روسيا تكثف غاراتها على البادية السورية وتتهم تركيا بتعطيل حركة المعابر

25 فبراير 2021
اشتباكات بين عناصر "داعش" ومليشيات تابعة للنظام (عبد المنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -

شنّت الطائرات الحربية الروسية المزيد من الغارات على مواقع مفترضة لتنظيم "داعش" في البادية السورية، وسط اشتباكات بين عناصر التنظيم ومليشيات تابعة للنظام في المنطقة، فيما يواصل النظام السوري وروسيا الترويج لفتح معابر مع مناطق سيطرة المعارضة شمال غربيّ البلاد، مع اتهامات لتركيا بتعطيل هذه المعابر.

وذكر الناشط خالد بهاء الدين، لـ"العربي الجديد"، أن الطائرات الحربية الروسية شنّت غارات عدة صباح اليوم الخميس على مناطق متفرقة في البادية السورية، دون معرفة نتائج هذه الغارات.

وقُتل أمس الأربعاء عدد من قوات النظام السوري ومليشيا "الدفاع الوطني" جراء هجوم لتنظيم "داعش" في مناطق متفرقة في باديتي حماة ودير الزور، فيما فُقد الاتصال بمجموعة من عناصر النظام.

وأضاف بهاء الدين أن عدداً من عناصر "الفرقة الرابعة" التابعة للنظام أصيبوا نتيجة انفجار في إحدى نقاطهم في ريف دير الزور، فيما عُثر على جثة مقطوعة الرأس لأحد عناصر الفرقة في منطقة العاقولة ببادية الميادين، وذلك بعد يوم مِن فقدان العنصر قرب نقطة محطة مياه "بقرص تحتاتي" التي تتخذها الفرقة موقعاً لها.

في السياق، أرسل "الفيلق الخامس" التابع لقوات النظام، والمدعوم من روسيا، دفعة تضمّ عشرات العناصر إلى إحدى القواعد الروسية في بادية السخنة بريف حمص.

ذكر الناشط خالد بهاء الدين، لـ"العربي الجديد"، أن الطائرات الحربية الروسية شنت غارات عدة صباح اليوم الخميس على مناطق متفرقة في البادية السورية، دون معرفة نتائج هذه الغارات

من جانبها، أعلنت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، أمس الأربعاء، القبض على 7 عناصر من تنظيم "داعش"، بريف دير الزور الشمالي. 

وذكر مركز التنسيق والعمليات العسكرية التابع لـ"قسد"، عبر حسابه على "تويتر"، أن عمليات الاعتقال جرت في قرية غريبة بريف دير الزور الشمالي بدعم من التحالف الدولي، مشيراً إلى ضبط كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة، إلى جانب المعدات الفنية بحوزتهم.

وفي شمال غرب البلاد، أصيب جندي تركي الليلة الماضية، ونُقل إلى النقطة الطبية الميدانية في المسطومة، جراء استهداف مجهولين لآلية مصفحة للقوات التركية، وذلك تزامناً مع انفجار عبوة ناسفة على الطريق الواصل بين معرة مصرين وبلدة كفريا بريف إدلب، فيما انتشرت قوات تركية مع عناصر الفصائل في المنطقة لتأمين الطرقات والبحث عن عبوات أخرى.

إلى ذلك، ما زال المدنيون في شرق إدلب يرفضون التحرك إلى مناطق سيطرة قوات النظام من خلال معبر سراقب الذي افتتحه النظام قبل 4 أيام، إضافة إلى معبري ميزناز جنوب غربي حلب وأبو الزندين قرب مدينة الباب شرقي حلب. 

وحسب وسائل إعلام النظام، فقد افتُتِح المعبر أمام المدنيين الراغبين في الخروج نحو مناطق سيطرة النظام، لكن لم تُسجَّل أي حالة خروج للمدنيين من مناطق سيطرة المعارضة باتجاه مناطق النظام حتى الآن، فيما وصفه ناشطون بأنه معبر "إعلامي" فقط.

أصيب جندي تركي تم نقله إلى النقطة الطبية الميدانية في المسطومة، جراء استهداف آلية مصفحة من قبل مجهولين، وذلك تزامنًا مع انفجار عبوة ناسفة على الطريق الواصل بين معرة مصرين وبلدة كفريا بريف إدلب

وفي السياق، حمّل مركز المصالحة الروسي في سورية الجانب التركي مسؤولية فشل خطة المعابر التي افتتحها لخروج المدنيين إلى مناطق سيطرة النظام، وهي خطة تلجأ إليها روسيا في كل عام لإيهام الرأي العام برغبة السكان في الخروج من مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، بينما الأخيرة تمنعهم من الخروج.

