غموض ما بعد الانتخابات الأميركية: مخاوف من تشكيك في النتائج

03 نوفمبر 2024
أنصار ترامب في أريزونا، 31 أكتوبر 2024 (باتريك تي فالون/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يشكك الجمهوريون في نتائج الانتخابات الأميركية، مع رفض ترامب الاعتراف بالنتائج في حال خسارته، مما يثير مخاوف من اضطرابات أمنية محتملة وتكرار أحداث العنف السابقة.
- في بنسلفانيا، تتصاعد الاتهامات بالتلاعب في الانتخابات، مع تدخل المحكمة العليا لصالح الديمقراطيين، بينما تفرض ولايات مثل جورجيا قيودًا جديدة على التصويت.
- تتزايد المخاوف من عدم انتقال سلمي للسلطة، مع عودة حركة "أوقفوا السرقة" وانتشار نظريات المؤامرة، مما يهدد بزيادة الفوضى في حال عدم الاعتراف بالنتائج.

يومان فقط باتا يفصلان الولايات المتحدة عن موعد التصويت في الانتخابات الأميركية الرئاسية، والخاصة باختيار أعضاء الكونغرس من مجلسي النواب والشيوخ. ومبكراً، بدأ الجمهوريون في التشكيك في نتائج الانتخابات الرئاسية، وهي ليست المرة الأولى التي يجادل فيها الحزب المحافظ وأنصاره في أن نتيجة الاقتراع سيتم تزويرها. فمنذ بدء حملته الانتخابية، يرفض المرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، الإقرار بأنه سيعترف بنتيجة الانتخابات في حال خسر أمام منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، ما ألقى بظلال من الشك على مدى قبوله بالنتيجة من عدمه. ويأتي ذلك مع التذكير بأن ترامب لم يقبل بخسارته أمام جو بايدن في الانتخابات الأميركية عام 2020، وكان حينها رئيساً، حيث ادعى حدوث تزوير جماعي من دون أن يقدم دليلاً ملموساً وذا مصداقية لإثبات مزاعمه، ما أوصل أيضاً إلى اقتحام أنصاره مقر الكونغرس للمرة الأولى في التاريخ الأميركي في 6 يناير/كانون الثاني 2021.

وبالفعل، تستعد مدينة واشنطن بعد الانتخابات الأميركية لأي تكرار محتمل لأعمال العنف التي هزّتها قبل أربع سنوات عندما خسر ترامب أمام بايدن. وحذّرت سلطات العاصمة الأميركية من أنه يمكن توقّع "بيئة أمنية متقلّبة وغير متوقعة" في الأيام وحتى الأسابيع التالية لإغلاق مراكز الاقتراع، مضيفة أنها لا تتوقع إعلان الفائز في يوم الانتخابات. وقال كريستوفر رودريغيز، أحد المسؤولين في المدينة خلال اجتماع مجلس المدينة الأسبوع الماضي: "بدأت استعداداتنا لعام 2024 في 7 يناير 2021 (اليوم التالي لتاريخ الاقتحام) من نواحٍ عدة"، لافتاً كذلك إلى أن أحداثاً جيوسياسية مثل الحرب في غزة تضيف "طبقة من التعقيد" التي "قد تؤدي إلى عنف سياسي".

حذّرت سلطات واشنطن من أنه يمكن توقع بيئة أمنية متقلّبة وغير متوقعة في الأيام وحتى الأسابيع المقبلة

من جهته، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) أنه بصدد إنشاء مركز قيادة لمراقبة التهديدات المرتبطة بسباق الانتخابات الأميركية هذا العام، في حين قال جهاز الخدمة السرّية، المسؤول عن حماية كبار الشخصيات السياسية، أنه سيعزز نظامه الأمني إذا لزم الأمر. وكانت رئيسة بلدية المدينة، مورييل باوزر، قد أكدت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن جهاز الشرطة الذي يعنى بحماية أمن الكونغرس، سيكون "جاهزاً"، فيما قالت قائدة شرطة المدينة باميلا سميث أنه لم يتم تحديد أي "تهديد حقيقي" يستهدف واشنطن خلال فترة الانتخابات، لكنها أشارت إلى أنه سيسمح بتنظيم تظاهرات سلمية لكن "لن نتسامح مع أي عنف"، لافتة إلى أن تعزيزات تصل إلى أربعة آلاف جندي ستنشر في المدينة في 20 يناير المقبل، يوم تنصيب ساكن البيت الأبيض الجديد.

الاتهامات بالتلاعب تصل إلى بنسلفانيا

يغذّي ترامب مخاوف تزوير الانتخابات لدى الناخبين. وفي منشور له على موقع التواصل الاجتماعي إكس، كتب أخيراً أن "الآلاف في مقاطعة يورك في بنسلفانيا (أهم الولايات المتأرجحة التي تحسم نتيجة الانتخابات)، تلقّوا الآلاف من نماذج التسجيل وطلبات الاقتراع المزورة". وأضاف: "أيضاً في مقاطعة لانكستر، تم اكتشاف 2600 بطاقة اقتراع ونماذج مزيفة، وهذه أشياء سيئة ويجب على الجهات المسؤولة إنفاذ القانون". كما رفض المرشح لمنصب نائبه، جي دي فانس، الإقرار خلال الحملة بأنه سيقبل النتائج مهما كانت.

