- السجون تحتجز نشطاء، قادة أحزاب، صحافيين، ومواطنين بسبب آرائهم، خاصة المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يبرز القيود على حرية التعبير.
- الظروف القانونية والصحية للمعتقلين تثير قلق العائلات والمحامين، مع تجاهل الكرامة الإنسانية داخل السجون والقيود المفروضة على التواصل، مما يزيد الضغوط النفسية والعاطفية.
تداول أهالي المعتقلين السياسيين في تونس، اليوم الأربعاء، صوراً ورسائل وفيديوهات لأحبائهم، بمناسبة العيد، مما جلب الانتباه مجدداً إلى هذه الوضعية المظلمة التي تمتد لأكثر من عام، حيث يظل المعتقلون في السجون دون محاكمات، أو حتى إجراء التحقيقات حتى الآن.
ويقبع في السجون العديد من النشطاء السياسيين بسبب آرائهم ومواقفهم، بما في ذلك قادة الأحزاب والشخصيات الوطنية والمدونين والصحافيين والنشطاء، وحتى بعض المواطنين العاديين، بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي الشأن ذاته، أكد عبد العزيز الشابي، ابن الأمين العام للحزب الجمهوري المعتقل، عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أنه "يعيش عيد الفطر هذا العام بدون والده للمرة الثانية، وسيعيش عيد الأضحى للمرة الثالثة إذا ما استمر اعتقاله". وأوضح أنهم "سيقومون بزيارة لوالدهم غداً الخميس لتجنب الاكتظاظ الذي يشهده اليوم، وذلك بناءً على طلب من والده".
وأضاف أن "عصام أرسل رسالة لهم عبر محاميته، تلقوها اليوم وهم متجمعون في المنزل، أعرب فيها عن فخره بهم وصبرهم على محنته، وأكد أن العائلة تظل سنداً قوياً له، وأن تونس ستشهد تحسناً".
وأشار إلى أنهم "عادة ما يعدون طبقاً من الفول لوالدهم، ووصل الطبق له، أمس الثلاثاء، ليتناوله في يوم العيد كما هو متعارف". كما قال إنهم "قاموا بالتقاط صورة جماعية اليوم، عسى أن تصل إليه ليشاهد فرحة العيد وأحفاده على الرغم من غيابه".
بدوره، قال يوسف الشواشي، ابن الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي المعتقل، غازي الشواشي، في تصريح، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة المعايدة للشواشي ستكون يوم الجمعة، أي ثالث أيام العيد، مشيراً إلى أنها "المناسبة الثالثة دون غازي. والألم ذاته في كل مناسبة".
وأشار إلى أنه "لا يُسمح لهم بإدخال حلويات العيد، فقط صور العيد يراها من البلور ومن غير المسموح له الاحتفاظ بها".
ويكشف عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامي سمير ديلو، لـ"العربي الجديد" أنهم "زاروا المعتقلين أول أمس الاثنين، وسيكون اللقاء الثاني بعد العيد"، مشيراً إلى أن "الغريب أن سجناء الحق العام يلتقون مع بعضهم، وكذلك جزء من سجناء الإرهاب، ولكن في المقابل، يُمنع على السجناء السياسيين أن يلتقوا مع بعضهم داخل السجن، رغم أنه قبل الثورة وفي عهد زين العابدين بن علي كان يجري وضع السجناء السياسيين معاً".
وأوضح المتحدث أن "المعتقلين يتابعون ملفهم من الناحية القضائية والإجرائية، وهم كهيئة يستعدون لمواجهة خرق إجرائي نادر الحصول عليه. ففي الرابع من إبريل/ نيسان الماضي، صدر قرار من دائرة الاتهام برفض الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وقد تقدموا باستئناف ضد هذا القرار في اليوم التالي، وحوّل الملف الأصلي لمحكمة التعقيب وفقاً للفصل 261".
واستطرد بالقول "إلا أنهم فوجئوا في اليوم ذاته بعودة الملف للتحقيق مرة أخرى، مما يشكل خرقاً كبيراً في الإجراءات القانونية وفضيحة قانونية كبرى. لذا قدموا شكوى إلى الوكيل العام ولقاضي التحقيق بخصوص هذا التجاوز الخطير".
