استهدفت قوى مسلحة مقربة من إيران قاعدة لقوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، الاثنين، في ريف دير الزور، وذلك بعد استقدام قوات التحالف تعزيزات عسكرية إليها، فيما ردت الطائرات الحربية الأميركية باستهداف مواقع عسكرية للمليشيات في بادية دير الزور.
يأتي ذلك فيما أجرت فصائل عراقية مسلّحة عدة، خلال الساعات الماضية، عمليات إعادة تموضع سريعة في مواقع مختلفة من الشريط الحدودي العراقي السوري تحسباً لتنفيذ هجمات أميركية جديدة على مواقعها في الأيام المقبلة.
وقال الناشط وسام العكيدي، وهو من أبناء ريف محافظة دير الزور، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن المليشيات الإيرانية المتمركزة في مدينة دير الزور استهدفت، عصر اليوم، برشقة صواريخ، قاعدة حقل "كونيكو" (للغاز)، بريف محافظة دير الزور الشمالي الشرقي، شرقي البلاد.
وأكد العكيدي أن الاستهداف جاء عقب ساعات قليلة من دخول قافلة عسكرية للتحالف من قواعده العسكرية المنتشرة في إقليم كردستان العراق إلى قاعدة حقل "كونيكو"، تحمل معدات لوجستية، وذخائر، وصهاريج وقود، وعربات من نوع "برادلي".
وأشار العكيدي إلى أن طائرات حربية أميركية تابعة لقوات التحالف الدولي استهدفت، عصر اليوم، موقعاً عسكرياً لمليشيا الحرس الثوري الإيراني في حويجة خشام المحاذية لمطار دير الزور العسكري، شرقي البلاد، ردًا على القصف.
ولفت إلى أن طائرات مُسيّرة تابعة للتحالف الدولي استهدفت بصواريخ موجهة مواقع عسكرية للمليشيات الإيرانية في كلٍ من مراد وطابية شامية، شرقي محافظة دير الزور، وذلك عقب ساعة من استهداف قاعدة حقل "كونيكو" شرقي البلاد، من دون ورود أي معلومات عن حجم الخسائر من الطرفين.
وكانت عدة انفجارات قد دوت، الاثنين، في محيط قاعدة حقل "العمر" (النفطي) بريف دير الزور الشرقي، فيما أكد العكيدي أن الانفجارات ناجمة عن استهداف المليشيات الإيرانية المتمركزة في بادية الميادين محيط القاعدة بعدة صواريخ، من دون ورود أي معلومات عن وقوع أي خسائر بشرية.
وبحسب وكالة "نهر ميديا" المهتمة بأخبار المنطقة الشرقية، فإن طائرات حربية مجهولة المصدر (يرجح أنها تابعة لقوات التحالف الدولي) استهدفت، فجر اليوم الاثنين، البوابة العسكرية التابعة للمليشيات الإيرانية في ريف البوكمال بريف دير الزور الشرقي بعدة غارات، أدت لتدمير شاحنتين (براد) كانتا محملتين بالأسلحة، جرى استهدافهما بعد عبورهما البوابة العسكرية إلى منطقة حميضة بريف البوكمال قادمتين من العراق.
فصائل عراقية تعيد تموضعها تحسباً لهجمات أميركية
إلى ذلك، أجرت فصائل عراقية مسلّحة عدة، خلال الساعات الماضية، عمليات إعادة تموضع سريعة في مواقع مختلفة من الشريط الحدودي العراقي السوري، شملت إخلاء مقرات عدة كانت تسيطر عليها منذ سنوات، أبرزها مبنى التقديم الجمركي القديم، وساحة التبادل المقابلة للنقطة الحدودية العراقية السورية ببلدة القائم.
وكشف مصدران مقربان من الفصائل لـ"العربي الجديد"، عن أن عمليات النقل والإخلاء التي أجرتها المليشيات العراقية تأتي تحسباً لتنفيذ هجمات أميركية جديدة على مواقعها بالأيام المقبلة، رداً على استهداف قواعد أميركية في العراق وسورية بطائرات مسيّرة وصواريخ كاتيوشا في الأسبوعين الماضيين.
وفي ساعة متأخرة من مساء أمس الأحد، استهدفت غارات جوية مواقع عدة تنشط فيها فصائل عراقية مسلّحة على الشريط الحدودي العراقي، من محور القائم ـ البوكمال، طاولت مباني وشاحنات متوقفة في المنطقة الحدودية، دون أن ترد أي معلومات حول الخسائر.
كما أكدت منصات إعلامية مرتبطة بمليشيات عراقية وقوع الهجمات، دون أن توضح أي تفاصيل بشأنها.
