غزة تتأهب لتصعيد جديد: انتهاكات الاحتلال ترفع إمكانية الانفجار

02 فبراير 2023
الاحتلال يهدم منزلاً في مخيم جنين، الثلاثاء (أنس جانلي/الأناضول)
+ الخط -

تعيش الأراضي الفلسطينية عموماً، وقطاع غزة على وجه الخصوص، هذه الأيام، حالة من الترقب والغضب، في ضوء تعاظم الانتهاكات الإسرائيلية على مختلف الساحات والجبهات من قبل حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة.

وعلى الرغم من زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للأراضي المحتلة، وقبلها مصر، إضافة إلى زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، ورئيس جهاز المخابرات الأردنية أحمد حسني لرام الله، أول من أمس الثلاثاء، وعقد اجتماعات مع القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، إلا أن عوامل التفجير تبدو قائمة.

 وبرز عصر أمس إعلان الجيش الإسرائيلي، رصد قذيفة صاروخية أطلقت من قطاع غزة تجاه "الأراضي الإسرائيلية، واعتراضها من قبل القبة الحديدية".

ومساء أمس، كشف مصدر قيادي في حركة الجهاد الإسلامي عن أن قيادة الحركة ردت بالموافقة على دعوة مصرية لزيارة القاهرة، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن الأمين العام للحركة زياد النخالة سيقود الوفد الذي سيتوجه للقاهرة خلال ساعات.

وبحسب المصدر القيادي، فإن الوفد سيضم، في تطور ملحوظ، قيادات بارزة بالجناح العسكري "سرايا القدس"، بهدف التشاور بشأن الأوضاع المتوترة في حالة الاستنفار بين الأجنحة المسلحة في قطاع غزة، تأهباً للرد على الانتهاكات التي تتعرض لها الأسيرات في سجون الاحتلال.

وعلمت "العربي الجديد" أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري وجهوا الدعوة لقيادة حركة "حماس" للاجتماع في القاهرة بهدف بحث التصورات الخاصة بالحفاظ على التهدئة في القطاع وعدم تسخين المشهد الملتهب في الضفة الغربية والقدس.

وأوضحت المصادر أن قيادة حركة الجهاد أبلغت الجانب المصري، بضرورة توافر ضمانات كافية لتحركاتها حتى يتسنى لها أن تحقق نتائج فعلية، مشددة على أنه لا تهاون من كافة الفصائل فيما يخص ملف الأسيرات.

ارتفاع وتيرة التصعيد

ومنذ تسلّم حكومة نتنياهو زمام الأمور في إسرائيل، ارتفعت وتيرة التصعيد كثيراً عبر الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى وعمليات الهدم في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، إلى جانب الاعتداء على الأسيرات أخيراً في السجون الإسرائيلية.

وإلى جانب ذلك، تضاف سلسلة القوانين التي تسعى الحكومة الحالية لإقرارها والمتمثلة بقانون إعدام الأسرى، إلى جانب قانون سحب الجنسية والمواطنة من منفذي العمليات وترحيلهم إلى الضفة الغربية المحتلة أو قطاع غزة.

وسعى الوسطاء خلال الأيام الماضية لإقناع الأطراف الفلسطينية على مستوى الضفة المحتلة والقطاع بالعودة إلى حالة الهدوء، وفسح المجال نحو الوساطات التي تقوم بها أطراف دولية، منها واشنطن وأطراف عربية مثل مصر والأردن.

في المقابل، ذكرت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، أن الفصائل الفلسطينية كثفت من اجتماعاتها خلال الأيام الأخيرة، ولا سيما بعد مجزرة جنين في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، وتدارست فيما بينها المشهد ككل وإمكانية الرد المستقبلي على مثل هذه الجرائم.

وبالتوازي مع ذلك، تلقت الفصائل، وتحديداً حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، اتصالات من الوسيط المصري بشأن ضبط المشهد في القطاع وفسح المجال أمام جهود المخابرات المصرية المبذولة لإعادة الهدوء على الساحة الفلسطينية.

ووسط المشهد القائم، ترتفع الأصوات الشعبية المطالبة بضرورة الرد على الجرائم الإسرائيلية والانتهاكات المتصاعدة، ولا سيما الاستفزازات التي يقوم بها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والتي لم تتوقف عند ملف محدد، وهي تتسع يومياً.


سهيل الهندي: "كتائب القسام" لا يمكنها أن تصمت طويلاً على ما يجري من انتهاكات

في الأثناء، أكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" سهيل الهندي، أن المنطقة تقترب من الانفجار في ظل السلوك الإسرائيلي الحالي غير المتزن والمتمثل بالانتهاكات بحق المسجد الأقصى والضفة والأسرى والأسيرات.

وأضاف الهندي في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن حركته وذراعها العسكرية "كتائب القسام" لا يمكنها أن تصمت طويلاً عمّا يجري من انتهاكات، وآخرها اعتداء مصلحة السجون الإسرائيلية على الأسيرات الفلسطينيات.

