يستمرّ الرئيس اللبناني ميشال عون في نفي الاتهامات التي توجه إليه بالتنازل عن حقوق لبنان في الحدود البحرية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، رافضاً في المقابل من بوابة "السرية" الإفصاح عن تفاصيل المفاوضات التي نقلها إلى طاولة قصر بعبدا الجمهوري والمقترحات الأميركية التي حملها الوسيط آموس هوكستين في زيارته الأخيرة والتي تلاها انقلاب لبناني مفاجئ على الخط 29 وتخلٍّ صريح عن 1430 كلم مربع.
ولفت عون، خلال لقائه اليوم الثلاثاء "المجمع الثقافي الجعفري للبحوث والدراسات الإسلامية وحوار الأديان"، إلى أن "ما يقال حول التنازل عن حقوق لبنان في الحدود البحرية ليس صحيحاً، لأن من يطلقونه غير ملمين بما دار في خلال النقاشات التي سوف تحفظ حقوق لبنان وثروته الطبيعية وهذا هو المهم".
وكان أول "المنتفضين الرسميين" على الرئيس عون ومن خلفه الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي والذين يتهمون بحياكة تسوية على حساب حقوق لبنان البحرية والنفطية رئيس الوفد اللبناني في المفاوضات التقنية غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي العميد الركن بسام ياسين.
وأكد ياسين في إطلالة عبر قناة "الجديد" المحلية بالوثائق والخرائط أن لبنان تنازل مجاناً عن ثروته النفطية لصالح العدو وحقق له ما يريد بضربة واحدة، لمجرد تصريح رئيس الجمهورية لجريدة "الأخبار" اللبنانية أن النقطة 23 هي حدود لبنان، كاشفاً في السياق بعض تفاصيل المفاوضات والتوجيهات التي كان يصرّ فيها الرئيس عون على التمسك بالخط 29، وذلك قبل تاريخ مقابلته الصحافية وجولة الوسيط الأميركي على المسؤولين السياسيين.
ورفض الرئيس اللبناني الإجابة عن طلب الدائرة القانونية لـ"مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام"، "إفادتها خطياً سنداً لقانون حق الوصول إلى المعلومات عن صحة التصريح المنسوب إلى رئيس الجمهورية في جريدة الأخبار في قضية ترسيم الحدود البحرية، وكذلك إفادتها عن السند القانوني المتذرع به الخاص بعدم إمكانية تعديل المرسوم الناظم للحدود البحرية رقم 6433 والذي يضمن رسمياً حقوق لبنان البحرية في هذا الشأن وما يتمخّض عن ذلك من منافع نفطية وثروة بحرية لا يمكن التفريط بها".
واستندت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بشكل أساسي في رفضها إلى أن "المفاوضات غير المباشرة الحاضرة، وإن كانت تتم تحت مظلة الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، إنما تُخاض بوجه العدو الصهيوني بما يحفظ الأمن القومي للبنان، الأمر الذي يتطلب إحاطة جميع الأعمال المتصلة بها بالسرية التامة حتى لا ينفذ العدو إليها ويستخدمها لتقوية موقفه بوجه لبنان".
وتبعاً لذلك، أعلنت الدائرة القانونية أنها ستضطر في ظل هذا الرفض التعسفي إلى ولوج باب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أو مراجعة قضاء العجلة مطلع الأسبوع المقبل في حال عدم الجواب، وذلكَ "لإرغام تلك الإدارة جبراً على التنفيذ في حال عدم رضوخها طوعاً لتزويد الدائرة القانونية للمجموعة بما هو حق مكرّس لها قانوناً في الحصول على معلومات ينجلي بوضوح منها أنها لا تنطوي إطلاقاً على فضحٍ لأسرار عملية الترسيم ولا تتعلق بالأمن القومي قط".
وترفض "قوى الثورة والتغيير" ما سمته "خيانة عظمى" يرتكبها المسؤولون بالتخلي عن 1430 كلم مربع، وربطاً عن ثروات تقدر بمئات مليارات الدولارات، معلنة بدورها تكليف لجنة من المحامين والخبراء والقانونيين بإعداد دعوى جزائية بحق كل من يتبين أنه فاعل أو متدخل أو مشارك في الجرائم التي تخالف الدستور أو الأنظمة المنصوص عنها في قانون العقوبات والمناقضة للاتفاقات والمعاهدات الدولية تمهيداً لتقديمها أمام المحاكم والمراجع الدولية والوطنية في حال إصرار المسؤولين على مواقفهم.
وقدم المؤرخ والباحث في قضايا ترسيم الحدود عصام خليفة أمس مداخلة في مؤتمر عقدته "قوى الثورة والتغيير" بعنوان "الخط 29 خط أحمر والتنازل عنه خيانة عظمى"، مؤكداً أن "الخط 23 غير علمي وغير قانوني".
وتحدث خليفة عن قدرات الوفد اللبناني الذي "فاجأ الإسرائيليين والأميركيين بقوة الحجج التي قدمها دفاعاً عن الخط 29 وكان في أدائه ينسجم مع توجيهات القيادة العسكرية من جهة وتوجيهات رئيس الجمهورية من جهة أخرى، مع العلم أن رئيس البرلمان نبيه بري كان يفاوض بين خط هوف والخط 23".
على صعيد الملف الانتخابي، أعلن وزير الداخلية الأسبق النائب نهاد المشنوق (مدعى عليه بقضية انفجار مرفأ بيروت) عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية التي ستُجرى في مايو/ أيار المقبل، معتبراً أنه "آن الأوان كي يأخذ الشباب فرصتهم"، مع الإشارة إلى أن المشنوق الذي خرج من عباءة تيار المستقبل كان من بين الأسماء التي وضعت في خانة الطامحة لخلافة سعد الحريري "سنياً" بعد تعليق عمله في الحياة السياسية.
وقال المشنوق، خلال قراءة لمشواره السياسي، إنه "لا قيامة لوطن في ظل السلاح غير الشرعي وفي ظل الاحتلال الإيراني للقرار السياسي والعسكري".
وأضاف المشنوق، الذي يتهم بعرقلة التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، بفعل الدعاوى التي يتقدم بها وكذلك المدعى عليهم السياسيين للإطاحة بالمحقق العدلي القاضي طارق البيطار "من واجبي الاعتراف بأنني أنتمي إلى مجموعة سياسية تحرجها الإدانة من الشباب الذي انتفض دفاعاً عن كرامته وحقه بحياة أفضل".
من جهتها، كررت دار الفتوى، في بيان اليوم، أنها لا تتدخل في العملية الانتخابية ولا تدعم مرشحاً على حساب آخر، ولا تدعم لائحة على أخرى بل سيتم التعاطي بهذا الاستحقاق بكل مسؤولية وطنية جامعة تنحصر في التوجيه نحو اختيار الأفضل لمشروع بناء الدولة ومؤسساتها وتمتين وحدة الصف الإسلامي على أسس وطنية.