وجه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مساء الأربعاء، رسالة للولايات المتحدة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي قائلاً: "لقد طفح الكيل ارحلوا عنا، حِلُو عن صدورنا. سنبقى شوكة في عيونكم ولن نغادر وطننا وبلادنا، انهوا احتلالكم لبلادنا اليوم وليس غداً".
وأضاف عباس في كلمة متلفزة في مستهل اجتماع للقيادة الفلسطينية برام الله، "لقد أجرينا اتصالات مع الجميع وفي كل يوم نجري اتصالات مع أميركا لنقول لهم كفى"، مشدداً على أن "القدس خط أحمر ولا سلام ولا أمن ولا استقرار إلا بتحريرها الكامل من الاحتلال الإسرائيلي".
وخلت كلمة عباس من أي إشارة لحركة "حماس" التي قامت بقصف أهداف للمستوطنين في القدس المحتلة بعد أيام من اعتداءات الاحتلال على المصلين وانتهاك حرمة المسجد الأقصى. وخلت كلمته أيضا من أي ذكر لدولة فلسطين على حدود 1967 أو القدس الشرقية، حيث جاء خطابه مؤكدا: "فلنضع كل خلافاتنا جانبا فالقدس وفلسطين وحدّتنا فلا يفرقنا شيء، ولا يجوز أن يفرقنا شيء، فتعالوا إلى كلمة سواء".
وتابع قائلا: "عنوانا القدس والأقصى وفلسطين الواحدة الموحدة التي تفرض علينا متابعة العمل ومواصلة التحرك".
ووجه عباس التحية للشعب الفلسطيني في الوطن كله والشتات على وقفتهم التاريخية في وجه العدوان، في إشارة واضحة للفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة 1948 أو ما يُعرف بالخط الأخضر قائلا: "تحية لشعبنا وجماهير شعبنا في الوطن كله والشتات على وقفتهم التاريخية في وجه العدوان".
وقال: "لن نرتكب جريمة 1948 ولا جريمة 1967 (في إشارة لتهجير الفلسطينيين لقراهم ومدنهم تحت وطأة المذابح الإسرائيلية ضد الفلسطينيين العزل) الشيخ جراح لن يرحل ولن يهدأ ولن يسكت وغيره الجميع، الكل لن يسكت ولن يغادر".
وشدد بالقول: "إذا أردتم السلام والأمن والأمان لا يأتي بقوة السلاح ولا القهر لا يأت بهذه الأساليب، تعالوا إلى كلمة سواء"، مضيفا "لن نتحمل أكثر مما تحملنا، ولن نصبر أكثر مما صبرنا ولكن سنصمد أكثر مما صمدنا حتى نحقق النصر والتحرير ونحقق إنهاء الاحتلال من كل أراضينا المحتلة وعلى رأسها القدس الشريف".
وتابع: "ها هو الاحتلال الباغي يواصل عدوانه على فلسطين وشعبها في كل مكان، بما في ذلك حربه التدميرية على قطاع غزة الصامد البطل بينما يقف هذا الشعب موحدا في مواجهة هذا العدوان يمارس حقه بالدفاع عن نفسه وعن حقوقه ومقدساته، وسوف يواصل هذا الحق حتى ينال ما يريد من الحرية والاستقلال وإزالة الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
إلى ذلك، قال الرئيس الفلسطيني: "لقد تحركنا على كل المستويات. التزامنا بمسؤولياتنا الوطنية، وسوف نواصل القيام بكل ما هو ممكن، للدفاع عن شعبنا وكف يد هذا الاحتلال العدواني عن شعبنا ومقدسانا وسوف نتدارس اليوم كل خياراتنا التي تضمن ذلك، وعندما أقول اتصالات مع الجميع، أي بما في ذلك أميركا التي نجري في كل يوم اتصالات بيننا وبينها لنقول لهم كفى".
وأوضح عباس: "القدس خط أحمر، وهي قلب فلسطين وروحها، لا سلام، ولا أمن ولا استقرار إلا بتحريرها الكامل من الاحتلال، وعودتها إلى حضن شعبها الفلسطيني وأمتها العربية والإسلامية، القدس هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية التي لن نرضى عنها بديلاً".
وتابع عباس، "نحيي أهل القدس المرابطين فيها وفي أكنافها المرابطة، ونحيي شباب فلسطين الأبطال الذين هم فخر الشعب، بل وفخر الأمة كلها، هؤلاء نعتز بهم، ونقف احتراماً لنضالاتهم وهم يذودون عن القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وكل فلسطين، وبالذات غزة، بصدورهم العارية، وقلوبهم التي تنبض بحب القدس وفلسطين والانتماء الصادق لها، هؤلاء الذين خرجوا ليسمعوا العالم أجمع أن كفى احتلالا وكفى عدوانا وكفى ظلما".
وبخصوص اجتماع القيادة الفلسطينية، قال عباس: "نجتمع اليوم، وعنواننا القدس والأقصى وفلسطين واحدة وموحدة، وهي التي تفرض علينا العمل، ومواصلة التحرك لوقف العدوان على شعبنا في أرضنا المقدسة المباركة في القدس عاصمتنا الأبدية وفي قطاع غزة وفي الضفة الغربية".
وأكد عباس، "لقد قال شعبنا كلمته، ونحن معه نريد مستقبلاً بلا احتلال، بلا عدوان، بلا استيطان، وبلا مستوطنين، وقد تجاوز العدوان الإسرائيلي كل الحدود ضاربا بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، الأمر الذي يضعنا أمام خيارات شديدة الصعوبة يفرضها علينا واجبنا الوطني والتزاماتنا القانونية والأخلاقية، دفاعا عن حقوقنا وأبناء شعبنا ونحن لها بحول الله".
وأردف الرئيس الفلسطيني بالقول: "تريد دولة الاحتلال أن تفرض أمرا واقعا استعماريا في مدينة القدس وفي كل أرض وطننا، وتمارس لأجل ذلك حربا مسعورة وجرائم حرب وتطهيرا عرقيا يستهدف الوجود الفلسطيني والهوية العربية الإسلامية لعاصمتنا القدس، عبر سرقة البيوت والعقارات وإطلاق العنان لقطعان المستوطنين ومجموعاتهم الإرهابية ليعيثوا في الأرض فسادا ويدنسوا المقدسات الدينية".
ودعا عباس لاجتماع عاجل يضم أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح" في مقر الرئاسة في رام الله، وصفه الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، بـ"العاجل والهام".
وأكد مسؤول فلسطيني رفيع في تصريح سابق لـ"العربي الجديد" أن "اجتماع القيادة الفلسطينية سوف يؤكد على التزام القيادة الفلسطينية بالمسار السياسي والدبلوماسي، والمسار القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، وأهمية اتخاذ مجلس الأمن موقفاً من الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين العزل والتي أسفرت عن نحو 56 شهيداً ومئات الجرحى وتدمير المنشآت الفلسطينية في قطاع غزة".
وتابع المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه: "نحن مصرون على استكمال المسار السياسي والدبلوماسي مع الإدارة الأميركية واللجنة الرباعية، سيما عبر القناة التي تم فتحها مع فوز الرئيس جو بايدن والتي تمثلت بنائب مساعد وزير الخارجية هادي عمر، والذي يتم الحديث معه عبر وزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، وعبر بعض رجال الأعمال الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأميركية".