عملية عسكرية للنظام في البادية السورية ضد "داعش" بدعم روسي

07 يونيو 2024
أفراد من النظام السوري في حلب، 7 سبتمبر 2022 (عمر الديري/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قوات النظام السوري والدعم الجوي الروسي يطلقون عملية عسكرية واسعة في البادية السورية لملاحقة "داعش"، استجابة لزيادة هجمات التنظيم.
- "داعش" يحافظ على نفوذه في البادية السورية والعراقية، مستغلًا ضعف قوات النظام والتضاريس، ويستهدف قوات النظام والمدنيين لاستنزافهم ومنع نقل المعلومات.
- القوات السورية والروسية تواصل جهودها لتطهير البادية من "داعش" عبر تعزيزات وضربات جوية، رغم الخسائر السابقة واتهامات لقوات التحالف الدولي بتسهيل حركة التنظيم.

أطلقت قوات النظام السوري أمس الخميس عملية عسكرية وصفتها بـ"الواسعة" في البادية السورية بحثاً عن عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، الذين صعدوا بشكل لافت مؤخراً من عملياتهم ضد قوات النظام والمليشيات التي تقاتل إلى جانبها. وذكرت وسائل إعلام موالية للنظام أن العملية تشمل ثمانية محاور، وهدفها "تطهير البادية السورية وصولاً إلى منطقة التنف بريف الرقة من فلول تنظيم داعش". وأشارت إلى أنها تتم بدعم جوي مكثف من سلاح الطيران الروسي، وتعد "من أكبر الحملات العسكرية في منطقة البادية بعد حملة تحرير محافظة دير الزور من سيطرة داعش قبل نحو 6 سنوات".

ويرى الباحث محمد الراشد أن لتنظيم "داعش" اليد الطولى في البادية السورية، حيث يتمركز فيها منذ سنوات، فضلاً عن تمركزه في البادية العراقية، بينما قوات النظام تتبدل، وأغلب عناصرها من المجندين محدودي الخبرة، وممن لم يختبروا العيش والتحرك في الظروف القاسية للبوادي. وأوضح في حديث مع "العربي الجديد" أن "الهجمات السريعة والمباغتة لعناصر داعش تجعل قوات النظام فريسة سهلة، خاصة في ظل عدم وجود غطاء جوي فعال ومستدام لتحرك تلك القوات التي كثيراً ما تُفاجَأ بالكمائن، من دون قدرة قوات النظام على تقديم مؤازرات فعالة في الوقت المناسب".

وأضاف الراشد: "تموضع عناصر داعش في مناطق حساسة يتيح لهم كشف جميع الطرق بشكل جيد وشن الهجمات ونصب الكمائن، بهدف استنزاف قوات النظام، وقطع طرق إمداداته"، معرباً عن اعتقاده بأن بعض الهجمات على الرعاة وجامعي الكمأة يقف خلفها التنظيم بهدف إبعاد أية مجموعات قد تنقل معلومات عن تحركاته إلى قوات النظام.

خسائر كبيرة

وكانت قوات النظام السوري أوقفت مطلع الشهر الجاري عملياتها العسكرية في البادية السورية رغم عدم تحقيق أهدافها، بسبب الخسائر الكبيرة التي منيت بها على يد خلايا "داعش". وقال الناشط أبو عمر البوكمالي المقيم في دير الزور لـ"العربي الجديد" إن قوات النظام أوقفت عملياتها المتفرقة في البادية، وبدأت بحشد تعزيزات وتنظيم صفوفها استعداداً للعملية الكبيرة التي بدأت يوم أمس، وذلك بعد تصاعد هجمات خلايا التنظيم بشكل ملحوظ.

في السياق، نشر حساب "المرصد أبو أمين 80" على منصة "إكس" شريطاً اليوم الجمعة، قال من خلاله إن قوات النظام تواصل إرسال تعزيزات وأرتال الفرقة 25 مهام خاصة من أفواج (الطراميح - الحيدر - الظريف -الطه -الرحال) إلى البادية للمشاركة في حملة تمشيط البادية. وفي منشور سابق، قال إن قوات النظام سحبت عدداً من الألوية المنتشرة على محاور ريفي إدلب، وحلب الغربي، من عدة تشكيلات تمتلك خبرة قتالية عالية، لنقلها إلى البادية.

