زادت الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، الإجراءات على الحدود الفلسطينية المصرية، بما يعزز ضبط السيطرة على الحدود، بعد أيام من زيارة وفد أمني فلسطيني إلى القاهرة، وعقد مباحثات تفصيلية مع جهاز الاستخبارات العامة المصري.
الزيارة التي لم يكشف الكثير عن تفاصيلها، ناقشت ملف الحدود بشكل أساسي، والمخاوف المصرية من انتقال مسلحين من غزة إلى سيناء وبالعكس، وهو ما تنفيه الأجهزة الأمنية في القطاع بشكل مطلق، والتي تقول إنها تضبط الحدود التزاماً بموقفها الثابت من عدم تدخلها في الشؤون المصرية، ورغبتها في إبعاد القطاع المحاصر عن تداعيات أي خلاف مصري داخلي. وقبل عام، عزز الأمن في غزة انتشاره على الحدود بشكل كبير، بعد تفاهمات مع مصر، ضمنت عدم تعرض عناصر الأمن إلى إطلاق النار، أو الاستهداف، من قبل الجنود المصريين المرابطين على الحدود. ومع التعزيز الثاني للقوات الفلسطينية على الحدود مع مصر، تبدأ التفاهمات، التي جرى إقرارها في الزيارة الأخيرة للقاهرة، بالمضي قدماً، مع تفاؤل المسؤولين الفلسطينيين في غزة، ومن خلفهم حركة "حماس"، بتغير مصري حقيقي هذه المرة في التعامل مع القطاع.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، إياد البزم، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر هادئة ومستقرة، وكل الإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في القطاع تأتي من أجل تعزيز حالة الاستقرار وضبط الحدود بشكل أكبر. وأضاف أنّ وزارته لديها سياسة ثابتة، تعمل من خلالها على تطوير سياستها وإجراءاتها في عملية ضبط الحدود الجنوبية، التي تربط القطاع، المحاصر إسرائيلياً منذ العام 2006، مع الجانب المصري، للحفاظ على حالة الاستقرار والهدوء. وأشار إلى أن وكيل وزارة الداخلية، توفيق أبو نعيم، أصدر أخيراً تعليمات بتعزيز الإجراءات الأمنية على طول الحدود الفاصلة بين القطاع ومصر، وذلك بعد زيارة تفقدية قام بها على الحدود، إثر عودته مع وفد أمني من العاصمة المصرية القاهرة أخيراً. وشدد البزم على أن الاتهامات التي توجه في بعض الأحيان إلى غزة بأنها تشكل نقطة عمليات ضد الجانب المصري، لا أساس لها من الصحة، ولا يوجد لها أي رصيد، في ظل عدم وجود أي سابقة طيلة السنوات الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الداخلية إلى أنهم لن يسمحوا بأن يشكل القطاع أي تهديد، أو مساس، بالأمن القومي المصري، منوهاً إلى أن الزيارات السياسية والأمنية إلى القاهرة أخيراً تأتي من أجل بحث الكثير من القضايا والنقاط المشتركة في ظل حالة الارتباط الحدودي.
من جهته، أوضح الخبير الأمني في غزة، إسلام شهوان، لـ"العربي الجديد"، أنّ المطلوب من غزة الكثير، عبر تعزيز التعاون الأمني مع الجانب المصري، وأن تحاول منع عمليات التسلل من القطاع وإليه، وهو ما يجري فعلاً خلال السنوات الأخيرة، عبر ضبط الأجهزة الأمنية للحدود مع مصر. وأكّد شهوان أنّ الكثير من الأسماء التي جرى تداولها في الإعلام المصري، طيلة الفترة الماضية، على أنها مطلوبة للأجهزة الأمنية المصرية، ومسؤولة عن تنفيذ عمليات ضد أهداف مصرية، كانت لأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال، أو لأشخاص توفوا منذ سنوات. وبينّ أنّ لدى غزة القدرة على ضبط الحدود التي تربط القطاع مع مصر، بالإضافة إلى قدرة أجهزتها الأمنية على ملاحقة وتقديم أي شخص، متورط بالمساس بالأمن القومي المصري، إلى المحاكم والهيئات القضائية الموجودة في القطاع. ويرى شهوان أنّ زيارة الوفد الأمني إلى القاهرة أخيراً تعتبر دافعة جداً، خصوصاً وأنها كانت شفافة، وجرى خلالها تداول العديد من القضايا الأمنية والاتفاق على تعزيز التعاون عبر لجان مشتركة واستمرار اللقاءات. ولم يستبعد شهوان أنّ تشهد الفترة المقبلة الإعلان عن تشكيل بعض اللجان المشتركة بين القاهرة وغزة لضبط الحالة الأمنية، وإمكانية زيارة وفد أمني مصري إلى القطاع من أجل تعزيز التعاون المشترك في مختلف القضايا والملفات.
في هذه الأثناء، أشار الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الزيارات، على المستوى السياسي والأمني، من غزة إلى القاهرة، تأتي في إطار محاولة مصر استعادة دورها في الملف الفلسطيني، بعد التباعد بينها وبين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. وأوضح أنّ مصر تبعث برسائل للرئيس الفلسطيني عبر محاولة التقارب مع حركة "حماس"، أو استقبال تجار ورجال أعمال واقتصاديين من القطاع، كما جرى خلال الشهور الثلاثة الماضية عبر عقد لقاءات ومؤتمرات مشتركة. واستبعد أنّ تصل العلاقات بين حركة "حماس" والنظام المصري الحالي إلى مرحلة إقامة علاقات استراتيجية، كون الأولى تُعتبر جزءاً من تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يعتبر مطلوباً للنظام المصري، بالإضافة إلى العلاقات المميزة التي تربط الحركة بقطر، وهو ما ترفضه مصر حالياً. وأكّد أنّ العلاقات بين الطرفين، رغم الزيارات، ستبقى قائمة على أساس "المصلحة" فقط، خصوصاً وأن النظام المصري يقدم عدداً من المطالب الأمنية، ضمنها تسليم مطلوبين موجودين في غزة له، بالإضافة إلى طلبه التنسيق بشأن الأوضاع في سيناء.