طلب الإشراف على الانتخابات: الكاظمي يحاول استعادة الثقة الدولية

31 يناير 2021
شكوك كثيرة شابت العمليات الانتخابية السابقة (Getty)
+ الخط -

أثار طلب الحكومة العراقية من مجلس الأمن الدولي الإشراف على الانتخابات المبكرة المقررة في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تحفّظ قوى سياسية حليفة لإيران، أبرزها تحالفا "الفتح" بزعامة هادي العامري، و"دولة القانون" بزعامة نوري المالكي. وتساءلت تلك القوى عن الأسباب التي دفعت حكومة مصطفى الكاظمي لطلب الإشراف الدولي. وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، قد أعلن يوم الأربعاء الماضي، أن العراق وجّه طلباً رسمياً إلى رئيس مجلس الأمن الدولي يتضمن الرقابة على الانتخابات. وذكر أن "الحكومة ماضية بإجراء الانتخابات التي تعدُّ أحد أهم الأهداف الرئيسية في المنهاج الحكومي، وأنها مستعدة لتوفير كل المتطلبات التي تقع على عاتقها، وتوفير الأجواء الآمنة لإجراء انتخابات نزيهة تلبي المعايير الدولية".

الحكومة تنتظر رداً من مجلس الأمن الدولي في موعد أقصاه منتصف الشهر المقبل

من جهته، كشف أحد الوزراء لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة تنتظر رداً من مجلس الأمن الدولي في موعد أقصاه منتصف الشهر المقبل، بشأن إدراج طلب وزارة الخارجية العراقية بإشراف دولي على الانتخابات المبكرة. وتوقع بأن يتم قبول الطلب العراقي، بسبب تأييد البعثة الأممية في العراق بالإضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا للخطوة، مشيراً إلى أن هناك نقاشات حالياً حول شكل الرقابة التي ينبغي أن تتوفر للانتخابات العراقية.

وأضاف المسؤول أنه من المتوقع أيضاً أن يتم تخصيص مبالغ لمساعدة العراق في إنجاز الاستحقاق الانتخابي، لكنه أشار في المقابل إلى "وجود تساؤلات من أطراف عدة، أبرزها بعثة الاتحاد الأوروبي في بغداد، بشأن ضمانات إجراء الانتخابات في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة الحليفة لطهران. وتخشى البعثة من أن يؤدي ذلك إلى تزوير نتائج الانتخابات، أو ممارسة الجماعات ضغوطاً على الناخبين بما يخل بنزاهة الانتخابات".

وأقرّ بأن الحكومة لا تمتلك لغاية الآن أي إجابات بشأن موضوع السلاح المنفلت وكذلك قضية مشاركة بعض المليشيات المسلحة في الانتخابات، على غرار مليشيا "عصائب أهل الحق"، من خلال حركة "صادقون"، أو مليشيا "جند الإمام" التي يتزعمها أحمد الأسدي ويترأس أيضاً كتلة "السند الوطني"، وحركات أخرى معها.

وحول أسباب الطلب الحكومي بالإشراف الدولي، قال إن "لتوجّه الكاظمي إلى الاستعانة بمجلس الأمن الدولي أسباباً داخلية وخارجية، من بينها محاولة إعادة الثقة بالانتخابات التي شهدت عام 2018 عمليات تزوير واسعة وفاضحة أيضاً، إضافة إلى كون مطلب الإشراف الدولي أحد مطالب المتظاهرين العراقيين. كما يُخشى من تكرار عمليات التزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات، فوجود مراقبين دوليين سيحدّ بشكل ما أو آخر من عمليات التزوير أو التأثير على الناخبين".

ولفت إلى أن التدخّل الدولي سيساعد الكاظمي كثيراً في مسألة سحب الجماعات المسلحة من المدن والإبقاء على القوات الأمنية لتأمين عملية الانتخابات. وتحدث عن حاجة العراق إلى ما لا يقل عن 3 آلاف مراقب دولي، موزعين على 83 دائرة انتخابية، من المقرر أن يصوّت فيها أكثر من 25 مليون عراقي يحق لهم الاقتراع في الانتخابات الجديدة.

