في وقت تعبر إسبانيا مأزقا سياسيا داخليا ويتزايد توتر العلاقات مع المغرب، أثارت رحلة غير معلنة للقائم بأعمال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إلى المملكة المغربية موجة من الانتقادات والتساؤلات. وتأتي هذه الزيارة في ظل صراع سياسي داخلي يدور حول مستقبل الحكومة الإسبانية، مع تصاعد التوترات مع الجار الجنوبي لإسبانيا في قضايا مثل الهجرة والمجال الجوي والمياه الإقليمية.
من الملفت للنظر أن هذه العطلة تُعَد الأولى التي يقضيها رئيس وزراء إسبانيا في الخارج منذ توليه المنصب في العام 2018. وبالرغم من أن مكتبه أكد أنها عطلة شخصية دفع فيها بيدرو سانشيز كل التكاليف بالكامل، إلا أن هذا لم يمنع اندلاع جدل واسع حيال تواجده في واحدة من أفضل الوجهات السياحية في أوروبا وسط تطورات سياسية حساسة.
تتزايد التساؤلات حول تأثير هذه الرحلة على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، خصوصاً مع تصاعد الخلافات في الآونة الأخيرة حول قضايا متعددة تشمل الحدود البرية والمجال الجوي وحقوق الهجرة. يأتي ذلك في وقت تُجرى مشاورات معقدة بين الأحزاب السياسية الإسبانية لتشكيل حكومة جديدة أو اللجوء إلى انتخابات جديدة، مما يجعل هذه الرحلة تجدد الجدل بشأن استراتيجية القيادة الإسبانية في التعامل مع المغرب.
وهدأت التوترات قليلاً بعدما غيرت مدريد العام الماضي سياستها جذرياً تجاه النزاع في الصحراء الغربية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة يعتبرها المغرب جزءا من أراضيه، لكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر تسعى إلى إقامة دولة فيها. وقالت مدريد إنها تعتبر مقترح الرباط للحكم الذاتي في الصحراء الغربية "جاداً وموثوقاً به وواقعياً".
وأثارت هذه الخطوة غضب حزب بوديموس، الشريك اليساري الأصغر في الائتلاف الاشتراكي بقيادة سانشيز. ويدعم بوديموس جبهة البوليساريو وانتقد بشدة ما وصفه بالتحول الكامل غير المسوغ للحكومة الإسبانية.
وقالت المتحدثة باسم الشؤون الخارجية لبوديموس، إيدويا بيانويبا، إن أحدث رحلة تدل على إشكالية سياسة سانشيز تجاه المغرب.
وأضافت بيانويبا في تغريدة على منصة إكس، "تويتر" سابقاً، إن "سانشيز يواصل إظهار تهاونه تجاه المغرب يوما بعد يوم، بينما يواصل المغرب انتهاك الحقوق الأساسية دون عقاب".
وانتقد الحزب الشعبي المعارض الرحلة ووصفها ميجيل تيادو، المسؤول في الحزب في مقابلة مع راديو أوندا سيرو، بأنها "استفزاز واضح" نابع من "غطرسة" سانشيز. وكان الحزب قد دعا سانشيز لأن يكون أكثر شفافية في ما يتعلق بعلاقاته مع المغرب.
وكتب حزب فوكس اليميني المتطرف على حسابه في إكس، يقول: "يحب سانشيز في ما يبدو المغرب أكثر من إسبانيا". واتهمه بـ"فتح الأبواب" للهجرة غير الشرعية وتقديم مساعدات للمزارعين المغاربة في غمرة جفاف في إسبانيا.
وكانت وسائل الإعلام المغربية هي أول من نشر نبأ الزيارة ورحبت باختيار سانشيز المملكة لقضاء العطلة. وقال موقع لو 360 الإخباري المغربي إن الزيارة "بمثابة رسالة صداقة تجاه المغرب". وأشار إلى دعم مدريد لموقف الرباط تجاه الصحراء الغربية.
وأشاد الموقع بتقارب سانشيز مع المغرب "بينما ينتقده العديد من الدوائر السياسية الإسبانية على ذلك".
(العربي الجديد، رويترز)