قالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، إن هناك تحركات واسعة خلال الفترة الحالية، من أجل إعادة مسار المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بدفع كبير من جانب الإدارة الأميركية.
الوضع السياسي للاحتلال يعيق إحياء المفاوضات
وأضافت المصادر أن المسؤولين في مصر يتحركون في اتجاهين؛ نحو الاحتلال، والسلطة الفلسطينية، مؤكدة أن العائق الرئيسي الذي يواجه استئناف المفاوضات على الرغم من الدفع الأميركي، هو هشاشة التكوين السياسي في إسرائيل خلال الفترة الحالية.
ولفتت المصادر إلى أن حالة التنافس على رضا الشارع الإسرائيلي بين مكونات الحكومة الإسرائيلية من جهة، والمعارضة اليمينية من جهة أخرى، يمثل العقبة الحقيقية، في الوقت الذي لا توجد فيه قيادة سياسية في تل أبيب ترغب في اتخاذ القرار بشأن تلك الخطوة.
العائق الرئيسي الذي يواجه استئناف المفاوضات هو هشاشة التكوين السياسي في إسرائيل خلال الفترة الحالية
وأشارت المصادر إلى أنه "في المقابل، ترى الإدارة الأميركية ضرورة العودة إلى مسار المفاوضات المباشرة في الفترة الراهنة، مع إعداد جدول زمني واضح لاستئنافها، في ظل القلق إزاء الوضع الصحي لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والخوف من غموض سيناريوهات ما بعد عباس".
خلفيات القاهرة بملف استئناف المفوضات الفلسطينية الإسرائيلية
وأوضحت المصادر أن "مصر تسعى لإحراز تقدم في هذا الملف في ظل الاهتمام الأميركي النسبي به، خصوصاً وسط الجهود التي تقوم بها القاهرة؛ سواء بين المكونات الفلسطينية لإتمام مصالحة داخلية، أو بين فصائل قطاع غزة وحكومة الاحتلال، من أجل التهدئة في القطاع".
وربطت المصادر الاهتمام المصري بتحقيق أي خطوة، وإن كانت شكلية، في هذا الاتجاه، بـ"حرص الإدارة المصرية الحالية، والرئيس عبد الفتاح السيسي، على تسجيل نقاط إيجابية تسمح بعلاقات أفضل مع إدارة الرئيس جو بايدن، وتخفف عليهما معاً بعض الضغوط التي تمارسها مكونات أميركية من الديمقراطيين، في ملفات عدة، على رأسها ملف حقوق الإنسان في مصر، وربط جزء من المساعدات الأميركية للقاهرة بحدوث تحسّن في هذا الأمر".
وقالت المصادر إن "هناك تكثيفاً للاتصالات مع الأردن أخيراً، بشأن تنسيق المواقف"، لافتة إلى أن "هناك رغبة لدى رئيس السلطة الفلسطينية، لعودة المفاوضات في أسرع وقت، في محاولة منه للقفز على الخلافات الداخلية التي يواجهها، ولا سيما ضمن حركة فتح، والصراعات التي تحيط بحكمه".
تحرص الإدارة المصرية الحالية على تسجيل نقاط إيجابية تسمح بعلاقات أفضل مع إدارة بايدن
من جانبه، قال مصدر مصري خاص لـ"العربي الجديد"، إنه "على عكس ما يصدّره رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي نفتالي بينت، بشأن عدم رغبته في السلام مع الفلسطينيين، إلا أنه تحدث للمسؤولين في مصر، أخيراً، عن استعداده للبدء في مفاوضات، ولكن خوفه من المعارضة والشارع الإسرائيلي، يدفعه إلى تأجيل تلك الخطوة، لحين تولي رئيس الوزراء بالتناوب، (وزير الخارجية الحالي) يئير لبيد، مهمة رئاسة الحكومة، ليتحمل هو مسؤولية القرار، خصوصاً في ظلّ رفض اليمين المتطرف لتلك الخطوة".
وأضاف المصدر "في مقابل ذلك، فإن ما تلقته مصر من الإدارة الأميركية، هو ضرورة تكثيف الجهد للتوصل إلى صيغة مع السلطة الفلسطينية يسهل بها إقناع المسؤولين في إسرائيل، وكذلك يمكن تسويقها سياسياً هناك".
وكشف أن "الإدارة الأميركية طالبت المسؤولين في القاهرة بممارسة ضغوط على السلطة الفلسطينية لعدم اتخاذ قرارات غير مدروسة خلال انعقاد المجلس المركزي (الذي افتتح دورته الحادية والثلاثين أمس الأحد)".
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، منذ عام 2011، بسبب رفض الرئيس محمود عباس الجلوس إلى طاولة المفاوضات، في ظل استمرار إسرائيل في قضم أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، لصالح المستوطنين.
حراك سياسي لأطراف فاعلة في الملف الفلسطيني الإسرائيلي
وشهدت الفترة الأخيرة حراكاً سياسياً على مستوى عدد من الشخصيات والأطراف الفاعلة في الملف الفلسطيني الإسرائيلي، إذ استقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأسبوع الماضي، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل الرجوب.
وأكد شكري خلال اللقاء على "مساندة مصر للجهود الفلسطينية الرامية إلى تعزيز الوضع الفلسطيني على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، بما في ذلك دعم المتطلبات التنموية في سائر أنحاء الأراضي الفلسطينية". فضلاً عن تأكيده على "ضرورة تهيئة المناخ الملائم لإحياء مسار المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
وسبق زيارة الرجوب للقاهرة، اتصال من جانب وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، بمحمود عباس، شدد خلاله الوزير الأميركي على أن الرئيس جو بايدن ملتزم بحل الدولتين، وعلى أن القيادة الأميركية تدرك الصعوبات السياسية والاقتصادية التي تواجهها السلطة الفلسطينية.
تتخوف واشنطن من غموض سيناريوهات ما بعد عباس
وقال بلينكن إن "الولايات المتحدة تدين توسيع المستوطنات والاعتداءات على الفلسطينيين من قبل المستوطنين، وتعارض طرد الفلسطينيين من بيوتهم وهدم المنازل". كما شدد بلينكن على أن "الولايات المتحدة ملتزمة بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية".
وقبل ذلك، التقى عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، حسين الشيخ، بوزير الخارجية في حكومة الاحتلال يئير لبيد. وقد أكدت وسائل إعلام عبرية مباركة اللقاء من قبل بينت ووزير دفاعه بني غانتس.
وكتب الشيخ، في تغريدة على "تويتر" عقب اللقاء "التقيت وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد وتباحثنا في عدة قضايا سياسية ومسائل ثنائية، وأكدت على ضرورة وجود أفق سياسي بين الطرفين يرتكز على الشرعية الدولية".