وفيما يتعلق بوالد الناشط السياسي المعتقل جوهر بن مبارك، وعضو جبهة الخلاص الوطني، عز الدين الحزقي (الذي قضى 20 عاماً في السجن، من بينهم 12 عيداً)، أعرب عن صدمته وهو في سن الثمانين عاماً من عدم تمكّنه من زيارة ابنه المسجون في هذا العيد.
وأشار إلى أن السجون التونسية لا تحترم الكرامة الإنسانية، حيث يُعامل السجناء كأرقام مجردة لا تُلتفت لهم. وأكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الدول المتقدمة تسمح للسجناء بقضاء المناسبات بأمانة وسرور، مثل ترتيب لقاء خاص في غرفة فردية، أو استخدام هاتف للاتصال، بينما في السجون التونسية، لا يوجد احتفالات بالعيد للعائلات، ولا زيارات في هذا اليوم المبارك بل إنها تجربة مريرة".
وأضاف قائلاً: "بعد مرور عيدين، يقضي طفلا ابنه العيد بلا أب، ويعانيان من الضائقة المالية، حيث تتراكم الديون عليهما، وذلك فقط لأنه يبدو أن قيس سعيد يستمر في احتجازهما ليبدو أنه يقاوم الفساد بدعوى إرضاء الرأي العام".
وأوضح الناشط السياسي، حمة الحزقي، أن ابنه قد "أصبح ضحية للظلم السياسي بعد الانقلاب الذي شهدته البلاد"، مشيراً إلى أنه "قد جرى تقديم قضية ضد الرئيس قيس سعيد ووزيرة العدل ليلى جفال في محكمة الجنايات الدولية، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، ومحاولة التخلص من المعارضين". كما أكد أن "الاختطاف والاعتقال التعسّفي جرائم بحق الإنسانية".
من جانبها، أشارت زوجة الناشط السياسي، عبد الحميد الجلاصي، منية إبراهيم، إلى أن "الظلم والاضطهاد يملآن حياتهم في ظل التجاوزات والانتهاكات للقانون بسبب تعبيرهم عن آرائهم السياسية". وأضافت أنهم "يشعرون بالألم الكبير لعدم قدرتهم على الفرحة في مناسبة العيد بسبب قسوة الظروف في السجن".
وأشارت لـ"العربي الجديد"، إلى أن "زيارة السجن في يوم العيد تتحول إلى عبء كبير بسبب الضغوط النفسية والعاطفية التي يواجهونها هناك، مما يجعلهم يفضلون عدم الذهاب في تلك الأيام". وأكدت أن السياسيين ممنوعون من التواصل مع بعضهم البعض في السجن بفعل قرارات السلطة.
وفيما يتعلق بالوضع الصحي لزوجها، أوضحت أنه "يعاني من عدة أمراض مزمنة"، مشيرة إلى أن "الرعاية الصحية المناسبة ليست متوفرة في السجن، وأن الظروف الصحية والغذائية داخل السجن غير ملائمة".
وأخيراً، أوضحت أنها "ستمضي عيد الفطر وحيدة بسبب غياب زوجها في السجن وابنتها في الخارج". وأشارت إلى أنهم كعائلة "يتحملون تبعات الظروف الصعبة التي يمرون بها".
وتؤكد زوجة القيادي في حركة النهضة، الصحبي عتيق، زينب المرايحي أنهم "ذاقوا مرارة الفراق والسجن سابقاً، واعتقدوا أنهم لن يعيشوا هذا الألم مجدداً بعد الثورة، ولكن للأسف يعيشون مجدداً هذا الشعور".
وبيّنت في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "زوجها قضى في سجون بن علي وبورقيبة وقيس سعيد 18 عاماً، وهم يشعرون بالقهر لأن لا جريمة ولا إدانة، فقط هم في السجن بتهم واهية وبلا دليل قانوني".
ولفتت إلى أنهم "كانوا يأملون إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في عيد الفطر لكن للأسف هناك سعي للمضي قدماً من قبل السلطة".