وادعى ترامب على منصته الاجتماعية "تروث سوشال"، بأن حملته ضبطت الديمقراطيين يغشون بشكل كبير. وكتب: "أوقفوا تزوير الناخبين، وتحققوا من محامي كامالا هاريس الجديد القذر"، و"يجب الإعلان عن التزوير وملاحقة مرتكبيه. هذا انتهاك جنائي". وأعلنت السلطات المحلية في العديد من مقاطعات بنسلفانيا، عن تحقيقات في طلبات تسجيل الناخبين الاحتيالية المحتملة التي تم ضبطها أثناء المعالجة، ولكن لا يوجد ما يشير إلى احتساب أي بطاقات اقتراع احتيالية.

المحكمة العليا تنحاز لرأي الديمقراطيين

واستدعى الأمر تدخّل المحكمة العليا في الولايات المتحدة، أول من أمس الجمعة، لحسم خلاف قضائي حول حقّ الأشخاص في ولاية بنسلفانيا الذين تمّ رفض بطاقات اقتراعهم بالبريد ويرغبون في الإدلاء بأصواتهم، وانحازت المحكمة لرأي الديمقراطيين، وقرّرت أنه في حال أن بطاقة الاقتراع الباطلة تلقائياً، أي لم تحسبها لجنة الانتخابات، فإن الناخب يكون مؤهلاً للإدلاء بصوت مؤقت. ويعتبر الجمهوريون أن هذا القرار سيؤثر على أكثر من 10 آلاف شخص، ما يعني أنه سيؤثر على نتيجة الانتخابات الأميركية.

قيود على التصويت في الانتخابات الأميركية

على خلاف الانتخابات الرئاسية 2020، التي كانت فيها ولاية جورجيا (ولاية متأرجحة) محل الاتهام بالتلاعب في أصوات الناخبين، انتقل الأمر الآن إلى ولاية بنسلفانيا، أهم الولايات المتأرجحة، لأنها تضم أكبر عدد من أصوات الناخبين الكبار في الولايات المتأرجحة السبع (مع نيفادا وويسكونسن وميشيغن وكارولينا الشمالية وأريزونا)، المقدر بـ19 صوتاً. وفرضت ولايتا جورجيا وكارولينا الشمالية اللتان يتولى المجلسان التشريعيان فيهما جمهوريون، قواعد جديدة، بناء على تشكيك ترامب وأنصاره في نتائج التصويت المبكر في 2020، إذ أقرّ المجلس التشريعي وحاكم الولاية في جورجيا بريان كيمب، قانوناً قلّل من الوقت المطلوب لطلب بطاقات الاقتراع الغيابية، وفرض متطلبات هوية جديدة صارمة لهذه البطاقات، وقيّد بشكل كبير توفر صناديق إسقاط بطاقات الاقتراع الغيابية، كما فرضت ولاية كارولينا الشمالية قيوداً مماثلة.

فرضت ولايتا جورجيا وكارولينا الشمالية قواعد جديدة بناء على تشكيك ترامب

على جانب آخر، استجابت المحكمة العليا في ولاية فيرجينيا، لمطلب الجمهوريين مؤقتاً، بإزالة نحو 1600 ناخب يحتمل أنهم غير مؤهلين للتصويت، واعتبر مسؤولون جمهوريون أن هذه "خطوة ضرورية لمنع غير المواطنين من التصويت"، فيما تأمل وزارة العدل وجماعات حقوق مدنية أن يكون القرار النهائي على خلاف ذلك.

في سياق آخر، فإن عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني (محامي ترامب السابق)، وهو أحد الوجوه التي قادت حملة مزاعم التزوير في 2020، تمّ شطبه من نقابة المحامين وأجبر الأسبوع الماضي على تسليم معظم أصوله إلى اثنين من العاملين في الانتخابات الذين شوّه سمعتهم. كما تمّ شطب اثنين آخرين متورطين، هما جيف كلارك وجون إيستمان، من نقابة المحامين، وطُردا من الدائرة الداخلية لترامب. كما أقرّ المحامون سيدني باول وكينيث تشيسبرو وجينا إليس، بالذنب في التهم الجنائية الموجهة إليهم في الإطار ذاته، ما جعل الحلقة القانونية الرئيسية التي شاركت مع ترامب في انتخابات 2020 غائبة هذا العام عن الواجهة، لكن ترامب استعان بوجوه جديدة لمساعدته.

تخوفات من عدم انتقال سلمي للسلطة

كان الرئيس جو بايدن قد شكّك في أغسطس/آب الماضي، في إمكانية عدم حصول انتقال سلمي للسلطة في هذه الانتخابات، قائلاً: "إذا خسر ترامب، فلست واثقاً على الإطلاق من أن انتقال السلطة سيكون سلمياً. إنه يعني ما يقول، إنه يعني ذلك حرفياً عندما يقول: إذا خسرنا الانتخابات فسيكون هناك حمام دم". كانت مثل هذه التصريحات لترامب قد أثارت جدلاً كبيراً في البلاد.