واليوم، الاثنين، قال مصدر مقرب من كتائب "سيد الشهداء"، أبرز الفصائل العراقية المسلحة الحليفة لإيران، والتي تنشط بالمنطقة الحدودية العراقية السورية، لـ"العربي الجديد"، إن عدة فصائل مسلحة أجرت تغييرات في مواقعها السابقة تحسباً من ضربات أميركية.
وأضاف في اتصال عبر الهاتف أن "مواقع الجمرك القديم، وساحة التبادل، والبيت الكويتي، و"سكلة الحديد"، كلّها تم إخلاؤها من الفصائل"، في إشارة إلى مبانٍ ومواقع تسيطر عليها المليشيات داخل الأراضي العراقية، متحدثاً عن استبدال مليشيات أخرى، أبرزها "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"عصائب أهل الحق"، مواقع لها في المنطقة نفسها، والانتقال لمواقع أخرى.
ويجري ذلك في ظل استمرار تحليق مكثف لطيران مسيّر بالمناطق الحدودية العراقية السورية، يقول مسؤولون بالجيش العراقي إنه طيران أميركي.
وتأتي هذه التطورات مع استمرار الفصائل بشنّ هجمات شبه يومية تستهدف قاعدة "عين الأسد" في الأنبار، ومعسكر "فيكتوريا" قرب مطار بغداد الدولي، غربي العاصمة العراقية، إلى جانب قاعدة "حرير" الجوية في أربيل، كما شهدت مواقع أميركية في شمال شرقي سورية هجمات مماثلة، وسط محاولات حكومية عراقية لمنع تلك الهجمات والحدّ منها، خشية من أي تصعيد أميركي.
وفي السياق ذاته، قال عضو بارز في "الحشد الشعبي" إن عدداً من قادة الفصائل أخذوا التحذيرات الأميركية على محمل الجدّ، عبر سلسلة إجراءات أمنية لمقرات رئيسة لها، ولفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الإجراءات شملت "تقليل وجود عناصرها في تلك المقرات، وتغيير وإخلاء مقرات أخرى".
وتوعدت وزارة الدفاع الأميركية بالردّ على مهاجمي قواعدها في العراق، عقب هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت قواعدها في العراق وسورية، مؤكدة أن جماعات لها علاقة بإيران هي المسؤولة عن تلك الهجمات، ولهذا فإن الردّ "سيتم في الوقت والمكان الذي نختاره".
وقال رئيس "المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية" في بغداد غازي فيصل، لـ"العربي الجديد"، إن الساحة العراقية مرشحة لتصعيد أكبر في الأيام المقبلة.
وأضاف: "أتوقع أن الرد الأميركي على هجمات الفصائل المسلّحة مجرد مسالة وقت، وتأخير الردّ الأميركي ربما يأتي لغرض دراسة كيفية الرد"، لافتاً إلى أن "اتخاذ الفصائل المسلحة بعض الإجراءات الأمنية الاحترازية أمر طبيعي، حيث تدرك أن واشنطن لا يمكن إلا أن تردّ على استهداف قواتها، وهذا الأمر أبلغت به الجانب العراقي بشكل واضح، لكن نعتقد أن إجراءات الفصائل لن تستطيع فعل شيء إذا ما كانت هناك ضربة أميركية، فهذه الضربة لا تنفذ إلا بعد معلومات دقيقة لتحقيق هدفها، كما حال الضربات السابقة التي نفذتها ضد الفصائل".
واعتبر أن "الردّ الأميركي يستدعي رداً وتصعيداً مقابلاً من قبل الفصائل، ما يعني تحوله إلى مواجهة مفتوحة، وهو ما ستكون له تبعات أمنية كبيرة على مجمل الأوضاع في العراق، وربما تكون له تبعات اقتصادية ودبلوماسية خطيرة".
وأنهت الفصائل العراقية المسلحة الحليفة لطهران هدنة دامت أكثر من عام كامل مع القوات الأميركية الموجودة في البلاد، وذلك بعد الإعلان عن استهداف قاعدتي عين الأسد وحرير، غربي وشمالي العراق، بواسطة طائرات مسيّرة، ما دفع وزارة الخارجية الأميركية إلى مطالبة الموظفين غير الأساسيين في طاقمها ببغداد لمغادرة العراق مع عائلاتهم، معلّلة قرارها بأنّ "ازدياد خطر الإرهاب، الخطف، العنف المسلّح، وعدم الاستقرار في العراق، يهدّد المواطنين والمصالح الأميركية" في البلاد.