وبحسب عضو المكتب السياسي في "حماس"، فإن عوامل التفجير الموجودة ترتفع حدتها ووتيرتها يومياً، وهو أمر سيُسهم في انفجار الأوضاع على مستوى الضفة والقدس والداخل المحتل عام 1948، بالإضافة إلى القطاع.

وتابع: "نحن لا نسعى لحرب جديدة في غزة، لكن إذا فرضت هذه الحرب، فسيرى الاحتلال الإسرائيلي من المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام ما يسوء وجهه، ونحن جاهزون للدفاع عن الشعب الفلسطيني، فالمقاومة رافعة لكل الساحات والجبهات".

في السياق نفسه، قال مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي داود شهاب، إن الحكومة الإسرائيلية تسعى لفرض واقع جديد في مدينة القدس والمسجد الأقصى، ولديها قرار بتنفيذ مخططات الضم المتدرج للضفة الغربية.

وشدّد شهاب في حديث مع "العربي الجديد"، على أن هذا الوضع لا يمكن أن يقبل به الشعب الفلسطيني، ما يعني أن الانفجار بات حتمياً، خصوصاً إذا استمرت الاقتحامات في المسجد الأقصى، ونفذت قرارات إخلاء الخان الأحمر أو حيّ الشيخ جراح. وأضاف شهاب أن "التضييق على الأسرى والأسيرات داخل السجون يُعتبر من بين العوامل التي قد تقود إلى تفجر الأوضاع، كل ذلك يمكن أن يتلخص في جملة واحدة وهي أننا نقف على برميل بارود يمكن أن ينفجر في أي لحظة".

ووفقاً للمسؤول في "الجهاد الإسلامي"، فإنه "ما لم يُكبَح جماح هذه الحكومة الإسرائيلية وتوقَف كل هذه الإجراءات والانتهاكات التي تمسّ بالضفة والقدس والأسرى، فإن المنطقة ستكون أمام مواجهة حتمية لا محالة".


تيسير محيسن: ملفا الأسرى والأقصى قد يدفعان المنطقة إلى الصدام

وبشأن الوساطات، رأى شهاب أن أي وساطات لاحتواء التصعيد يجب أن تبدأ من نقطة وقف ممارسات حكومة الاحتلال، في الوقت الذي تتعاطى فيه المقاومة الفلسطينية مع كل الجهود التي من شأنها أن توقف العدوان الإسرائيلي.

أما عن الموقف في غزة، فذكر شهاب "أن قيادة المقاومة واحدة سواء في غزة أو الضفة، وكل تطور خاضع للتقييم والمتابعة"، مضيفاً: "المقاومة في غزة لن تتأخر عن المواجهة متى ما تطلّب الأمر ذلك، وهي على أتم جاهزية واستعداد".

ملفا الأسرى والأقصى يدفعان إلى الصدام

إلى ذلك، اعتبر الكاتب تيسير محيسن، أن الأمر متعلق بالأساس في قدرة نتنياهو على إقناع حلفائه أمثال بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بالانعكاسات السلبية لمنهجية تعاملهم مع الشعب الفلسطيني والمقدسات وكل المكون الفلسطيني.

وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن الأوضاع تأخذ شيئاً من الاستقرار النسبي والانتظار النسبي مع وجود الوسطاء والشركاء السياسيين، لكنّ ثمة نقطتين مهمتين قد تدفعان المنطقة إلى صدام قد لا يقتصر على حدود الأراضي الفلسطينية.

وبحسب محيسن، فإن النقطة الأولى متعلقة بملف الأسرى والاعتداء الأخير على الأسيرات الفلسطينيات، ولا سيما أن هذا الملف خط أحمر بالنسبة إلى فصائل المقاومة. أما النقطة الثانية، فمتصلة بملف الأقصى وإصرار بن غفير على مواصلة الاقتحامات وترسيمها وتوسيع رقعتها بشكل استفزازي.

وشدّد على أن هذه السلوكات لن تمكّن أي وسيط دولي أو غير دولي من احتواء الحالة، ولا سيما أن المساس بالأقصى سيفجر الأوضاع على صعيد المنطقة العربية، وسيقود إلى حالة من التصعيد في المنطقة.

ووفقاً لمحيسن، فإن نتنياهو واقع بين مسارين، أولهما عدم الانجرار وراء بن غفير وسموتريتش، وفي الوقت نفسه يدرك أن عدم تلبية مطالبهما سيؤدي إلى انفراط عقد الحكومة في الوقت الذي يسعى هو لمواصلة خطته الاستراتيجية بتوسعة التطبيع.

ورأى أن أي حدث كبير من شأنه أن يشعل المنطقة وقد يؤدي إلى ردّ فعل قوي من قبل الفصائل الفلسطينية، إن تكرر اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى أو اتخذ إجراءات أكثر حدة ضد الأسرى في السجون، أو ارتكب مجزرة مشابهة لما جرى في جنين.