عبد الله باتيلي والقفز على عقبات الانتخابات

07 ديسمبر 2023
قفز باتيلي على العديد من العقبات الكبرى (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

يحصر مراقبون متابعاتهم لمصير العملية السياسية في ليبيا في رصد عوامل نجاح وفشل المبادرة الأخيرة للمبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، والخاصة بالطاولة الخماسية التي ستجمع القادة الأساسيين في المشهد الليبي من أجل التوافق على حلول لتجاوز العوائق التي تواجه القوانين الانتخابية، وكأن باتيلي أزاح كل العقبات التي تقف في طريق إجراء الانتخابات، وهيأ الظروف والأرضية اللازمة لها.

والواقع أن باتيلي قفز على العديد من العقبات الكبرى التي لن تجرى معها أي انتخابات، ومنها ملف القوات الأجنبية والمرتزقة، الذي لم يعد يُذكر منذ أن تراجع نشاط المبعوث الأممي فيه إلى حد الاختفاء، على الرغم من أن قرارات مجلس الأمن التي فوّضته بمهامه لدعم العملية السياسية تجعل من حلحلة هذا الملف أهم مراحل إنجاح العملية السياسية في اتجاه جمع الأفرقاء على كلمة سواء في ملف الانتخابات.

وبالتزامن مع جولاته المكوكية في أكثر من بلد عربي، وداخل ليبيا لدفع القادة الأساسيين للقبول بالجلوس حول طاولة حوار سياسي جديدة، أنهى نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف، زيارة لمعسكر الرجمة، شرق البلاد، دامت يومين، التقى خلالها اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقادة مليشياته. ويستهدف المسؤول الروسي مواصلة تنفيذ استراتيجيات موسكو الجديدة في المنطقة، في إطار سعيها لخلق أجسام عسكرية جديدة تكون وريثة "فاغنر" الممتدة في أكثر من موقع في شرق وجنوب ووسط جنوب ليبيا، قبل أن ينطلق إلى النيجر التي وقّع فيها اتفاقات عسكرية مع فصيل عسكري يشبه إلى حد كبير حفتر ومعسكره. وفي الوقت نفسه، أقر البرلمان التركي، الأسبوع الماضي، قراراً رئاسياً بتمديد مهام القوات التركية المتواجدة في معسكرات غرب ليبيا 24 شهراً إضافياً.

قد يقول قائل، وهو ينظر لهذا النشاط العسكري المعلن، إن الوجودين الروسي والتركي مهمان في هذه المرحلة للحفاظ على التوازن العسكري والحد من عودة البلاد إلى مربع الاحتراب، وإن كلا البلدين طالبا بخروج قواتهما بشكل متزامن. لكن ماذا عن المرتزقة من تشاد والسودان والنيجر، واتفاقات باتيلي مع قيادات بلدانهم بشأن ضرورة خروجهم من ليبيا، والاجتماعات التي نسقها بين ممثلي تلك البلدان الأفريقية ولجنة 5+5 العسكرية الليبية المشتركة، وأين نتائجها ولماذا توقّف؟ ولماذا لم نعد نسمع عن لجنة 5+5 واجتماعاتها، وأين نتائج اللقاءات الأمنية التي نسقها باتيلي بين قادة السلاح من شرق وغرب البلاد في طرابلس ثم بنغازي؟ ألم يعلن باتيلي صراحة أن شرط توفر البيئة الأمنية لإجراء الانتخابات أساسي، ومن دونه لن تجرى الانتخابات بشكل نزيه وبما يضمن قبول نتائجها؟

يبدو أن الإجابة عن هذه الأسئلة، وإثارة المسألة الأمنية في ملف الانتخابات، تكشف بشكل جلي وواضح أن مبادرة الطاولة الخماسية منقوصة من أساسها، وأن العقبة الأساسية ليست في القوانين الانتخابية، فالتوافق حول النقاط الخلافية فيها هي مرحلة متقدمة جداً وتسبقها مراحل تعمّدت البعثة الأممية القفز عنها بعد أن فشلت في حلحلتها.