أعلن مبعوث أمين عام الأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، أن الظروف لعودة اللاجئين إلى سورية ما زالت غير مهيأة، وأكد على أن من مصلحة السوريين أن تتواصل أعمال اللجنة الدستورية، لكن الخلافات حول مكان عقد الاجتماعات (سويسرا) ما زالت قائمة، ولم يتم التوصل لاتفاق حولها.
جاءت تصريحات المسؤول الأممي ضمن اجتماع مجلس الأمن الدولي الشهري حول سورية، اليوم الاثنين.
وشدد بيدرسون على أن معالجة الحالة الإنسانية المتردية والمتفاقمة في سورية ستعطي بعض الثقة في أن التقدم في القضايا السياسية ممكنٌ، معبراً عن خيبة أمله من عدم تمكن مجلس الأمن الدولي في وقت سابق من الشهر من التجديد للآلية العابرة للحدود عبر باب الهوى بسبب استخدام روسيا لحق النقض (فيتو) ضد مشروع قرار برازيلي سويسري.
كما دعا إلى أن "تظل جميع الأبواب مفتوحة لحل هذه المشكلة، وأن يضع المجلس وجميع أصحاب المصلحة احتياجات السوريين في المقام الأول. يجب أن نضاعف جهودنا لإيجاد حل يضمن استمرار إيصال المساعدة الإنسانية عبر الحدود وعبر خطوط التماس".
وأشار إلى الحاجة الماسة كذلك إلى تقديم الدعم المالي لخطة الاستجابة الإنسانية التي تم تمويلها حتى الآن بنسبة 13 في المائة فقط، في الوقت الذي تم تمويل الصندوق الإقليمي للاجئين بأقل من 6 في المائة.
وحول إحراز تقدم في المفاوضات السياسية قال "إن أشهراً من الدبلوماسية.. لم تؤد إلى نتائج ملموسة على الأرض، في الداخل أو في الخارج، ولا إلى أي خطوات حقيقية في العملية السياسية"، أملاً أن يتغير ذلك قريباً.
وحول عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم قال: "في الوقت الحاضر فإن الظروف لعودة اللاجئين الآمنة والكريمة والطوعية غير متوفرة. ويجب حمايتهم، بما في ذلك من العودة القسرية، تماماً كما يجب حماية جميع المدنيين داخل سورية، بما في ذلك النازحين داخلياً. نحن بحاجة إلى أن تبذل الحكومة السورية المزيد من الجهد لمعالجة مخاوف (عدم توفر) الحماية الحقيقية والمستمرة".
ونبه إلى استمرار "للاحتجاز التعسفي، والتعذيب والإخفاء القسري، والقتل، وسط اشتباكات عنيفة، وتبادل منتظم لقذائف الهاون والصواريخ والمدفعية عبر شمال شرقي وشمال غربي سورية"، بالإضافة إلى "غارات جوية نُسبت إلى إسرائيل، وتقارير عن غارات تركية بطائرات بدون طيار، وتقارير عن غارات جوية موالية للحكومة شمالي حلب، وتقول الولايات المتحدة إنها نفذت ضربات بطائرة بدون طيار على زعيم (داعش) بالقرب من الباب".
وحذر المبعوث الأممي من الأزمة الاقتصادية الخانقة، وتبعاتها على كل السوريين، إذ يعيش 90 في المائة منهم تحت خط الفقر.
ومن جهته عبر رئيس وممثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، رامش راجا سنغام، عن أمله أن يجدد النظام السوري السماح بتقديم المساعدات الإنسانية عبر باب السلام والراعي، التي تنتهي مدتها في 13 من الشهر القادم، وأن يتم التوصل لاتفاق حول شروط دخولها من باب الهوى.
