عون يعلن موافقة لبنان على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل

13 أكتوبر 2022
وصف عون الاتفاق بـ"الإنجاز التاريخي" (تويتر)
+ الخط -

أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون "موافقة لبنان على اعتماد الصيغة النهائية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل بانتظار توقيع النصوص اللازمة من الجانب الأميركي والجانب الإسرائيلي وفقاً للآلية المعتمدة في الاتفاق".

وأكد عون أن الاتفاقية غير المباشرة تتجاوب مع المطالب اللبنانية وتحفظ حقوق البلد كاملةً، مشدداً في المقابل، على أن لبنان لم يتنازل عن كيلومتر واحد لإسرائيل.

وتوقف عون في كلمة توجه بها إلى اللبنانيين، مساء الخميس، عند أبرز بنود الاتفاق الذي وصفه بـ"الإنجاز التاريخي"، حيث "تمكن لبنان من استعادة 860 كيلومتراً مربعاً كانت موضع نزاع، كما الاستحصال على كامل حقل قانا من دون أي تعويض يُدفَع من قبل لبنان على الرغم من عدم وجود كامل حقل قانا في المياه اللبنانية"، على حدّ تعبير الرئيس اللبناني.

وأكد عون أن "حدودنا لم تمسّ، ولم يعترف لبنان بخط الطفافات الذي استحدثته إسرائيل عام 2000، ولم يقم أي تطبيع مع إسرائيل ولم تعد أي محادثات أو اتفاقيات مباشرة معها"، مشيراً إلى أن التعويضات التي طالبت بها إسرائيل عن قسم من حقل قانا الواقع في المياه المحتلة، ستنالها من شركة توتال الفرنسية، من دون أن يؤثر ذلك على العقد الموقع بين لبنان و"توتال".

وكشف أن "الاتفاق ينص على كيفية حل أي خلافات في المستقبل، أو في حال ظهور أي مكمن نفطي آخر مشترك على جانبي الحدود، ما يضفي طمأنينة وشعوراً أقوى بالاستقرار على طرفي الحدود".

وأوضح الرئيس عون أن الخطوة التالية "يجب أن تكون التوجه إلى عقد محادثات مع سورية لحل المنطقة المتنازع عليها معها وهي تزيد عن 900 كيلومتر مربع، وذلك عن طريق التباحث الأخوي. كذلك تنبغي مراجعة الحدود المرسومة مع قبرص وتقرير ما يتوجب القيام به مستقبلاً".

وتابع عون: "على الرغم من العراقيل الداخلية التي برزت في ملف النفط والغاز، وعلى الرغم من الضغوط الخارجية التي مورست علينا لمنعـنا من الاستفادة من ثروتنا الغازية والنفطية، فقد أصبح لبنان بلداً نفطياً، وما كان رواية أو حلماً بات اليوم حقيقة بفعل ثباتـنا بمواقـفنا وتضامننا وتمسكنا بحقوقنا، وتكرس ذلك بالقوانين والمراسيم والمسوحات والتلزيم والعقود والتنقيب الذي بدأ".

ولفت إلى أنه "في الآتي من الأيام، سيكون على شركة توتال أن تبدأ أعمال التنقيب في حقل قانا كما وعدت، لنعوض السنوات التي مضت من دون أن نتمكن من استخراج النفط والغاز، في وقت كانت إسرائيل تواصل عمليات التنقيب والاستخراج، ما أحدث خللاً في الموازين النفطية".

واستعرض عون المراحل التي قطعها مسار ملف الترسيم منذ العام 2010 وحتى اليوم، وقال "توالى عدد من الوسطاء الأميركيين من دون الوصول إلى صيغة يقبل بها لبنان، إلى أن تولى الوسيط عاموس هوكشتاين المهمة".

وأضاف: "استؤنفت المفاوضات بين 11 أغسطس/آب 2021 و10 أكتوبر/تشرين الأول 2022، حين تم التوصل إلى اتفاق غير مباشر حافظ خلاله لبنان على حدوده المعلنة بالمرسوم 6433 من العام 2011 أي الخط 23، وعلى كامل بلوكاته، إضافة إلى حقل قانا كاملاً من دون المسّ بحصة لبنان فيه بحسب العقد الموقع مع المشغل الدولي، إضافة إلى ضمانات أميركية وفرنسية بالاستئناف الفوري للأنشطة البترولية في المياه البحرية اللبنانية".

