على الرغم من إعلان زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب "ييش عتيد" يئير لبيد منتصف الليلة قبل الماضية، نجاحه في تشكيل حكومة، إلا أنه ما زالت هناك الكثير من العوائق التي تعترض خروج هذه الحكومة إلى النور ومباشرة مهامها.
ولعلّ توافق الأحزاب المشاركة في الحكومة على برنامجها العام يمثل التحدي الأبرز الذي يعترض طريقها. فبعض الأحزاب المهمة التي يفترض أن تشارك في الحكومة الجديدة، لم توقع بعد على اتفاقات ائتلافية مع لبيد، تتضمن مطالبها على الصعيد الداخلي وآليات التعاطي مع الصراع مع الشعب الفلسطيني، والسياسات الخارجية وغيرها.
فمع أن حزب "يمينا" اليميني بقيادة نفتالي بينت، الذي يفترض أن يرأس الحكومة في العامين الأولين من عمرها، وافق على الانضمام إلى هذه الحكومة، إلا أنه لم يوقع بعد على اتفاق ائتلافي يتضمن شروطه. وهذا ينطبق أيضاً على حزب "تكفاه حدشاه" اليميني المتشدد برئاسة وزير الداخلية السابق جدعون ساعر، الذي انسحب من "الليكود" احتجاجاً على سلوك زعيم الحزب ورئيس الحكومة المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو.
فقد كشفت الإذاعة العبرية الرسمية "كان"، عن إصرار حزبي "يمينا" و"تكفاه حدشاه" على تضمين الاتفاق بنداً ينصّ على وجوب تمرير قانون يضفي شرعية على النقاط الاستيطانية التي دشنتها المنظمات اليهودية المتطرفة في أرجاء الضفة الغربية من دون إذن الحكومات الإسرائيلية. ويصرّ الحزبان على السماح بمواصلة البناء في المستوطنات القائمة، وتدشين مستوطنات جديدة. ويفترض أن يواجَه إصرار الحزبين على هذه البنود تحديداً باعتراض حركة "ميرتس" التي تمثل اليسار الصهيوني التي تعارض البناء في المستوطنات.
اللافت أيضاً أن كلاً من بينت وساعر، اللذين يدركان أن عمر الحكومة الجديدة سيكون قصيراً، سيستغلان وجودهما لتعزيز مكانتيهما لدى قواعد اليمين، عبر دفع هذه الحكومة إلى تبني سياسات بالغة التطرف بشأن الصراع، وضمن ذلك التصعيد ضد غزة، وهو ما يفترض أن يكون محرجاً للقائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس، الذي سيكون ضمن الائتلاف الحاكم.
في الوقت ذاته، فإن التوافق على بنود الاتفاق العام المتعلقة بطابع العلاقة بين الدين والدولة سيكون تحدياً كبيراً، على اعتبار أن الحكومة تضمّ "يمينا"، الذي يُعدّ من الأحزاب المحسوبة على التيار الصهيوني الديني وأحزاب علمانية، مثل "ييش عتيد" و"يسرائيل بيتينو".
وتُعدّ القضايا الاجتماعية الاقتصادية إحدى العقبات التي يتوجب على الفرقاء في الحكومة الجديدة التسلح بهامش مرونة كبيرة لتجاوز الخلافات بشأنها. فعلى سبيل المثال، أفيغدور ليبرمان، الذي سيتولى منصب وزير المالية في الحكومة الجديدة، يصرّ على تضمين برنامجها بنوداً تمسّ بمخصصات وموازنات دأبت الحكومات المتعاقبة على منحها للتيار الديني الحريدي، غير الممثل في الحكومة الحالية. وستواجَه محاولات ليبرمان هذه بمعارضة بينت وساعر، اللذين يدركان أنه بعد تفكك هذه الحكومة، سيكون من الصعب جداً تشكيل حكومة بدون مشاركة الأحزاب الحريدية، وهذا ما سيدفعهما للعمل على تمثيل مصالح الحريديم في الحكومة.
وإذا تم تجاوز الخلافات المتوقعة بشأن البرنامج العام للحكومة، فإن المعضلة الأخطر التي ستواجه الحكومة تتمثل في حصولها على دعم الكنيست عند التصويت بالثقة عليها بعد 12 يوماً. ومما يفاقم من خطورة هذا التحدي، حقيقة أن هذه الحكومة تحظى حالياً بدعم 61 نائباً فقط، مما يعني أنه في حال فقدت دعم أحد النواب، فإنها لن تحصل على الثقة وستسقط. ومما يزيد من فرص فشل الحكومة في الحصول على ثقة الكنيست في النهاية، حقيقة أن قناة "كان" كشفت الليلة الماضية عن أن النائب عن "يمينا" نير أورباخ، يدرس التصويت ضد الحكومة، وذلك إثر الضغوط الهائلة التي تمارسها عليه المرجعيات الدينية اليهودية.
ومما يدل على أن أورباخ ينوي المضي في رفضه التصويت لصالح الحكومة، حقيقة أنه رفض الأربعاء إرفاق توقيعه على لائحة تضم تواقيع نواب الائتلاف المتبلور، والمطالبة بعقد جلسة للكنيست يتم فيها انتخاب رئيس جديد للبرلمان خلفاً لليكودي يريف ليفين، على اعتبار الأحزاب المشاركة في الحكومة الجديدة تخشى أن يماطل ليفين في عقد جلسة لطرح الثقة عليها.
إلى جانب ذلك، فإن قرار نتنياهو استدعاء قادة الأحزاب المؤيدة له صباح اليوم، يدل على أنه سيشرع في حملة كبيرة لمنع حكومة بينت - لبيد من الحصول على ثقة الكنيست، عبر محاولة استمالة المزيد من النواب، تحديداً من حزبي "يمينا" و"تكفاه حدشاه".
كما أن نتنياهو يمكن أن يلجأ إلى تسخين إحدى ساحات المواجهة بغية فرض أجندة أمنية على الجدل العام الداخلي تتيح له خلط الأوراق. وقد نقلت قناة "12" الإسرائيلية عن مصادر عسكرية في تل أبيب مخاوفها من أن يقدم نتنياهو على مثل هذه الخطوة.
وفي هذا السياق، وفي أول تعليق له على إعلان المعارضة عن تشكيل حكومة، شدد نتنياهو، وفق "رويترز"، على أنه يجب على كل أعضاء الكنيست اليمينيين معارضة هذه الحكومة اليسارية الخطيرة.