وكان النظام السوري قد أعلن عن سماحه بدخول تلك المساعدات عبر باب الهوى، بعدما فشل مجلس الأمن الدولي بتجديد ذلك عبر مشروع قرار سويسري برازيلي، لكن النظام اشترط لإدخالها "ألا تتعامل الأمم المتحدة مع الجهات المسيطرة على مناطق شمال غربي سورية"، التي يرى النظام أنها منظمات "إرهابية"، وأن يشرف الهلال الأحمر السوري على ذلك. وهي شروط لم تقبل بها الأمم المتحدة لأنها "تحد من استقلاليتها ومن قدرتها على إيصال المساعدات لجميع المدنيين المحتاجين إليها دون تدخلات خارجية". وبحسب الأمم المتحدة فإن المفاوضات مع النظام السوري حول ذلك ما زالت قائمة.
وقال راجا سنغام: "إن مستقبل المساعدات عبر الحدود يجب أن لا يكون قراراً سياسياً بل إنسانياً". وتحدث عن استعداد الأمم المتحدة لتقديم المساعدات عبر باب الهوى، مؤكداً أنها قدمت حالياً جزءاً منها عبر باب السلام والراعي.
كما نوه إلى أن قضية إدخال المساعدات الإنسانية لشمال غربي سورية عبر الحدود هي مسألة "حياة وموت لملايين الأشخاص في شمال غربي سورية، فهناك 4.1 من أصل 4.6 مليون شخص يعيشون هناك يحتاجون إلى مساعدات إنسانية للحصول على احتياجاتهم الأساسية. ما يقرب من 80 في المائة منهم هم من النساء والأطفال".
وشدد على أنه لمعالجة هذه المستويات الضخمة من الاحتياجات فمن الضروري أن تكون الفترة المسموح بها أطول من ثلاثة أو ستة أشهر، وهي المدة التي يسمح بها النظام لتقديم المساعدات حاليا. مبيناً في هذا السياق، "تشكل هذه المدة القصيرة تحديات خطيرة لعملياتنا وتمويلنا ولوجستياتنا والمشتريات. يمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات في الاستجابة الإنسانية".
ومن جهتها قالت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة في نيويورك ليندا توماس غرينفيلد، إن "روسيا مسؤولة بشكل كامل عن الانتكاسة في وصول المساعدات الإنسانية العابرة للحدود للمحتاجين إليها عبر باب الهوى لأنها رفضت التفاوض بنوايا حسنة". وأضافت "أصدر نظام الأسد بياناً حول السماح بعبور المساعدات عبر باب الهوى وفيه بنود مرفوضة ستعرقل وصول المساعدة، وسوف تضع العمليات في خطر، وفتح باب السلام والراعي لم يشتمل على هذه القيود".
وقالت غرينفيلد: "يجب أن تكون العمليات مستقلة، ويجب أن تكون الأمم المتحدة قادرة على إدارة العمليات في مراكز خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام وعليه الا يتدخل في ترتيبات وصول المساعدات القائمة بين الأمم المتحدة والسلطات الفاعلة على الأرض، في المناطق الخارجة عن سيطرتها".
وأضافت السفيرة الأميركية: "يجب أن يستمر وصول المساعدات وألا ينقطع في فترة الشتاء". وتحدثت عن ضرورة أن "تكون الأمم المتحدة هي القادرة على تحديد لمن تصل المساعدات الإنسانية بشكل يتماشى مع مبادئ الحياد".
كما أكدت على أن أي تقديم للمساعدات يجب أن "يحافظ على عملية رصد التعاون عبر الحدود التي نص عليها القرار 2165، وأن يتم تفادي أي شروط جديدة لتقديم تقارير جديدة لشركاء ومستفيدين".
من جهته رحب نائب السفير الروسي للأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، بعودة سورية إلى الجامعة العربية، وإعادة إقامة علاقات مع تركيا، ووصف ذلك بأنه "سيسهل التوصل لتسوية للأزمة السورية. وما هو غير مناسب هو محاولات دول الغرب لعرقلة هذه العملية الطبيعية، وتسييس القضايا الإنسانية البحتة كالتعافي المبكر وتيسير عودة اللاجئين".
وأشار بوليانسكي إلى أن عمل اللجنة الدستورية "سيستأنف بعد تحديد الأطراف لسياق أو مكان للاجتماع أنسب من سويسرا، وهذه عملية أوشكت على الاكتمال".