"صافرة بداية موسم جديد من الاحتجاجات" تدخل نتنياهو في ضغط كبير وتظهره مرتبكاً

01 ابريل 2024
بقاء نتنياهو في منصبه مرتبط بتواصل الحرب على غزة (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاحتجاجات في إسرائيل تزداد زخمًا مطالبة بإعادة المحتجزين الإسرائيليين من غزة وإجراء انتخابات جديدة، وسط إخفاقات حكومة نتنياهو وضغوط متزايدة عليه للتصعيد ضد حماس.
- تعبر الاحتجاجات عن رفض تشريعات التعديلات القضائية وإعفاء اليهود المتزمتين من الخدمة العسكرية، وتسعى لإسقاط الحكومة وإحباط التشريعات المثيرة للجدل، مع تجديد الدعم لأهالي المختطفين.
- الضغط الشعبي يؤثر على نتنياهو الذي يرى الانتخابات تهديدًا للبلاد ويحاول صرف الانتباه عن الاحتجاجات، مما يضعه تحت ضغوط هائلة ويؤكد على صعوبة تعبيره عن مشاعره تجاه المختطفين وعائلاتهم.

باتت الاحتجاجات المطالبة بإعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة وإجراء انتخابات جديدة، في ظل إخفاقات حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو في العديد من الملفات، تكتسب زخماً كبيراً، يعيد إلى الأذهان المشاهد التي سبقت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والحرب الحالية على القطاع.

وتلقي الاحتجاجات، خاصة التي نُظّمت في القدس المحتلة أمس، بظلالها على نتنياهو، الذي بات يشعر بضغط أكبر، ما دفعه إلى الإدلاء بتصريحات قبيل خضوعه لعملية جراحية، لم يبدُ فيها في أفضل حالته، جدد من خلالها حديثه عن الاستعدادات للهجوم على رفح، وكرر شعارات النصر المطلق والقضاء على حماس وإعادة المحتجزين. وزعم في الوقت ذاته أن التظاهرات والدعوة لانتخابات تخدم حركة حماس، مردداً مراراً وتكراراً ادّعاء حرصه على المحتجزين وإعادتهم من خلال "مزيج من الضغط العسكري وإجراء مفاوضات حازمة".

وقد تكون تظاهرات اليومين الماضيين بداية جديدة للتظاهرات التي سبقت الحرب على غزة ضد تشريعات التعديلات القضائية، وإعفاء اليهود المتزمتين دينياً (الحريديم) من الخدمة العسكرية، يضاف إليها إخفاقات الحرب وملف المحتجزين، وقد عنونها المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنيع، بأنها "صافرة البداية لموسم جديد من الاحتجاجات".

واعتبر برنيع أن التظاهرة التي جرت في القدس المحتلة أمس "أطلقت صافرة البداية لموسم جديد من احتجاجات، منطقية أكثر، والتي ترتكّز على سلسلة إخفاقات الحكومة قبل 7 أكتوبر، وفي 7 أكتوبر وما بعده"، مضيفاً: "لم يتحدّثوا عن الحرب بالأمس، لا على منصة الخطابات ولا في التظاهرة، ولكن كان واضحاً أن فترة ضبط النفس إزاء الحرب قد ولّت من العالم. وكانت التصريحات ضد نتنياهو صارخة وقاسية للغاية، لدرجة أن مترجمة لغة الإشارة واجهت صعوبة في التحكم بتعابير وجهها بطريقة تمكنها من إيضاح ما يقال للجمهور".

ويفترض برنيع أن الفشل في 7 أكتوبر و"سلوك الحكومة المشين" منذ ذلك الحين "سيمنح الاحتجاج أجنحة جديدة أوسع وأكثر قوة"، مضيفا أنه "بالنسبة للعائلات، وكذلك بالنسبة لجزء كبير من المتظاهرين، فإن عودة المختطفين هي مسألة وجودية، وهو أمر سيتفكك المجتمع الإسرائيلي بدونه. وبالنسبة لآخرين، فإن المختطفين حجة أخرى ضد نتنياهو".

فيرتير: نتنياهو مثل أي دكتاتور خائف استخدم تكتيكاً مألوفاً يتمثل في اتهام خصومه السياسيين بمساعدة العدو

ويرى برنيع أن "الصراع المستمر مع الحكومة أدى إلى تفاقم شكوك المتظاهرين تجاه كل فاعل سياسي في السلطة، بل في الواقع، تجاه كل فاعل سياسي (أياً كان). وعندما سمعوا أمس أن نتنياهو سيجري عملية فتق، رفضوا أن يصدّقوا ذلك".

نتنياهو يشعر بالضغط

في صحيفة "هآرتس"، اعتبر يوسي فيرتر أن ما دفع نتنياهو إلى عقد مؤتمر صحافي ليلة أمس "نقطة التحوّل الكبيرة في الاحتجاجات المطالبة بإعادة المحتجزين"، متطرقاً إلى التظاهرات الصاخبة في تل أبيب ومناطق أخرى مساء السبت، فضلاً عن "المظاهرة الضخمة في القدس الليلة الماضية، والاحتجاجات المخطط لها هناك خلال الأيام الثلاثة المقبلة، وهي أكبر حدث احتجاجي خلال الأشهر الستة الماضية".

وأوضح فيرتر أن كل هذا أدخل نتنياهو في حالة ضغط، و"هذا هو السيناريو الذي كان يخشاه منذ لحظة بدء الحرب، أي عودة المظاهرات الحاشدة التي سبقت 7 أكتوبر، والتي أحبطت الهجمة على الديمقراطية التي قادها هو وياريف ليفين (وزير القضاء)، وأجبروه (نتنياهو) على التراجع عن إقالة وزير الأمن يوآف غالانت، والآن، تركّز على تقديم موعد الانتخابات".