وجددت قيادات سياسية ومليشياوية في العراق في الأيام الأخيرة، رفضها خطوة حكومة الكاظمي طلب الإشراف الدولي من مجلس الأمن على الانتخابات، كان آخرهم نوري المالكي الذي قال إنه "يرفض الإشراف على الانتخابات من أي جهة كانت، لأنها تمس بسيادة البلاد وتعطي المجال لمن يريد العبث بالانتخابات". من جانبه، حذّر قائد مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، مما وصفه بـ"الإشراف والتدخل التفصيلي في الانتخابات النيابية المقبلة، لأن المبعوثة الأممية جينين بلاسخارت منحازة، وغير محايدة، وظهر ذلك في انحيازها في الفترة الماضية". ويأتي هذا في ظل تراجع أمني واضح في العراق، وحديث عن عدم قدرة الحكومة على إجراء انتخابات نزيهة مع تصاعد العنف واستمرار انفلات السلاح، وسط توقعات بتأجيل ثانٍ لموعدها.

إزاء ذلك أعلن تحالف "سائرون"، التابع لزعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، دعمه خطوة الكاظمي طلب الدعم الدولي. وقال عضو التحالف رعد المكصوصي، لـ"العربي الجديد"، إن "توجه حكومة الكاظمي إلى دعوة مجلس الأمن الدولي حق مشروع". وأشار إلى أن "الاستعانة بمجلس الأمن في الانتخابات المقبلة، لا ترتبط بالحماية أو اللجوء إلى استيراد قوة أمنية دولية، إنما هو أمر طبيعي من أجل ضمان سير العملية الانتخابية بنزاهة وشفافية، ويكون العالم كله على اطلاع على نتائجها". أوضح أن "وجود المراقبة الدولية، لا يعني التشكيك بمفوضية الانتخابات العراقية، ولكنها حالة طبيعية تحدث في كل بلدان العالم".

من المتوقع تخصيص مبالغ لمساعدة العراق في إنجاز الاستحقاق الانتخابي

من جهته، قال مدير مركز التفكير السياسي في العراق إحسان الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تريد إجراء انتخابات نزيهة وفق المعايير الدولية الخاصة بالانتخابات، والاستعانة بإشراف مجلس الأمن هي بما لا يقبل الشك خطوة استباقية باتجاه الأحزاب والفصائل المسلحة التي تعارض أي تدخل أو إشراف أممي". ولفت إلى أن "هذا الخيار يدل على غياب التنافس الانتخابي الشريف وعدم وجود للانتخابات العادلة، كما أنها تدل على الفرص التي تنوي بعض الأحزاب القيام بها لحملات التزوير الكبيرة". وأشار إلى أن "انتخابات 2018 لم تحظَ بشرعية داخلية أو خارجية، وكان المجتمع الدولي يدرك أنها مزورة، ولذلك لم يتعاط هذا المجتمع مع حكومة ما بعد 2018 بشكل كامل، ولذلك يريد الكاظمي إضفاء الشرعية الدولية على نتائج الانتخابات المبكرة".

أما عضو نقابة المحامين في بغداد علي الخالدي، فشدّد على وجود فارق كبير بين الإشراف الدولي والإدارة الدولية للانتخابات، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مجلس الأمن كان قد قرر أن تكون الأمم المتحدة هي التي تدير أول انتخابات في العراق عام 2005، عبر فرق عراقية خالصة، وعقب ذلك تشكّلت مفوضية الانتخابات الحالية". ورأى أن "الإشراف الحالي الذي طلبه العراق، يعني مراقبة من دون التدخل في عملية العد والفرز أو رسم سياسات وخطط الاقتراع"، معتبراً أن "الجهات المشرفة لا تتواجد في جميع مراكز الاقتراع بل في أماكن تختارها بنفسها وتدون ملاحظاتها والمخالفات، وتملك الحق في رفع تقارير تطعن بصحة الاقتراع أو الأجواء الانتخابية أو وجود تزوير خلال ساعات الاقتراع وبعده". وقال إن هذا الأمر "لا يُعد تدخلاً في الشأن الداخلي للبلاد، بل ضرورة لتحقيق الشفافية، ومنح الانتخابات شرعية دولية". وأضاف أنه "من المتوقع مشاركة العديد من المراقبين، ما يعني تضييقاً لفرص التزوير، لا القضاء عليها تماماً".

المساهمون