تونس: عقبات أمام مرشحي الرئاسة لجمع التزكيات

19 يوليو 2024
مؤتمر صحافي حول نتائج رئاسيات تونس السابقة، 16 سبتمبر 2019 (الأناضول)
+ الخط -

تصاعد نسق حراك الانتخابات الرئاسية التونسية بمرور أول أسبوع على انطلاق عدد من مرشحي الرئاسة المحتملين في تجميع التزكيات الشعبية، في الوقت نفسه الذي يشتكي فيه المترشحون المعتقلون عدم تمكينهم من حقهم في ذلك، معتبرين أن هذه المرحلة دقيقة في غربلة عشرات الراغبين في الترشح وفي قياس مدى شعبيتهم واستعدادهم الميداني. ولم يبق سوى 10 أيام لفتح باب الترشيحات رسمياً في 29 يوليو/ تموز، فيما يغلق باب الترشح يوم 6 أغسطس/ آب، استعداداً للانتخابات الرئاسية في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
 
ويناهز عدد المترشحين المحتملين في الانتخابات الرئاسية التونسية 80 حتى اليوم، منهم 74 شخصاً سحبوا أنموذج التزكية الشعبية للترشح للانتخابات الرئاسية بحسب هيئة الانتخابات، فيما أعلن عدد من السياسيين والمترشحين المعتقلين والملاحقين نيتهم الترشح من دون أن يتمكنوا من الحصول على نموذج التزكية بسبب خلاف إجرائي مع هيئة الانتخابات التي تطالب بتفويض خاص في هذه المسألة، بينما اعتبر ممثلو المعتقلين أنه "تضييق وحرمان من الترشح من دون موجب قانوني لامتلاكهم توكيلات عامة".

الانتخابات الرئاسية التونسية.. المحاكمات لمنع الترشّح

ومن بين المترشحين المسجونين في الانتخابات الرئاسية التونسية، والذين لم ينطلقوا في جمع التزكيات، رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، والأمين العام الجمهوري عصام الشابي، الذي أعلن حزبه انسحابه من السباق، والأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي، الذي قضت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية في تونس بالسجن مدة ثمانية أشهر في حقه مع المنع من الترشح مدى الحياة، وذلك من أجل تهم تتعلق بتقديم عطايا نقدية من أجل التأثير على الناخب. 

وقالت إذاعة موزاييك الخاصة إن الدائرة المتعهدة قضت بالحكم السجني نفسه والغرامة المالية بألف دينار في حق مسؤولة بحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري وصاحب نيابة تأمين ومتهمين اثنين آخرين، مع عدم سماع الدعوى في حق متهم سادس أحيل بحالة سراح على ذمة القضية.

كما يكابد المرشح الملاحق قضائياً عبد اللطيف المكي، الأمين العام لحزب الإنجاز والعمل، صعوبات في جمع التزكيات بسبب وضعه قيد الإقامة الجبرية ومنعه من التصريح والظهور الإعلامي، بحسب ما أكده نائب الأمين العام للحزب أحمد النفاتي. وبيّن النفاتي لـ"العربي الجديد" أن "جمع التزكيات بمثابة تحدّ للحزب وعمل نضالي في ظل منع أمينه العام ومرشحه الرئاسي من مغادرة منطقة الوردية المحيطة بمنزله، وإلزامه عدم الظهور في الأماكن العامة لعقد لقاءات أو القيام بتصريحات أو مداخلات إعلامية". 

واشترطت الهيئة للترشح في الانتخابات الرئاسية التونسية 2024 تزكيات من 10 نواب من مجلس نواب الشعب، أو من المجلس الوطني للجھات والأقاليم، أو من 40 من رؤساء الجماعات المحلية المنتخبة المباشرين لمھامھم في فترة قبول الترشحات، وھم رؤساء المجالس المحلية أو الجھوية أو الإقليمية أو البلدية، أو من عشرة آلاف ناخب موزعين على عشر دوائر انتخابية على الأقل، ويجب ألا يقل عددھم عن 500 ناخب من كل دائرة منھا.

وتتفاوت حظوظ المترشحين المحتملين وقدراتهم في جمع التزكيات، فيبدو أن تزكيات نواب المجالس المنتخبة والمنبثقة عن مسار 25 يوليو ستبقى حصراً لداعمي هذا المسار، ومن ثم سيتجه غالبية المترشحين من المعارضة ومنتقدي حكم الرئيس قيس سعيد إلى الميدان لجمع التزكيات من الشارع الانتخابي. 

