يناقش مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، الأحد، في السعودية إيصال المساعدات إلى السودان مع ممثلين للجيش و"قوات الدعم السريع"، الذين يتفاوضون أيضاً بشأن هدنة جديدة بعد ثلاثة أسابيع من القتال العنيف.
وقالت المتحدثة إري كانيكو، لوكالة "فرانس برس"، إن غريفيث "في جدة حالياً وهدف زيارته بحث القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان".
وكان المسؤول الأممي قد دعا، الأربعاء، إلى تقديم "التزامات محددة" للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وإخراج المدنيين من مرمى النيران.
وأعلن الأميركيون والسعوديون أن طرفي النزاع يتفاوضان في السعودية على هدنة جديدة.
لكن الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و"قوات الدعم السريع"، التي يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لم يدليا بأي معلومات عن المناقشات بين مبعوثيهما.
واكتفى المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبد الله بالقول إن "وفد الجيش لن يتحدث إلا عن الهدنة وكيفية تنفيذها بالشكل المناسب لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية".
من جهته، شكر قائد "قوات الدعم السريع" السعودية "لاستضافتها هذه المحادثات".
ورحبت آلية ثلاثية دولية تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و"الهيئة الحكومية للتنمية" (إيغاد) في بيان بهذا التطور السياسي.
وعبّرت عن أملها في أن "تسفر المحادثات التقنية بين ممثلي الطرفين في جدة عن تفاهمات تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار"، مؤكدة أن ذلك "يتيح تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين الذين يجب أن تظل حمايتهم مسألة ذات أهمية قصوى".
وخلال اجتماع طارئ، الأحد، لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة تطرق إلى تطورات الملف السوداني، قال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، إن المفاوضات بين طرفي النزاع "تستحق الدعم، وأكرر مناشدتي التمسك بهذه الفرصة".
وحذّر أبو الغيط من أن يتحول الصراع الحالي إلى "جولة أولى في حرب تقسّم السودان إلى أقاليم متناحرة، وتجعل منه ساحة لمعارك تهدد وجوده".
وقبيل الاجتماع، تلقى أبو الغيط رسالة من القوى المدنية في السودان طلبت منه فيها "التواصل الفوري مع قيادات القوات المسلحة والدعم السريع لحثهما على وقف القتال كأولوية رئيسية".
تواصل القتال
منذ اندلاع المواجهات في 15 إبريل/ نيسان، تشهد العاصمة الخرطوم حالة من الفوضى ناجمة عن المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وشهد حيّ الصحافة جنوبيّ الخرطوم اشتباكات بين الجانبين، الأحد، كما ذكر شاهد عيان لوكالة فرانس برس.
وأدت المعارك المستمرة منذ 22 يوماً إلى سقوط 700 قتيل وخمسة آلاف جريح، بحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، فضلاً عن نزوح 335 ألف شخص ولجوء 115 ألفاً إلى الدول المجاورة.
وفي اجتماع الجامعة العربية، الأحد، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري استقبال مصر "منذ بداية الأزمة أكثر من 57 ألفاً من الأشقاء السودانيين، فضلاً عن مساهمتها في إجلاء أكثر من أربعة آلاف مواطن أجنبي".
وأعلنت القاهرة أن شكري سيزور، الاثنين، تشاد وجنوب السودان المتاخمتين للسودان.
كذلك فرّ آلاف الأشخاص إلى إثيوبيا المجاورة، ومعظمهم من رعايا دول ثالثة.
وقال سلام كنوش، وهو لاجئ سوري، لوكالة فرانس برس في بلدة ميتيما الإثيوبية الحدودية: "هذه هي الحرب الثانية التي أهرب منها".
يقطع الفارون طرقاً محفوفة بالمخاطر، وتقول اللاجئة الإريترية سارة: "سلامتنا وحياتنا تأتي أولاً".
وأجبرت المعارك أيضاً عدداً كبيراً من المواطنين على البقاء في منازلهم، حيث يعانون من انقطاع المياه والكهرباء، ومن نقص مخزون الطعام والمال.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قد رحّب في تغريدة على تويتر السبت "بوجود ممثلين من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في مدينة جدة، للحوار حول الأوضاع في وطنهم".
وأضاف: "نأمل أن يقود هذا الحوار إلى إنهاء الصراع وانطلاق العملية السياسية وعودة الأمن والاستقرار إلى جمهورية السودان".
نرحب اليوم بوجود ممثلين من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في مدينة جدة، للحوار حول الأوضاع في وطنهم.
— فيصل بن فرحان (@FaisalbinFarhan) May 6, 2023
ونأمل أن يقود هذا الحوار إلى إنهاء الصرع، وانطلاق العملية السياسية، وعودة الأمن والاستقرار إلى جمهورية السودان.
وكانت واشنطن والرياض قد أعلنتا، ليل الجمعة-السبت، "بدء محادثات أولية" في جدة بين طرفي الصراع وحضّتاهما على "الانخراط الجاد" فيها للتوصل إلى "وقف لإطلاق النار وإنهاء النزاع".
وتأتي هذه المحادثات بعد سلسلة من مبادرات إقليمية عربية، وأخرى أفريقية قامت بها خصوصاً دول شرق القارة عبر منظمة إيغاد، لكنها لم تثمر.
19 مليون سوداني يواجهون الجوع وسوء التغذية
مع استمرار المعارك، حذرت الأمم المتحدة الجمعة من إمكانية أن يعاني 19 مليون شخص من الجوع وسوء التغذية خلال الأشهر المقبلة.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة فرحان حق، الجمعة، إن برنامج الأغذية العالمي يتوقع "أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون فقداناً حاداً في الأمن الغذائي في السودان ما بين مليونين و2.5 مليون شخص".
ووفق تقرير البرنامج مطلع 2023، كان 16.8 مليوناً من إجمالي عدد السكان المقدّر بـ45 مليون نسمة، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن الولايات السودانية الأكثر تأثراً ستكون غرب دارفور وكردفان والنيل الأزرق وولاية البحر الأحمر وشمال دارفور.
ويعتقد خبراء أن الحرب قد تطول مع عدم قدرة أي من الطرفين على الحسم ميدانياً.
في إقليم دارفور الحدودي مع تشاد، حمل مدنيون السلاح للمشاركة في المعارك بين الجيش وقوات الدعم وقبائل متمردة، بحسب الأمم المتحدة.
وقال "المجلس النروجي للاجئين" إن حوالى 200 شخص قتلوا هناك.
كذلك أحرقت عشرات المنازل ونزح آلاف الأشخاص في الإقليم الذي سبق أن شهد حرباً دامية بدأت في 2003 أدت إلى مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون.
(فرانس برس)