عن الرصيف البحري الأميركي المريب

11 مارس 2024
رفح، في ديسمبر الماضي (عبد زقوت/الأناضول)
+ الخط -

يثير القرار الأميركي إنشاء رصيف بحري مؤقت قبالة غزة الكثير من الريبة والشك. أساساً لأن كل ما تفكر فيه الولايات المتحدة تجاه الفلسطينيين والعرب وكل المضطهدين في العالم، يثير الريبة والشك ولا يأتي من ورائه أي خير، وهذا ما أثبتته تجارب عقود من الزمن.

ثم إن هذه الصحوة الأميركية الإنسانية المتأخرة، بإنزال جوي للمساعدات وإنشاء الرصيف البحري تبدو غريبة جداً، ولا شك في أنها أثارت لدى المقاومة الفلسطينية كل الأسئلة المنطقية حولها، أمنياً وعسكرياً واستخباراتياً وسياسياً.

وبكثير من التباهي والعنجهية والإنسانية الزائفة، يأمر الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال جلسة مشتركة للكونغرس، بتوجيه الجيش الأميركي لقيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف مؤقت في البحر الأبيض المتوسط، قبالة ساحل غزة، يمكنه استقبال سفن كبيرة محمّلة بالغذاء والماء والدواء والملاجئ المؤقتة.

وتثير مسألة الملاجئ المؤقتة أسئلة كثيرة، ولكن السؤال الأكبر: ماذا يمكن أن نأمل من قرار أميركي بعدما قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، إنه "ينسق مع الولايات المتحدة الأميركية لإنشاء رصيف بحري عائم لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة". وأضاف أن "المساعدات ستدخل عبر الرصيف البحري العائم بعد خضوعها لتفتيش إسرائيلي كامل".

هل يمكن أن يغنم أي بشر في هذه الأرض، والفلسطيني تحديداً، أي شيء من تنسيق أميركي إسرائيلي؟ كيف يمكن أن ننتظر شيئاً من الولايات المتحدة، نحن العرب، ونحن نتذكر قول المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي: "يمكن إنهاء الحرب الآن إذا ألقت حماس سلاحها وسلّمت جميع المسؤولين عن هجمات 7 أكتوبر". وتابع كيربي خلال مؤتمر صحافي سابق: "نحن لا نملي شروطاً على إسرائيل بشأن مدة الحرب، لكننا نريدها أن تنهيها في أقرب وقت ممكن". وقال كيربي أخيراً إن "إسرائيل تفاوضت بحسن نيّة، والكرة حالياً في ملعب حركة حماس، ونحن نحثّها على القبول بالاتفاق المطروح على الطاولة".

من المؤكد أن قيادة المقاومة التي خبِرت الأميركيين والإسرائيليين، والعرب أيضاً، تدرك خطورة كل ما يطرح عليها من مقترحات مسمومة وفخاخ بغية توريطها بأي شكل وتحويل الهزيمة المدوية للمعسكر الغربي في هذه الحرب إلى انتصار على أنقاض الدمار.

ولنتذكر باستمرار أن الجيش الإسرائيلي الأميركي لم يحرر أسيراً بالقوة، ولم ينهِ المقاومة كما كان يأمل، ويريد أن يأخذ بالسياسة ما عجز عنه في الميدان، كما قال القيادي في "حماس" أسامة حمدان، ولكنه فقط يقتل النساء والأطفال. هذا الرصيف البحري مريب، وكل المساعدات والأفكار والمبادرات الأميركية، شوكولاتة مسمومة، علينا أن نحذر منها.

المساهمون