ويرى فيرتير أن نتنياهو "مثل أي ديكتاتور خائف استخدم تكتيكاً مألوفاً يتمثل في اتهام خصومه السياسيين بمساعدة العدو"، مشيراً إلى أن "الدعوات لإجراء انتخابات الآن، في خضم الحرب، وقبل النصر مباشرة، تخدم حماس".

وفيما أوضح أن "الانتخابات ستشل البلاد لمدة ستة أو ثمانية أشهر، وستشل مفاوضات عودة المختطفين"، اعتبر الكاتب أن ادعاءات نتنياهو عبارة عن "كذب صريح"، وأن الاحتجاجات هي المشكلة بالنسبة له.

ولفت إلى أنه بعد نحو نصف سنة على الحرب، تعود إسرائيل إلى نفس الادعاءين المتناقضين في عام 2023، أحدهما أن "نتنياهو وحكومته يضعفون إسرائيل، والآخر أن الاحتجاجات ضدهما تضعف إسرائيل". واعتبر الكاتب أن نتنياهو يضعف إسرائيل، فيما تقويها الاحتجاجات، وأن نجاحها هو الاحتمال الوحيد لإنقاذ إسرائيل.

واستحوذ الضغط والتوتر على نتنياهو برأي الكاتب، ما جعله يشير عدة مرات إلى المحتجزين وعائلاتهم في تصريحاته، في حين "لم يسبق له أن خصص مثل هذا المقطع الطويل، بشكل تراكمي، بين كل فقرة وفقرة، للمختطفين ومعاناتهم ومحنة أحبائهم هنا، وتماهيه معهم والتزامه بإعادتهم، لكنه عاد في لحظة غفلة، وأكد الشعور السائد في إسرائيل، أن مصير المختطفين هو أمر ثانوي في نظره، بقوله: لا نصر دون دخول رفح، ولا نصر دون القضاء على كتائب حماس، قبل أن يضيف: وكذلك عودة مختطفينا".

فرصة وتصعيد متأخر ضد نتنياهو

في الصحيفة ذاتها، كتب المحلل العسكري عاموس هارئيل أن موجة التظاهرات التي انطلقت مساء السبت "تعبّر عن تصعيد جاء متأخراً، في نضال أهالي المختطفين. وفي الأثناء، يكتسب نشاط المنظمات الاحتجاجية لإسقاط الحكومة وإحباط التشريع الذي يعفي الحريديم من التجنيد الإجباري زخمًا متجدداً أيضاً".

وأضاف هارئيل أنه "بعد أشهر من الجمود في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، يبدو أن قسماً كبيراً من أهالي المختطفين أدركوا أنه إذا كانت هناك فرصة لإحداث تحوّل في المحادثات، فهي موجودة إلى حد كبير في أيديهم، وذلك من خلال زيادة الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

واعتبر أن المراحل المقبلة من المفاوضات ستجري في ظل التظاهرات، والتي ستضع لأول مرة تحدياً كبيراً أمام نتنياهو، فيما تتابع حركة حماس عن كثب ما يحدث في إسرائيل.

نتنياهو يسعى لحرب أبدية بغض النظر كم ستطول، أكثر من سعيه لتحقيق النصر المطلق الذي لا يظهر أبداً في الأفق

وأشار الكاتب إلى ازدياد سخونة التظاهرات، والتي جوبهت بحزم من قبل الشرطة.

وتتعاظم الشكوك، برأي المحلل ذاته، بأن "نتنياهو يسعى لحرب أبدية بغض النظر كم ستطول، أكثر من سعيه لتحقيق النصر المطلق الذي لا يظهر أبداً في الأفق". وأضاف أن "بطء وتيرة الاتصالات (بشأن المحتجزين)، والتأخير المتكرر من قبل نتنياهو، وقبل كل شيء، عدم قدرته المستمرة على إظهار الحد الأدنى من التعاطف تجاه معاناة المختطفين، أدى في النهاية إلى قلب الموازين بين العديد من عائلات المختطفين".

وأشار إلى أن الأسبوعين الأخيرين شهدا تحوّلاً معيناً في موقف رؤساء الأجهزة الأمنية، إلى جانب أعضاء في مجلس إدارة الحرب (كابينت الحرب) ومجلس الوزراء للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، بما في ذلك بعض وزراء حزب الليكود.

ولفت إلى "تزايد سماع الادّعاء بأن الكرة انتقلت إلى حد كبير إلى ملعب إسرائيل، وأن مماطلة نتنياهو (التي يصفها بالقدرة على إجراء مفاوضات حازمة) هي السبب الرئيسي للتأخير في التوصل إلى اتفاق".

ويرى الكاتب أن نتنياهو اضطر للموافقة على إبقاء وفد مفاوضات في قطر وإرسال وفد آخر إلى مصر تحت الضغوطات التي تمارس عليه.

واعتبر أن نتنياهو بدا مرتبكاً إلى حد ما في ظهوره أمس، وعلى غير عادته تلعثم بقراءة النص المكتوب، لكن هارئيل خلص إلى أنه "من الصعب أن نفاجأ بهذا، فرئيس الوزراء يتعرض لضغوط هائلة، والآن أضيفت مخاوف صحية إلى هذا. وإن اعتزم أن يبث للجمهور، أو لحماس، تصميماً وثقة بالنفس، فقد أخطأ الحدث هدفه. لكن ما برز مرة أخرى هو صعوبة تعبير نتنياهو عن مشاعره تجاه المختطفين وعائلاتهم، حتى عندما حاول نقلها بكلماته".

المساهمون