وأضاف أبو عمر البوكمالي أن حملات النظام العسكرية السابقة في البادية السورية باءت معظمها بالفشل بسبب طبيعة المنطقة الجغرافية التي تمكن عناصر التنظيم من التنقل والتخفي بسهولة، فضلاً عن المساحة الشاسعة للمنطقة وقلة خبرة قوات النظام والقوات المساندة في التحرك بها. وأوضح أن التنظيم منذ أن خسر آخر مواقعه في الباغوز بريف دير الزور عام 2019، يجهز نفسه للعودة بأساليب جديدة تقوم على الانتشار في البادية المترامية الأطراف، ونصب كمائن لقوات النظام والمليشيات على الطرقات الرئيسية وفي محيطها. وتبلغ مساحة البادية السورية نحو 80 ألف كيلومتر مربع، تتوزع على عدة محافظات سورية، هي دير الزور وحمص وحماة والرقة وحلب وحماة.

مناطق صعبة في البادية السورية

في الأثناء، نقلت وسائل إعلام النظام عن مصادر عسكرية قولها إن العملية "بدأت منذ ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس من 8 محاور أساسية من منطقة الرصافة بمحافظة الرقة وأثريا بريف حماة والشيخ هلال بريف حلب"، موضحة أنه "جرى تنفيذ ضربات جوية مركزة عبر صواريخ استراتيجية استهدفت مقرات المجموعات المسلحة من فلول داعش في عمق البادية السورية". وزعمت تلك المصادر أن "عناصر داعش والمجموعات المسلحة الأخرى تعيش حالة من الصدمة، حيث جرى تدمير جميع مواقع المسلحين في الرصافة وزملة ومحيط حقل التوينان النفطي وقلعة الرصافة ومحيطها".

من جانبها، ذكرت وزارة الدفاع الروسية في إعلانين منفصلين أن سلاح الجو الروسي أغار على تسعة مواقع لمن وصفتهم بـ"الإرهابيين" في البادية السورية بين محافظتي حمص ودير الزور شرقي سورية. ونقلت وكالة الأنباء الروسية (تاس) عن نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سورية، الجنرال يوري بوبوف، اليوم الجمعة، قوله إن القوات الجوية الروسية شنت ضربات على أربعة مخابئ للمسلحين في مناطق جبلية يصعب الوصول إليها، مشيراً إلى أن المسلحين غادروا منطقة التنف ولجؤوا إلى مناطق يصعب الوصول إليها في سلسلة جبال العمور في محافظة حمص.

وأضاف بوبوف أن القوات الروسية بالاشتراك مع قوات النظام السوري تجري "عمليات استطلاع مشتركة" في المناطق الجبلية بمحافظات حمص والرقة ودير الزور. ووفق بيان لوزارة الدفاع الروسية اليوم الجمعة، فإن طائرات حربية روسية وأخرى سورية نفذت دوريات مشتركة في الأجواء السورية وتدربت على تنفيذ ضربات باعتبار ذلك جزءاً من تمرين مشترك. وأضافت عبر تطبيق "تيليغرام" أن طيارين روساً وسوريين أجروا دوريات جوية في الأجزاء الشرقية والجنوبية من سورية، وشنوا غارات جوية على أهداف في إحدى مناطق التدريب في البادية السورية.

وشهدت الأيام الأخيرة زيادة ملحوظة في عمليات تنظيم "داعش" ضد قوات النظام السوري والمليشيات العاملة معها، بالرغم من الضربات الجوية الروسية المتقطعة في المنطقة. وتتهم روسيا قوات التحالف الدولي المتمركزة في قاعدة التنف على مثلث الحدود السورية- العراقية- الأردنية بتقديم تسهيلات لعناصر "داعش" من أجل تنفيذ هجمات ضد قوات النظام في تلك المنطقة، وهو ما تنفيه قوات التحالف. وفي السياق، قال قائد الفرقة 25 "مهام خاصة" المدعومة من روسيا اللواء صالح العبد الله، إن قواته بدأت عملية عسكرية مشتركة ومناورات مع القوات الروسية، تستهدف "منع العدو الأميركي من تنفيذ هجمات في البادية السورية عبر تنظيم الدولة الإسلامية"، وفق تعبيره.

المساهمون