تجدر الإشارة هنا إلى أن لبنان تخلى عن مطالبته بالخط 29 بالتزامن مع حركة الوسيط الأميركي هوكشتاين، وأقفل عون الباب عليه نهائياً، إلى جانب المسؤولين السياسيين المعنيين، ما عرضهم لانتقادات من خبراء نفطيين وعسكريين، أكد بعضهم التحرك قضائياً بوجه ما اعتبروه "خيانة عظمى"، نظراً للتنازل الكبير الذي حصل وعدم توقيع لبنان تعديل المرسوم 6433 الذي كان من شأنه أن يمنح لبنان مساحات بحرية إضافية وبالتالي أرباحاً بمليارات الدولارات.

وكان الجيش اللبناني أودع وزارة الدفاع اللبنانية كتاباً برقم 2320 بتاريخ 4/3/2021، يتضمن لوائح إحداثيات الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للمناطق البحرية اللبنانية، إذ تبين أن مساحة إضافية تعود إلى لبنان، مما يقضي بتعديل الإحداثيات التي تناولها المرسوم رقم 6433/2011، وقد وقعه وزير الأشغال السابق ميشال نجار، قبل أن يتقاذفه المسؤولون السياسيون ويتذرعوا بالصلاحيات، لينتهي الأمر بعدم توقيعه من قبل الرئيس عون.

وكان الوفد اللبناني المفاوض في الناقورة يخوض المفاوضات التقنية غير المباشرة التي انطلقت في أكتوبر 2020، واستمرت لخمس جولات، وبتوجيهات من عون على أساس الخط 29، وذلك قبل أن ينتهي دوره، وينتفض رئيسه العميد المتقاعد بسام ياسين معترضاً على اعتراف لبنان بالخط 23 والتنازل عن الخط 29، ومن ثم يحل مكانه المفاوضون السياسيون.

وشدد الوفد اللبناني المفاوض خلال جلسة نقاش على أهمية تعديل المرسوم رقم 6433 تاريخ 1/10/2011، المتعلق بتعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، لما فيه من مصلحة وطنية وبُعد استراتيجي يعيد الحقوق ويضع في يد الدولة اللبنانية، والوفد المفاوض، ورقة رابحة تساعده في المفاوضات غير المباشرة للتوصل إلى حل عادل لمسألة النزاع الحدودي البحري اللبناني الإسرائيلي، علماً أن هذا التعديل كان من شأنه أن يعطي لبنان إضافة إلى حقل قانا، جزءاً من حقل كاريش.

وفي إطار كلمة الرئيس اللبناني، فقد أشار إلى أن "حقول النفط 8 و9 و10 في المنطقة الاقتصادية الخالصة، كانت مهددة، إلا أننا استطعنا بفضل الاتفاق، أن نحافظ عليها ونحميها وسوف نستثمرها بالكامل، لا بل إن مسار التنقيب سيفتح أبواباً في مكامن نفطية جديدة، ويوفر الفرص لشركات أخرى للمساهمة في عمليات التنقيب والاستخراج، ما يعيد الثقة بوطننا ويعزز الأمل بنهوض اقتصادنا من جديد من الهاوية التي أسقـط فيها".

وتوقف عون عند الجهود الأميركية، موجهاً الشكر للولايات المتحدة، كما و"فرنسا التي تابعت المفاوضات ولا سيما مع شركة توتال، والأمم المتحدة التي استضافت جزءاً من المفاوضات في الناقورة، والتي ستستضيف عملية الانهاء اللازم للمفاوضات، وكل الدول التي وقفت إلى جانب الحق اللبناني ودعمته، مقدّراً خصوصاً دولة قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للاهتمام الذي أبدته بالاستثمار في لبنان لتعزيز الاستقرار فيه".

 

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرّت أمس مبادئ اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وسط التأكيد على أهميته للأمن القومي الإسرائيلي، كما أقرت عرضه على الكنيست مدة 14 يوماً لإطلاع نوابه على بنوده وتفاصيله، قبل إقراره من الحكومة من دون طلب التصويت عليه.

المساهمون