوبكي، فإن والده كان يتفاعل بحزن خلال العام الماضي، مع أخبار الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وبشكل خاص أقاربه وعائلته، وهو المعروف بوقوفه الدائم مع أهالي غزة وله بصماته في القطاع، كما قال محمد.

وللشوبكي ستة من الأبناء، 4 منهم من الإناث واثنين من الذكور، فيما رزق أبناؤه بـ11 حفيدا، ويعيشون جميعا داخل فلسطين.

وشُيع اللواء الشوبكي، اليوم الجمعة، من مقر المقاطعة (الرئاسة) بمدينة رام الله، بمشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، وأعضاء القيادة الفلسطينية. وألقى المشاركون نظرة الوداع الأخيرة على جثمانه، قبل أن ينطلق موكب جنازته إلى مسجد العين في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، حيث أقيمت صلاة الجنازة، قبل أن يوارى الثرى في مقبرة البيرة القديمة.