وقال "نائب رئيس المركز الروسي في سورية"، اللواء فياتشيسلاف سيتنيك، إن "مقاتلي التشكيلات المسلحة المتطرفة يعرقلون عمل نقاط التفتيش ويمنعون السكان المحليين من الانتقال إلى المناطق الخاضعة لسيطرة سلطات الدولة تحت التهديد باستخدام السلاح والاعتقال".

وأضاف سيتنيك، وفق وسائل إعلام روسية، أن "القوات المسلحة التركية غير قادرة على ضمان سلامة اللاجئين في ممرات الخروج في إدلب، الأمر الذي يفاقم أوضاع السكان المدنيين"، مطالباً القوات التركية الموجودة في إدلب بـ"التحلي بالنزاهة في الوفاء بالتزاماتها، وكذلك ضمان سلامة المدنيين الراغبين في استخدام المعابر"، بحسب تعبيره.

وكان بيان لفريق "منسقو الاستجابة" العامل في الشمال السوري قد أكد عدم خروج مدني إلى مناطق سيطرة النظام، مشيراً إلى عدم وجود أي تحركات للمدنيين باتجاه المنطقة التي افتُتِح المعبر بها.

ورأى الفريق أن "المساعي التي تبذلها روسيا لإخراج المدنيين من شمال غرب سورية إلى مناطق سيطرة النظام، ستواجه الفشل كما حصل في المرات السابقة، لأن أغلب قاطني الشمال السوري هم من المهجرين قسراً والنازحين الذين هجرتهم العمليات العسكرية الروسية وقوات النظام".

وفي جنوب البلاد، قُتل عنصر من الفصائل المحلية في السويداء، مساء أمس الأربعاء، جراء اشتباك مع أصحاب الأكشاك الذين يعملون في تجارة المخدرات وترويجها، وذلك بعد أن داهمت فصائل محافظة السويداء بعض تلك الأكشاك في محيط الملعب البلدي ودوار الباسل بمدينة السويداء، بهدف القبض على عصابات تمتهن ترويج المخدرات، لكن أصحاب الأكشاك المسلحين تصدوا لعناصر الفصائل، ودارت اشتباكات بين الجانبين، ما أدى إلى وقوع إصابات من الطرفين. 

وحسب شبكة "السويداء 24"، فإن "مجموعات من الفصائل المسلحة التي ينتمي أفرادها إلى عائلات المدينة، وترتبط بالأجهزة الأمنية، قررت في اجتماع، الأربعاء، إزالة الأكشاك لأشخاص من خارج المدينة، متهمين بترويج الحشيش والمخدرات"، وفق قولها.

قُتل عنصر من الفصائل المحلية في السويداء، مساء أمس الأربعاء، جراء اشتباك مع أصحاب الأكشاك الذين يعملون في تجارة المخدرات وترويجها، وذلك بعد أن داهمت فصائل محافظة السويداء بعض تلك الأكشاك

ويتهم ناشطون "حزب الله" اللبناني باستخدام محافظة السويداء كمحطة لتخزين الحشيش ونقله، بهدف تهريبه إلى الأردن.

إيران تتسلل إلى الحسكة

إلى ذلك، علم "العربي الجديد" من مصادر في الحسكة أن قوات النظام السوري استقدمت، بداية الأسبوع الحالي، قرابة 400 عنصر من مليشيا "فاطميون" الأفغانية، وصلوا عبر مطار القامشلي إلى المربع الأمني في مدينة الحسكة شمالي شرقي سورية، ووُزِّعوا على مقرات أمنية في مناطق سيطرته بالمدينة.

ومليشيا "فاطميون" تتبع مباشرةً لقيادة "الحرس الثوري الإيراني"، وتقاتل في سورية منذ عام 2014، ومعظم مقاتليها من الجنسية الأفغانية، بالإضافة إلى عناصر محلية.

وتعتبر محافظة الحسكة من المناطق التي كانت تكاد تخلو سابقاً من وجود علني للمليشيات الإيرانية، في ظل وجود قوات التحالف الدولي وسيطرة "قسد" على معظم مناطق المحافظة.