ورغم أن سعيد لم يعلن ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية التونسية بعد، غير أن طيفاً من مسانديه يرجحون ترشحه بمناسبة الذكرى الثالثة لـ25 يوليو لرمزية هذا الموعد لديه، وقبل أيام من فتح الترشحات رسمياً. ويرى مراقبون أن سعيد لن يواجه ضغوط  جمع التزكيات وصعوباتها نفسها إذا ما أعلن ترشحه، باعتبار أن جميع النواب في الغرفتين والجهات يتسابقون لدعمه. 

وأكد النائب في مجلس الجهات والأقاليم أسامة سحنون، في حديث للإذاعة الوطنية الرسمية، أن "التزكية للانتخابات الرئاسية يجب أن تكون لمن قام بمسار 25 يوليو"، قائلاً إنه "سياسياً وفي هذه المرحلة، وباعتباره نائباً، لا يمكنه إلا تزكية من قام بـ25 يوليو ودعمه ومساندته وتقديم التزكية له إن أراد"، وفق تعبيره.

وعبر النائب عن "شرفه بتزكية من قام وآمن بالمسار"، لافتاً إلى أن رئيس تونس قيس سعيد "إذا أراد القيام بتزكيات شعبية فله ذلك، وإذا أراد التوجه إلى إحدى الغرفتين فبصفتي نائباً لي الشرف بذلك"، بحسب قوله، مشدداً على أن "التزكية تكون لكل من قام وآمن بالمسار وليس للمعادين له''.

من جانب آخر، انطلق حزب حركة الشعب المساند لـ25 يوليو في تجميع التزكيات الشعبية لمرشحه الأمين العام زهير المغزاوي، رغم تمثيلها بعدد من النواب في البرلمان الحالي. وأكد المتحدث الرسمي باسم حركة الشعب، أسامة عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مسألة جمع التزكيات الشعبية هي مسألة تقليدية للمترشحين في الانتخابات الرئاسية"، مشدداً على أن انطلاق حركة الشعب في جمع تزكيات الناخبين الشعبية "لا تعني مطلقاً أنه لن يتم جمع تزكيات النواب واعتمادها، وهذا لا ينفي ذاك، وهو ما سيعلَنُ الأسبوع المقبل".

وحول مدى استعداد الحزب لذلك، شدد عويدات على أن "خيار جمع التزكيات الشعبية هو جهد نضالي لحزب له امتداد في 24 محافظة ولديه أكثر من 120 مكتباً محلياً، ومن ثم هو أمر تقليدي". وأكد المتحدث باسم حركة الشعب أن "ترشح زهير المغزاوي للانتخابات الرئاسية ترشح جدي وسيعلن البرنامج خلال الندوة الصحافية القادمة".

ويجد المترشحون المستقلون في الانتخابات الرئاسية التونسية غير المدعومين من الأحزاب في تونس صعوبات في جمع التزكيات لعدم تمثيلهم في مختلف المحافظات والجهات. وقال محمد الأندلسي، المكلف بجمع التزكيات الشعبية عن حملة المرشح صافي سعيد بمحافظة تونس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "نسق تجميع التزكيات في تصاعد وتحسن مقارنة بالأيام الأولى لانطلاقتها"، مبيناً أن "العملية تقوم على اللقاءات المباشرة بالناخبين لإقناعهم في الساحات والمقاهي".

وتابع الأندلسي أن "هناك تجاوباً من المواطنين، كما أن هناك تخوفاً من البعض الآخر أو رفضاً، والمسألة تقوم على الإقناع بأهمية هذه المرحلة والانتخابات وبرنامج المرشح"، مشدداً على أن "المؤشرات تبين أن فريق الحملة سيجمع العدد المطلوب مع بداية فترة تقديم الترشحات".

ونشر المرشح ذاكر لهيذب على صفحته في موقع فيسبوك تدوينة قال فيها: "وضع التزكيات قبل أسبوعين من غلق أبواب الترشحات.. الأرقام جيدة، لكنها لم تصل إلى الأهداف المرسومة"، داعياً "الراغبين في تغيير أوضاع البلاد إلى التزكية والانتخاب". وأشار إلى أن "المرشحين الذين لا يمتلكون إمكانيات مالية أو فرقاً متنقلة بالسيارات لا يمكنهم جمع التزكيات"، ومشدداً على عدم الخوف من التزكية، بحسب توصيفه.

 

المساهمون