يُحيي التونسيون يوم غد الأحد 14 كانون الثاني ذكرى مرور 13 سنة على ثورة الياسمين. ورغم مرور كل هذه السنين، ما زال ملف جرحى الثورة التونسية وشهدائها ملفاً ثقيلاً لم يُحَلّ كما كانت تتوقع عائلات من بذلوا دماءهم من أجل الوطن.
تؤكد ألفة شنيتي، شقيقة الشهيد غسان، من محافظة تالة وسط غرب تونس، أنه في 8 يناير/ كانون الثاني من كل عام تتجدد جراحهم وآلامهم. فغسان ابن الـ 19 عاماً توفي، محاولاً إنقاذ صديقه المصاب في أحداث الثورة التونسية. ولكن رغم مضيّ 13 عاماً على استشهاد شقيقها، إلا أن الحزن بقي هو ذاته، فهذا التاريخ لن يُنسى بالنسبة إلى العائلة التي فقدت أصغر أبنائها.
تعود الذاكرة بألفة، فتقول إن شقيقها غسان توفي وفي جيبه الحلوى، أي إنه رحل وهو لا يزال يحمل شقاوة الطفولة. مضيفة في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه رغم تذكّر البعض للشهداء ووضع صورهم في بعض المناسبات كذكرى الثورة، إلا أن هذا لا يزال دون المأمول، "فالشعارات كثيرة، ولكن الواقع محزن"، على حدّ تعبيرها.
ولفتت إلى أن "ذكرى الشهداء لا تزال حاضرة في الأذهان، ولكن للأسف لم يتم إنصاف عائلات الشهداء ولا المناطق التي ظلت منسيّة دون تنمية ودون أي إنجازات"، مبيّنة أن "البعض للأسف يحصر الملف في الجانب المالي والتعويضات المادية، في حين أن جراح أمهات الشهداء لم تندمل ودموعهن لم تجفّ إلى اليوم".
وأكدت أن التعويض المعنوي يظل أهم بكثير، مشيرة إلى أن تسمية بعض الشوارع بأسماء الشهداء سيكون خطوة هامة ولها وقع لدى العائلات.
وأضافت ألفة شنيتي: "لا تنمية ولا تشغيل في منطقة تالة التي قدمت عديد الشهداء، رغم الثروات الطبيعية للجهة وامتلاكها لمادة الرخام، وكان بالإمكان على مرّ هذه السنوات إنجاز عديد المشاريع التنموية وتشغيل الشباب وتحسين المشافي". وأضافت أنهم يضطرون إلى الانتقال إلى محافظات أخرى للعلاج، ولو توافرت التجهيزات والمستشفى، لما ظل شقيقها ينزف لساعات إلى أن فارق الحياة.
وقال جريح الثورة التونسية، علاء القيزاني، من سيدي ثابت بالعاصمة تونس، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه بعد تأسيس مؤسسة فداء من أجل الاهتمام بملف شهداء وجرحى الثورة، لوحظ وجود تقدم، حيث إنهم حصلوا على بعض الجرايات (التعويضات المالية)، ولكن لا تزال هناك عدة نقائص، مشيراً إلى أن المرسوم الخاص بإنصافهم ينصّ على عدة امتيازات، جلّها لم يُفعّل، والمناطق التي يعيشون فيها لم يتغير فيها شيء.
وأكد أن أبسط الأحلام تظل غير ممكنة، فهو مولع بالرياضة، ولكنه حُرم ممارسة نشاطه المفضل، إذ إنه لا يجد فضاءات ملائمة لممارسة هوايته، ولكنه لا يزال يأمل تحقيق عدة أشياء، من بينها أن يعيش في بيئة جيدة.
وأضاف أن التعويض المالي مهما بلغت قيمته، لن يعوّض له ما حُرِمَه، مبيناً أنه ينتظر ردّ الاعتبار، والجرحى يجري تذكرهم فقط في ذكرى الثورة.
ولا يزال علاء يعاني من عدة إصابات على مستوى يده ورأسه، وشبكية عينيه، مبيّناً أن الأضرار متعددة، ولكنهم كجرحى لم يُنصَفوا.
وأفاد بأن "اسم الجريح تحوّل إلى نقمة"، حتى إنه يتحاشى أحياناً ذكر أنه جريح. فهذا الصوت مخيف للبعض، مضيفاً أنه ناشط بالمجتمع المدني، ويحاول تبليغ مشاغل شباب جهته، ومطالبهم بسيطة وقابلة للتحقيق، ولكنهم للأسف لا يجيدون أبسط التشجيعات.
ورأى الناشط بالمجتمع المدني والمهتم بملف شهداء وجرحى الثورة، عادل بنغازي أن "الحكومات والمؤسسات واللجان المعنية بملف شهداء الثورة وجرحاها تغيرت، وطوال الـ13عاماً تأتي أسماء وتتكون حكومات، ولكن الإجراءات لا تزال دون المأمول"، مبيناً أنه "على أرض الواقع لا توجد إجراءات مهمة. صحيح أنّ هناك بعض الإجراءات والتغييرات، ولكنها لم ترتقِ إلى حجم تضحيات الجرحى، ولم تكن في مستوى تطلعات عائلات الشهداء".
وبيّن أن "التعامل مع هذا الملف بالذات ظل دون المستوى المطلوب، ولم يرتقِ إلى حجم تضحياتهم، ولا الدماء التي قدمت لهذا الوطن، والحديث عن امتيازات أو علاج وكأن هناك فضلاً على هؤلاء، في حين أنه استحقاق، إذ يجب أن يكون كل شيء وفق القانون ودون أي مزايا".