عادت حركة أطلقت على نفسها اسم "أوقفوا السرقة" إلى الظهور مجدداً

كشف استطلاع حديث، لجامعة هارفارد، صدرت نتائجه منذ أيام قليلة، أن 20% فقط من الشباب أقل من 30 عاماً، يثقون في أنه سيكون هناك انتقال سلمي للسلطة بعد الانتخابات الأميركية لعام 2024 بغضّ النظر عمّن سيفوز، فيما عبّر 18% صراحة عن أنه لن يكون هناك انتقال سلمي للسلطة. من جهته، حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي والأمن الداخلي الشهر الماضي من أن الخطاب المتطرف الذي ينشره ترامب وحلفاؤه قد يؤدي إلى العنف في حال خسارته الانتخابات.

خطة لقلب نتائج الانتخابات الأميركية

شهدت السنوات الماضية، طرح بعض التشريعات من مشرعين جمهوريين، تقترح منح مسؤولي الانتخابات الحق في تحديد الفائز في الانتخابات، والحق في رفض النتائج. تمّ رفض جميع هذه التشريعات التي طُرحت رسمياً داخل المجالس التشريعية، لعدم قانونيتها، غير أنها كانت تعبّر عن آراء يمينية تأثرت بما حدث في 2020.

خلال الأشهر الماضية، على منصة ترامب، وعلى تطبيق تليغرام ومنصة إكس، عادت حركة أطلقت على نفسها اسم "أوقفوا السرقة" إلى الظهور مجدداً، ووضع نشطاء، بعضهم شارك في محاولة قلب خسارة ترامب الانتخابات في 2020، دليلاً، لتقويض النتائج في حال فوز كامالا هاريس. وترى هذه المجموعة أنهم الآن يجب أن يكونوا استباقيين، وأنهم بحاجة إلى بذل كل ما في وسعهم لمنع ما يصفونه بـ"السرقة" مرة أخرى. وتشمل خططهم الطعن في النتائج أمام المحكمة، والضغط على المشرعين لمنع التصديق على نتيجة الانتخابات، وتشجيع الاحتجاجات والتي ستبلغ ذروتها في 6 يناير 2025، وهو اليوم الذي سيصادق فيه الكونغرس على النتائج.

وتداولت تقارير تصريحات لإيفان رايكلين، وهو جندي سابق في القوات الخاصة الأميركية، متحدثاً أمام تجمع لمجموعة من الناشطين في بنسلفانيا بوقت سابق من شهر أكتوبر، قائلاً: "لدي خطة واستراتيجية. سيكون السادس من يناير ممتعاً للغاية".
واعتبرت النائبة الجمهورية عن ولاية جورجيا، مارغوري تايلور غرين (من الداعمين لنظريات المؤامرة التي يسوّقها ترامب)، في حلقة من برنامج "غرفة الحرب" (أحد البرامج التي تنشر نظرية المؤامرة) الأسبوع الماضي، أن هناك خطة لإبعاد ترامب عن السلطة في حال فوزه، وقالت: "التدريبات الأخيرة لشرطة الكابيتول الأميركية مرتبطة بخطة من قبل الديمقراطيين في الكونغرس لإبعاد ترامب عن السلطة في حال فوزه". كما أثارت مخاوف بشأن التصويت العسكري في الخارج، قائلة: "إنهم يطلقون علينا اسم منكري الانتخابات طوال الوقت. لكن يبدو أن هناك معركة كبيرة يتم إعدادها بشأن التصديق على النتائج".

من جهتها، عبّرت ريتا كاتز، وهي مديرة شركة SITE Intelligence Group التي تتعقب التطرف عبر الإنترنت، في حوار مع موقع بوليتيكو، عن مخاوفها من تكرار ما حدث في 6 يناير 2021، في حال عدم اعتراف ترامب بنتائج الانتخابات (إذا ما خسرها). وكشفت كاتز عن تفاصيل نشاط اليمين المتطرف وتنظيمه، وحذّرت من متطرفين يتعهدون بأنهم سيكونون مراقبين للانتخابات، قائلة إن هؤلاء بدأوا الحشد منذ مارس/آذار الماضي وتشكيل تنظيم يضم أعضاء، ويشرح طرق الانضمام لمراقبة الانتخابات، داعين إلى مزيد من العنف مقارنة بـ2020. وأشارت كاتز إلى أن مالك موقع إكس، إيلون ماسك، الداعم لترامب، قد سمح بانتشار نظريات المؤامرة المتعلقة بالانتخابات على الموقع، كما أنها لفتت إلى أنه "عندما يكون هناك شخص مثل الذي يدير إكس (ماسك)، فإنه إذا لم يوافق على نتائج الانتخابات، فإن كل نسيجنا الاجتماعي مؤهل لإنتاج المزيد من الفوضى".

تقارير دولية
التحديثات الحية
المساهمون