عام على "بريكست": الثمن الباهظ للمغادرة يرهق الاتحاد الأوروبي

24 ديسمبر 2021
إزاحة علم بريطانيا من مقر مجلس الاتحاد الأوروبي في 31/12/2020 (أوليفر هوسليت/فرانس برس)
+ الخط -

لا تبدو نتائج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جيدة، فالفترة التمهيدية للانسحاب الكامل لم تغيّر شيئاً، بعد أن كان البريطانيون قد تبنّوا لغة أكثر ليونة وأظهروا أنهم براغماتيون، ما توّج بالتوصل إلى اتفاق التجارة في اللحظات الأخيرة عشية عيد الميلاد عام 2020، للتخفيف من أسوأ عواقب "بريكست".

وتشير التقارير إلى أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد أضرّ بشدة بالعلاقة مع جيرانها الأوروبيين وفي مقدمتهم فرنسا وألمانيا.

وفي السياق، دعا عضو هيئة الرئاسة في الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" الألماني ميخائيل روث من وصفهم بـ"الأصدقاء الأعزاء في لندن وبريطانيا العظمى" إلى "العودة إلى رشدهم" بخصوص النزاع حول بروتوكول أيرلندا الشمالية، و"العمل بشكل جيد معاً وبطريقة ودية"، في إشارة منه إلى أنّ قضية أيرلندا الشمالية المثيرة للجدل لا تزال تشكّل ضغوطاً على العلاقات مع بروكسل ودبلن وحتى واشنطن.

وتجري مفاوضات شاقة منذ أشهر بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بـبروتوكول أيرلندا الشمالية، إذ يسعى الجانبان إلى تعديله بشكل يجعل من حركة التجارة بين شطري أيرلندا سلسة دون وجود نقاط تفتيش.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي (لم تذكر اسمه)، قوله إنّ حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فعلت الكثير في الأشهر الأخيرة من خلال سلوكها "العدواني"، والمواجهة مع بروكسل وعواصم الاتحاد الأوروبي.

هذا التشدد على خط التفاوض الصارم يبدو أنه لن يتغيّر مع وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، التي تسلّمت الملف مع الاستقالة المفاجئة قبل أيام لوزير "بريكست" ديفيد فروست.

وكتبت تراس على "تويتر"، الثلاثاء، بعد محادثات أجرتها مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش، أنّ "موقف المملكة المتحدة لم يتغيّر. نحن بحاجة إلى أن تتدفق البضائع بحرية بين بريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، وإنهاء دور محكمة العدل الأوروبية في لعب دور الحكم النهائي في أي خلافات بيننا، وحلّ بعض القضايا الأخرى".

وفي الإطار، أوردت شبكة التحرير الألمانية أنّ لندن تريد على الأقل إضعاف الترتيب الذي تم التفاوض عليه بشق الأنفس في اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي تمنح أيرلندا الشمالية وضعاً خاصاً للتبادل التجاري.

والبروتوكول كان يجب أن يدخل حيّز التنفيذ في نهاية سبتمبر/أيلول 2021، لكن البريطانيين أجلوا الموعد مراراً وتكرراً، وهذا الأمر كان مدعاة قلق لدى الاتحاد الأوروبي.

وسبق أن هدد الوزير السابق لـ"بريكست" ديفيد فروست بإنهاء البروتوكول أحاديا.

"فيل في غرفة"

ومع عدم وفاء بريطانيا بالوعود التي قطعها مؤيدو "بريكست"، تظهر المشاكل في كل مكان، وأصبح الوضع كمن يضع "الفيل في الغرفة"، والسبب الواضح للعديد من الصعوبات هو التعثر في إدارة القضايا، وما استقالة فروست، الذي تولى مفاوضات "بريكست" في عهد جونسون، سوى أحد تمظهرات تلك الصعوبات.

من جانب آخر، أبرزت صحيفة "بيلد" الألمانية أنه رغم كون سوق العمل البريطاني في حال من الازدهار ومعدل البطالة آخذ في الانخفاض، سجلت الصادرات انخفاضاً بسبب الوضع الناجم عن فيروس كورونا، وصولاً إلى النقص الحاد في سائقي الشاحنات، ما عرقل عمليات توريد البضائع والسلع.

كما استحضر نفاد الوقود في بعض الأحيان من محطات لعدة أيام واحدة من أكبر أزمات الإمداد منذ الحرب العالمية الثانية.

وأضافت الصحيفة أنّ أكثر من 26 ألف مهاجر دخلوا إلى المملكة المتحدة عبر بحر المانش حتى مطلع الشهر الحالي، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع عام 2020.

وأبرزت أنه لم يعد بإمكان بريطانيا إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم، بعدما لم تعد طرفاً في الاتفاقية ذات الصلة لدول الاتحاد الأوروبي مع تلك البلدان.

أما في ألمانيا، فتعاني العديد من الشركات من الآثار السلبية لخروج بريطانيا، وبيّنت مجموعة "فونكه" الإعلامية، وفقاً لتقييم خاص أجرته غرفة التجارة والصناعة الألمانية، أنّ 43% من الشركات الألمانية في بريطانيا شعرت بوجود حواجز تجارية أو تفضيل المنافسين المحليين في بريطانيا.

المساهمون