بعد أقل من شهرين على خروجه من البيت الأبيض، يبدو أن كبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، يتحوّل من الشخص المفضّل لدى ترامب، خلال سنوات حكمه الأربع، إلى "مغضوب عليه"، بعد تحميله مسؤولية خسارة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وفاز بها الرئيس جو بايدن.
وأدى غياب كوشنر عن ظهور ترامب الأول أمام مؤتمر العمل السياسي المحافظ في أورلاندو بولاية فلوريدا، الأسبوع الماضي، إلى إطلاق التكهنات حول العلاقة بين الرئيس السابق وصهره كوشنر، خصوصاً أنه كان أكثر الأشخاص ولاء لترامب. وكان كوشنر عمل، خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، إلى جانب ترامب، الذي عينه في 9 يناير/كانون الثاني 2017 في منصب أبرز مستشاري البيت الأبيض، في حالة نادرة لإسناد منصب كبير إلى أحد أفراد عائلة الرئيس الأميركي. وقتها وصف ترامب، صهره، بأنه كان "ناجحاً على نحو لا يصدق في الأعمال التجارية وحالياً في السياسة"، وأنه "كان قيمة هائلة ومستشاراً موثوقاً به طوال الحملة (الانتخابية) والمرحلة الانتقالية".
أعلنت مصادر مقربة من ترامب أنه غاضب من كوشنر
وكان كوشنر في الصدارة خلال اللحظات التي سارت بشكل جيد بالنسبة للرئيس السابق، ويختفي عند الأزمات. ففي 2017، عندما تعثرت خطة الرعاية الصحية لترامب، كان كوشنر وعائلته على منحدرات أسبن، في ولاية كولورادو. وفي 2018، كانوا يقضون إجازتهم في فلوريدا وسط إغلاق الحكومة، على الرغم من إصرار البيت الأبيض على أن كوشنر يقود المفاوضات بنشاط. وفي 2019، عندما تعرض ترامب لانتقادات بسبب عدة قضايا، كان كوشنر وزوجته إيفانكا ترامب في ولاية وايومنغ، وهو أمر لاحظه حتى ترامب في تغريدة لصورة لهما في إجازة. وخرج كوشنر وإيفانكا من منزلهما المستأجر في واشنطن بعد 20 يناير/كانون الثاني الماضي بفترة وجيزة، باتجاه ميامي، حيث ظهرا يستجمان مع العائلة أخيراً.
وذكرت شبكة "سي أن أن"، في تقرير لها، أنه بينما كان ترامب يخطط لظهوره أمام مؤتمر العمل السياسي المحافظ في أورلاندو بولاية فلوريدا، الأسبوع الماضي، كان شخص واحد غائباً بشكل واضح عن المؤتمر، إذ لم يكن كوشنر مدرجاً بشكل خاص في قائمة المستشارين الذين يساعدون الرئيس السابق. وكان لدى كوشنر، الذي شغل سابقاً منصب كبير المستشارين للرئيس السابق، تفويض مطلق افتراضياً، بحسب العديد من الأشخاص الذين عملوا عن كثب معه في البيت الأبيض أو على دراية بتفكيره. وقال أحد هؤلاء الأشخاص للشبكة "في الوقت الحالي، لقد خرج للتو من السياسة"، مُردداً ما ذهبت إليه إيفانكا ترامب، التي أخبرت أصدقاءها وزملاءها أخيراً بعدم التفوه بأي شيء يتعلق بالسياسة.
وبالنظر إلى خسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية، فإن غياب كوشنر عن التداعيات يتبع نمطاً، أشار إليه النقاد سابقاً: أن تكون حاضراً لتحقيق الانتصارات وغائباً وقت الخسائر. وقال شخص على صلة وثيقة بكوشنر، لشبكة "سي أن أن"، إن صهر ترامب يستمتع "ببعض الوقت مع أسرته"، وإن انسحابه لا علاقة له بانحسار شعبية الرئيس السابق.
ومع ذلك، ليس من الواضح من الذي يحرض على هذا الانفصال. وقالت مصادر مقربة من ترامب، للشبكة، إنه غاضب من صهره بسبب خسارة الانتخابات. وقال شخص آخر إن كوشنر يريد بداية جديدة، لا تشمل تقديم المشورة إلى صهره على أساس يومي. ومع ذلك، أشار شخصان آخران لـ"سي أن أن"، إلى أن الانقسام حرّض عليه ترامب، الذي كان يخبر من هم في دائرته المقربة أنه غاضب من كوشنر.
وقد ظهر الغضب في الاجتماع الذي عقده ترامب أخيراً لمناقشة مستقبله السياسي من دون كوشنر، بينما تواجد مستشارون سابقون في مقر الرئيس السابق الخاص في بالم بيتش. وصدم عدم حضور كوشنر الكثيرين ممن يعرفون مشاركته في كل جانب يتعلق بترامب، إذ كان لكوشنر يد في كل شيء، من السياسة الداخلية، والسياسة الخارجية، والتوظيف، وكتابة الخطابات، والأمن القومي، وإصلاح العدالة الجنائية، والميزانية، ومواجهة فيروس كورونا. وقال شخص ثالث، كان يعمل داخل البيت الأبيض مع كوشنر، "يمثل هذا الأمر انعطافة بـ180 درجة. قام هذا الرجل بكل شيء لمدة أربع سنوات نيابة عن ترامب. عاش تلك الوظيفة". وأعرب مسؤول سابق آخر في البيت الأبيض عن دهشته من قرار كوشنر بالابتعاد، موضحاً أنه لم يكن هناك شيء "لم يتدخل" به سابقاً.
وأعلن اثنان من الأشخاص، الذين تحدثوا إلى "سي أن أن"، أن علاقة كوشنر مع الرئيس السابق انهارت منذ خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية. وقال أحدهما "نحن نعلم أن الرئيس لن يلوم نفسه" على الخسارة.
نفى شخص يتحدث مع كوشنر بشدة أي خلاف بين الرجلين
ومع ذلك، إذا كان ترامب هو الذي يبقي كوشنر بعيداً، أو العكس، هناك شيء واحد واضح لأولئك الذين تحدثوا إلى كوشنر في الأسابيع الأخيرة، "إنه يريد استراحة"، كما قال شخص مطلع على تفكيره. لكنه توقع أنه بعد فترة تهدئة، وإذا قرر ترامب رسمياً إطلاق حملته للانتخابات الرئاسية في 2024، فمن المحتمل أن يعود كوشنر كمستشار له. وقال مسؤول سابق في البيت الأبيض "ليس الأمر وكأن ترامب يمكن أن يطرد صهره، أو يعطيه لقباً ويهاجمه على تويتر".
ونفى شخص يتحدث مع كوشنر بشدة أي خلاف بين الرجلين، مشيراً إلى أن كوشنر وترامب التقيا لتناول الغداء في فلوريدا الأربعاء الماضي. ولاحظ العديد من الأشخاص، الذين تحدثوا لـ"سي أن أن"، أن مصالح كوشنر لا تزال تشمل التركيز على الشرق الأوسط، والتوسط في اتفاقيات "السلام" والمساعدة في ضمان ترسيخها. كما يود كوشنر أن يكون جزءاً من عملية إصلاح العدالة الجنائية، مثل إحياء الإفراج المشروط عن المساجين، وهو أمر تم إلغاؤه في 1984. وقال شخص مطلع على المسار الوظيفي المحتمل لكوشنر إنه "يحاول أن يكون شخصاً ستذهب إليه في الجانب الجمهوري للتوصل إلى اتفاق".