وفي هذا الصدد، قال الناشط الإعلامي بهزاد الكردي، في تصريح لموقع "العربي الجديد"، إن عناصر "فاطميون" خرجوا من المطار بزي عناصر قوات النظام ولم يرفعوا أي رايات، مضيفاً أن "فاطميون" بدأت باستقطاب عناصر "الدفاع الوطني" التابع للنظام، وأبناء العشائر العربية المقربين من النظام السوري، وبإغرائهم بالمال ورواتب تصل إلى 200 دولار شهرياً للانضمام إليهم.

وأوضح الناشط المقرب من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية أن المليشيات الإيرانية لا تستطيع التواجد علناً في المحافظة خوفاً من إثارة نقمة التحالف الدولي و"قسد"، لذلك لجأت عبر بوابة قوات النظام إلى الانتشار سراً، وتأسيس مليشيات وعناصر يدينون لها بالولاء، مضيفاً في الوقت ذاته أن توقيت التسلل الإيراني إلى الحسكة يتزامن مع تحركات أميركية وروسية أيضاً.

في السياق ذاته، لفتت مصادر في الحسكة، فضلت عدم ذكر اسمها، أن مليشيا "فاطميون" بدأت مع وصولها تجنيد شبان من القامشلي والحسكة، وأقامت معسكر تدريب في جبل كوكب جنوبي المحافظة، قبل عدة أيام.

وأوضحت أن المليشيات الإيرانية تسعى إلى خلق نفوذها والتمدد في المحافظة من خلال استغلال تهرب الشبان من التجنيد الإجباري في صفوف قوات النظام، وسوء أوضاعهم المادية، وذلك بطرح رواتب مغرية.

من جانب آخر، أكد الناشط أبو عمر البوكمالي، لـ"العربي الجديد"، أن العناصر التي وصلت تحمل اسم "الحوارث" بقيادة المكنى بـ"زين العابدين"، وهو شخص من ريف دمشق يتبع لـ"حزب الله" اللبناني، وفصيله يدعى "فاطميون"، وهو مختلف عن قيادة لواء "فاطميون" الأفغانية.

وقال الناشط إن قسماً من العناصر توجه إلى بلدة عين عيسى التي تشهد اشتباكات مع قوات المعارضة السورية، وأخرى إلى جبل كوكب جنوبي الحسكة.

ولفت المصدر إلى أن العناصر التي وصلت برفقة القيادي التابع لـ"حزب الله" هم من اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان ممن جُنِّدوا أخيراً في المخيمات من خلال الضغط عليهم أو إغرائهم بالعودة، مقابل وعود بعدم ملاحقتهم أمنياً وتقديم تسهيلات لهم.

المليشيات الإيرانية تسعى لخلق نفوذها والتمدد في المحافظة من خلال استغلال تهرب الشبان من التجنيد الإجباري في صفوف قوات النظام، وسوء أوضاعهم المادية، وذلك بطرح رواتب مغرية

وفي السياق، أفاد الناشط الإعلامي في المنطقة الشرقية صهيب اليعربي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، بأن إيران كلفت أخيراً المدعو "فايز النمس"، وهو من الشخصيات العشائرية المعروفة في المنطقة، باستمالة أبناء العشائر وتشكيل ما يُسمى "جيشاً عشائرياً" لطرد أميركا و"قسد" وتركيا من المنطقة.

وخلال الأسابيع الماضية، شهدت مناطق سيطرة النظام السوري في مدينتي القامشلي والحسكة حصاراً للمربعات الأمنية من قبل "قسد" استمر لقرابة 20 يوماً، وانتهى بوساطة روسية. فيما تواصل قوات التحالف الدولي تعزيز قواتها في المحافظة بآليات وقوات جديدة، كان آخرها دخول رتل عسكري يوم أمس الثلاثاء يضم 40 آلية تحمل مواد لوجستية ومدرعات عسكرية توجهت إلى مدينة القامشلي، بحسب مصادر محلية.

ويتزامن التمدد الإيراني في محافظة الحسكة مع تقارير إعلامية تفيد بانتشار المليشيات الموالية لطهران أخيراً في ريف حلب الشرقي وجنوب الرقة ومدينة تدمر بشكل أكبر، فيما يعتبر ريف دير الزور ومعظم الحدود السورية – العراقية مناطق نفوذ شبه خالصة لإيران.

المساهمون