ينحدر عدد من منفذي عمليات إطلاق النار ضد الاحتلال في الضفة الغربية، خلال الآونة الأخيرة، من مخيم عسكر للاجئين الواقع إلى الشرق من مدينة نابلس شمالي الضفة، ما يشير إلى توسع دائرة المقاومة المسلحة الفلسطينية، النشطة خصوصاً في مخيمات اللاجئين.
أربعة من أبناء المخيم، استشهد 3 منهم واعتقل الرابع، نفذوا في الأشهر الأخيرة عمليات إطلاق نار أدت إلى مقتل مستوطنين في الضفة الغربية.
عبد الفتاح خروشة، حسن قطناني، ومعاذ المصري، والأسير الفتى عبد الله الزمر، كانوا وراء عمليات أسفرت عن مقتل 5 مستوطنين وإصابة سادس في مناطق متفرقة بالضفة، أبرزها عملية الأغوار الأخيرة التي قتلت فيها 3 مستوطنات ونفذها كل من المصري وقطناني.
واغتالت قوات إسرائيلية خاصة، في الساعات الأولى من صباح الخميس، كل من قطناني والمصري وإبراهيم جبر، خلال اقتحامها البلدة القديمة في مدينة نابلس التي لجأ إليها الشهيدان خلال شهر من مطاردة أجهزة الاحتلال لهما بعد تنفيذ عملية الأغوار.
وقال أحد قادة المقاومة الميدانيين في المخيم، فضل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما يجمع أبناء مخيم عسكر الذين نفذوا تلك العمليات هو رفضهم حياة الذل والخنوع، وسعيهم للرد على جرائم الاحتلال"، مبيناً أن "خروشة رد على مجزرة نابلس التي راح ضحيتها 11 مواطنًا في أوائل فبراير/شباط المنصرم، والمصري وقطناني ردا على اقتحام الاحتلال والمستوطنين المسجد الأقصى المبارك والاعتداء على المرابطات هناك".
ورجح القائد الميداني عدم وجود تنظيم هيكلي باسم "كتيبة عسكر"، كما جرى الحال مع مجموعات أخرى في الضفة مثل "كتيبة جنين" ومجموعة "عرين الأسود".
وقال: "لقب الكتيبة يطلق اليوم على كل منطقة يخرج منها أعمال متتابعة للمقاومة، بحيث يظهر الأمر وكأنها منسقة، وهذا قد لا يكون كذلك فعلياً".
وأضاف القائد الميداني أن المقاومة تبرز بشكل جلي في المخيمات مثل جنين وعسكر وعقبة جبر، "لأن ذاكرة أبنائها زاخرة بالأرشيف الدموي للاحتلال والتهجير والمأساة، لذلك تجدهم منذ طفولتهم قد ولدوا على فطرة المقاومة".
روابط عائلية
وينتمي الشهيدان قطناني والمصري، اللذان ترعرعا في أزقة مخيم عسكر بمدينة نابلس، منذ صغرهما لحركة حماس. وقال القائد الميداني إنه "خلال نضال الشعب الفلسطيني الممتد لعقود، برزت عائلات كثيرة ورثت أبناءها الفكر الوطني والثوري".
وشكلت الروابط العائلية جزءا من توجهات الشهداء التنظيمية، فالشهيد حسن قطناني من عائلة عثمان قطناني، الذي اغتاله الاحتلال مع قائدي حركة حماس جمال سليم وجمال منصور في قصف لمكتب تابع للحركة بمدينة نابلس عام 2001. كما نفذت ابنة ابن عمه الفتاة أشرقت طه قطناني عملية طعن ضد جنود الاحتلال عند حاجز حوارة جنوب نابلس قبل سنوات. في حين تعرض الشهيد ذاته للاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الفلسطينية أكثر من مرة، وهو المصير ذاته الذي تعرض له عدد من أشقائه وأقاربه.
وقال رضوان قطناني، ابن عم الشهيد، لـ"العربي الجديد": "أنا في سن قريبة من سن حسن، وتربطني به علاقة ممتازة، وهو شاب لاقى، أسوة بكافة أبناء المخيمات، شظف الحياة، فوالده كان موظفاً في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهو الشقيق الأوسط بين 10 أشقاء (4 ذكور و6 إناث)".
والشهيد، الذي كان يعمل في أحد مصانع الإسفنج في مدينة نابلس، متزوج وأب لطفلين محمد (4 سنوات) وصهيب (3 سنوات)، وهو شقيق زوجة عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، الذي تعود أصوله أيضاً لمخيم عسكر.
وأضاف قطناني أن ابن عمه سجن لدى الاحتلال والسلطة الفلسطينية عدة مرات، "وتعرض للتعذيب، بسبب دعمه المقاومة".
أما الشهيد المصري الذي تعود أصوله لمدينة نابلس، حيث كانت عائلته قد سكنت في منطقة مطلة على مخيم العسكر، فيحمل شهادة البكالوريوس في التربية الرياضية.
يقول قريبه أيمن المصري، لـ"العربي الجديد"، إن الشهيد تعرض للاعتقال والملاحقة من الاحتلال وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
ويعمل الشهيد في شركة خاصة للأقمشة والمفروشات، "وكان حافظا للقرآن الكريم كاملاً، ويقضي معظم وقته بعد الانتهاء من عمله في تعلّيم الأطفال القرآن في مساجد مخيم عسكر"، حسب قريبه.
وبعد سنوات طويلة من غياب العمل التنظيمي المسلح، برزت، خلال العام الماضي، مجموعات مسلحة في الضفة الغربية بدت منظمة في ظاهرها، واستمرت وتوسعت حتى يومنا هذا لتشمل مناطق عدة في الضفة.
وأشار القائد الميداني إلى "وجود التفاف جماهيري حقيقي حول خيار المقاومة"، لافتاً إلى أن من وصفهم بـ"أتباع الحل السلمي" يحاولون التنكر لوجوده في الشارع.