عام التأكيد على الثوابت

25 ديسمبر 2022
متظاهرون يحاولون كسر حصار جيش الاحتلال مدينة نابلس (جعفر اشتية/فرانس برس)
+ الخط -

كان العام الحالي/المنصرم مثل الأعوام التي سبقته مليئاً بالخيبات والأحزان والآمال والطموحات، فالأعوام مجرد أرقام لا تقدم أو تأخر شيئاً من واقع الحال، إذ ما زال الواقع الفلسطيني على حاله منذ أكثر من سبعين عاماً، في ظل استمرار جرائم التطهير العرقي/الإثني والفصل العنصري الصهيوني، كذلك؛ في ظل استمرار ترهل/انهيار الجسم السياسي الفلسطيني منذ قرابة الخمسين عاماً؛ وفق رأي الكاتب.

لكن رغم ذلك؛ استعدنا ثقتنا بالثوابت الرئيسية في العام 2022، التي حملت القضية الفلسطينية منذ أمدٍ بعيدٍ جداً، متمثلةً في أربعة مفاصل رئيسية ومتكاملة، أولها؛ طبيعة المشروع الصهيوني الإجرامي والعنصري، الذي جسدته عودة نتنياهو لرئاسة حكومة الاحتلال، متحالفاً مع أشد الأحزاب والقوى الصهيونية عنصريةً وإجراماً ويمينيةً، إذ تسقط هذه الحكومة الائتلافية القناع عن الاحتلال الصهيوني، الذي حاول به إخفاء حقيقته الإجرامية والعنصرية عن شعوب العالم أجمع، الأمر الذي يساعدنا على كشف حقيقة الجرائم المرتكبة في فلسطين، وعلى توعية شعوب العالم بالحقوق الفلسطينية الكاملة، مع التأكيد على ضرورة تمسكنا بمنظورنا التحرري الإنساني والتقدمي، الذي تبنته المقاومة الشعبية الفلسطينية من قبل النكبة.

سوف يمكن شعب فلسطين من شق مساره التحرري التقدمي والإنساني مستقبلاً

وحدة أرض وشعب فلسطين هي ثاني الثوابت المستعادة؛ منذ هبة كل فلسطين في مايو/أيار 2021، وعملية نفق الحرية في سبتمبر/أيلول 2021، كما أعيد التأكيد عليه في خضم أحداث هذا العام، من خلال تضامن شعبي شمل كل فلسطين، مع مظاهر المقاومة الشعبية الفلسطينية المتصاعدة في مدن الضفة الغربية؛ بما فيها القدس، وأيضاً؛ في الأجواء التي شهدتها المدن والتجمعات الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948، في خضم معركة انتخابات الكنيست، التي قاطعها عدد كبير من الفلسطينيين؛ تقدر نسبة المقاطعة بـ 47%، في حين عكس تصويت عدد كبير من المصوتين تفضيلهم الخيار الوطني الفلسطيني على خيار الاندماج، متمثلاً في تصويت قرابة الـ 22.5% لصالح قائمة التجمع الوطني الديمقراطي.

ثالثاً؛ المقاومة الشعبية المتنوعة والحيوية، قدم شعب فلسطين في خضم العام 2022 نماذج متنوعةً من مقاومته الشعبية، سلمية كانت أم مسلحة، فردية أو جماعية، من رمزية الفدائي عدي التميمي إلى ظاهرة عرين الأسود، ومن الإضراب العام إلى التظاهر والاشتباك الشعبي مع قوات الاحتلال وجيش المستوطنين، تنوع الأساليب النضالية وتكرارها وامتدادها الجغرافي، كل ذلك يعيد أيقونة النضال التحرري الفلسطيني؛ المتنوع والمتكامل، بعد سنوات من محاولة طمسه صهيونياً ودولياً وإقليمياً وللأسف من بعض الأطراف الفلسطينية.

حاضنة فلسطين الشعبية؛ رابع الثوابت المستعادة هذا العام، خصوصاً ما جسده "مونديال فلسطين" المقام في دولة قطر (مونديال قطر 2022)، إذ ساهم منظمو المونديال في حضور فلسطين وقضيتها في فعاليات المونديال الرسمية؛ الكوفية والعلم، في حين أكدت جماهير دول المنطقة العربية؛ عبر رفع راية فلسطين عالياً في سماء المونديال وقطر، على مركزية قضية فلسطين، وعلى نصرة شعوب المنطقة لها رغم انسياق بعض نظم المنطقة نحو التطبيع مع نظام التطهير العرقي/الإثني والفصل العنصري الصهيوني، إضافةً إلى ظاهرة نبذ الإعلام الصهيوني العفوية، الذي وجد نفسه محاصراً بجحافل شعبية ترفض، مسار التطبيع والتعامل مع آلة القتل والإجرام والنهب والاقتلاع، حتى لو تخفت خلف رداءٍ رياضيٍ زائفٍ.

رغم الإجرام الصهيوني المتواصل بحق شعب فلسطين الأصلي وأرضهم التاريخية، تمكن شعب فلسطين والشعوب المناصرة له من بث الروح في ثوابت قضيته ونضاله التحرري الرئيسية، الأمر الذي سوف يمكن شعب فلسطين من شق مساره التحرري التقدمي والإنساني مستقبلاً، ربما نشهد ذلك العالم القادم أو الذي يليه، لكنه بكل تأكيد يتطلب مزيداً من العمل والنضال الجماعي العابر للحدود والانتماءات، الحذر والواعي لمخططات الإجرام الصهيوني وداعميه الدوليين وربما الإقليمين والمحليين. الأمل والثقة بشعب فلسطين والشعوب الحرة يزدادان توهجاً اليوم، تجسيداً لعبارة مهدي عامل "لست مهزوماً ما دمت تقاوم"، ولعبارة ناجي العلي "الطريق إلى فلسطين ليست بالبعيدة ولا بالقريبة، إنها بمسافة الثورة".

المساهمون