أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن تقديم طلب للأمم المتحدة لتنفيذ قرار التقسيم 181، الصادر قبيل النكبة، وتحديداً في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، بالإضافة إلى قرار عودة اللاجئين 194.
وكانت السلطة الفلسطينية تفاوض، منذ اتفاق أوسلو، على أساس الحدود المتضمنة في قرار 242 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بعد النكسة، والذي يقضي بانسحاب إسرائيل من "أراضٍ عربية" احتلتها خلال الحرب، وتشمل اليوم الضفة الغربية والقدس في فلسطين التاريخية، والجولان التابع لسورية.
ويعطي قرار التقسيم، الصادر عن مجلس الأمن، الفلسطينيين نحو 42% من مساحة فلسطين التاريخية، أي نحو ضعف المساحة التي تضمّنها القرار 242، أما القرار 194 فقد صدر عن الجمعية العامة بأغلبية الأصوات، ويقضي بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم إذا اختاروا ذلك، وهو متضمن أيضاً في مبادرة السلام العربية.
وقال عباس، الذي أمهل إسرائيل في خطابه الفائت عاماً واحداً للعودة إلى حدود 1967، إن إسرائيل "لم تعد شريكاً في السلام"، مضيفاً: "ثقتنا بتحقيق سلام دائم وعادل آخذة في التراجع بسبب السياسات الإسرائيلية".
وعدّد الرئيس الفلسطيني الانتهاكات الإسرائيلية خلال العام الماضي، مذكّراً بأنها "تقوم بحملة مسعورة لمصادرة الأراضي الفلسطينية واستبدالها بالمستوطنات"، وأنها "تُجبر الفلسطينيين على هدم منازلهم وتأخذ أجرة على ذلك"، وأنها "تقتل الفلسطينيين بدون حساب، كما قتلت الصحافية شيرين أبو عاقلة برصاص قناص إسرائيلي".
كذلك حمّل إسرائيل مسؤولية تعطّل الانتخابات العامة الفلسطينية، قائلاً إنّها "تمنعها عبر منع المقدسيين من المشاركة فيها"، مؤكداً أن السلطة على استعداد لإجراء الانتخابات، "لكن عندما يأمرها البعض بأن تسمح بها"، على حد تعبيره.
وانتقد تعامل الأمم المتحدة حيال الحقوق الفلسطينية، قائلاً إنها "تمنع معاقبة إسرائيل على جرائمها وتحميها عبر اعتماد معايير مزدوجة"، مشيراً إلى أن إسرائيل ارتكبت أكثر من 50 مذبحة بحق الفلسطينيين منذ عام 1948 دون عقاب. وأشار في هذا السياق إلى أن "الأمم المتحدة أصدرت مئات القرارات الخاصة بفلسطين ولم ينفذ قرار واحد.. 754 قراراً من الجمعية العامة، و97 قراراً من مجلس الأمن، و96 من مجلس حقوق الإنسان.. ولم ينفذ واحد".
وتساءل الرئيس الفلسطيني: "إسرائيل تقوم بأعمال أحادية مناقضة لاتفاقيات أوسلو ونحن لن نفعل ذلك، ولكن إلى متى سنبقى ملتزمين وحدنا بها؟"، مردفاً: "لذلك أصبح لزاماً علينا البحث عن وسائل أخرى للحصول على حقوقنا وتحقيق السلام، بما في ذلك تنفيذ القرارات التي اتخذتها مجالسنا وهيئاتنا الوطنية".
وقال "إننا نقدم على اتخاذ هذه القرارات من أجل الحفاظ على حقوقنا ووجودنا في وطننا تحت مظلة منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والتي ينضوي تحت قيادتها جميع أبناء شعبنا في كل مكان بالعالم".
وقال إنه "إذا استمرت عرقلة نيلنا العضوية الكاملة بالأمم المتحدة يصبح لزاماً علينا التوجه للجمعية العامة"، مؤكداً: "من غد سنكمل خطواتنا للانضمام إلى منظمة الصحة العالمية والملكية الفكرية والطيران المدني الدولي".
واستطرد قائلاً: "لن نلجأ للسلاح والعنف.. هذه قاعدة لدينا.. لن نلجأ للإرهاب وسنحاربه معاً وسوياً.. لكن احمونا من الإرهاب والعنف أسوةً ببقية شعوب العالم، خاصة أن دولة الاحتلال تتصرف كدولة فوق القانون".
ووجّه انتقاداً مباشراً للتعامل الأميركي مع إسرائيل، قائلاً: "دول منها أميركا تقدم الحماية لإسرائيل وتحميها من المحاسبة، وتسمح لها بالاستمرار في سياساتها العدوانية وازدرائها المجتمع الدولي".
كما وجّه انتقادات إلى دول أخرى، على رأسها بريطانيا، قائلاً: "بعض الدول شريكة في إصدار القرارات التي تسببت بنكبة فلسطين مثل وعد بلفور"، معتبراً أن "تلك الدول تتحمل المسؤولية مع إسرائيل في محنة الشعب الفلسطيني.. ونطالب بريطانيا وأميركا وإسرائيل بالاعتراف بمسؤولياتها عن هذا الجرم الكبير الذي ارتكب بحق شعبنا، والاعتذار، وجبر الضرر، وتقديم التعويضات لشعبنا التي يقررها القانون الدولي".
ومضى قائلاً: "ما يحزننا أن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية تنادي بالتمسك بحل الدولتين وتعترف بإسرائيل، أين فلسطين؟ لم تعترف بدولة فلسطين وتهدد باستخدام الفيتو ضد خطواتنا لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة".
رغم ذلك، قال عباس إنه استمع لخطابي الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس وزراء دولة الاحتلال يئير لبيد في الجمعية العامة، وأبدى سعادته لما تضمنه كل منهما من حديث عن حل الدولتين، مستدركاً بأن "الاختبار الحقيقي لجدية ومصداقية هذا الموقف هو جلوس الحكومة الإسرائيلية على طاولة المفاوضات فوراً".
ودعا إلى إجراء مفاوضات بوقف الإجراءات على الأرض، مضيفاً "نحن تواقون للسلام، فدعونا لتحقيق السلام من أجل الأجيال القادمة وشعوب المنطقة، نحن نريد السلام ونحارب الإرهاب في كل دول العالم، ولدينا اتفاقيات مع 85 دولة لمحاربة الإرهاب، وعلى رأسها أميركا".
وقال "نحن متمسّكون بثوابتنا الوطنية.. ونجدد رفضنا تلقي أي تعليمات أو أوامر من أي جهة في العالم"، وفق تعبيره.