شهادات من مخيم نور شمس: صمود الأهالي أفشل مخططات الاحتلال لتهجيرهم

01 سبتمبر 2024
من اقتحام مخيم نور شمس، 1 سبتمبر 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

منذ صباح الجمعة، بدأت الجرافات الفلسطينية تسوية ما دمرته جرافات الاحتلال الإسرائيلي على طول طريق نابلس في طولكرم شمال الضفة الغربية، الذي يمر من وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، لكنه يعد الطريق الرئيسي لطولكرم نحو مدينة نابلس، ومدن أخرى، وسط الضفة وجنوبها. كما فتحت الجرافات طرقاً داخل المخيم أغلقها الاحتلال بأكوام التراب التي جمعها بعد تجريفات واسعة، خلال الاقتحام الذي دام قرابة 46 ساعة من منتصف ليلة الثلاثاء- الأربعاء، حتى ليل الخميس، تاركاً خلفه دماراً كبيراً كبد المخيم خسائر بنحو 30 مليون دولار وتدمير 150 منزلاً.

آثار الاقتحام هذه المرة أوسع من آثار اقتحامات سابقة وفق اللجنة الشعبية في مخيم نور شمس، وإن تشابهت طريقة التجريف والتخريب والتدمير. بدأت الطواقم بإصلاح الشوارع، لكنها طواقم تتبع جهات مختلفة من داخل مخيم نور شمس وخارجه، من المؤسسات المختلفة، كالدفاع المدني والوزارات والمحافظة والبلديات، والمهمة تشمل إعادة إصلاح خطوط المياه والكهرباء والصرف الصحي.

أضرار اقتحام مخيم نور شمس "أوسع هذه المرة"

يقول رئيس اللجنة الشعبية في المخيم نهاد الشاويش لـ"العربي الجديد"، "إن الاقتحامات للمخيم تكررت قرابة 30 مرة، وخلفت خسائر مادية تقارب 80 مليون دولار؛ منها 30 مليون دولار خلال الاقتحام الأخير وحده". ووصف الشاويش الاقتحام الأخير لمخيم نور شمس بأن أضراره كانت أوسع من أضرار الاقتحامات السابقة، وهو اقتحام ضمن العملية العسكرية التي شنتها حكومة الاحتلال في مخيمات شمال الضفة الغربية تحت مسمى "مخيمات صيفية"، في حين أطلقت عليها فصائل مقاومة اسم "رعب المخيمات".

ودمر الاحتلال قرابة 1200 متر طولي من الطرق والبنية التحتية، بما في ذلك الخط الرئيسي وخطوط متفرقة من شبكة المياه، وتعطيل جزء من شبكات الكهرباء والإنترنت والصرف الصحي، إضافة إلى تدمير أو حرق 35 منزلاً بحيث لم تعد صالحة للسكن، و117 منزلاً تأثر جزئياً.

وحصل "العربي الجديد" على شهادات من الأهالي، بما حل بعدد من المنازل في المخيم، حيث استخدم جيش الاحتلال تفجير أو هدم الأسوار بين المنازل من أجل الوصول من واحد إلى آخر من دون اضطرار الجنود إلى الخروج إلى الشوارع، بحيث أحدث بين عدد منها فتحات في الجدران. كما هدم أجزاء من منازل أخرى بالجرافات الثقيلة، وأكلت نيران تفجيراته محتويات عدد آخر من المنازل أكلاً كاملاً أو جزئياً.

من أمام منزله ومحله التجاري في حي المنشية في مخيم نور شمس، يجلس فؤاد قانوح، قائلاً، إن عائلته المكونة من 16 شخصاً، خرجت من المنزل فقط بما يرتديه أفرادها من ملابس، إثر اقتحام المنزل وتعمد جيش الاحتلال تفجير محل تجاري أسفله، كان بداخله قرابة 50 أسطوانة من غاز الطهي.

يقول قانوح لـ"العربي الجديد"، إن محله التجاري يعمل ببيع الغاز ومرخص منذ قرابة 40 عاماً، ومعروف للجميع بما في ذلك الاحتلال، لكن الجنود عمدوا إلى تفخيخ أسطوانات الغاز وشبكوها بمتفجرات وتفجيرها عمداً، ما أدى كذلك إلى حريق التهمت نيرانه شقتين للعائلة، ووصل إلى عدد من المنازل المجاورة، في حين أدى الانفجار إلى تضرر في منزل مقابل.

أما أبو عبد الله أمارة، فتعرض منزله في حي الدمج في مخيم نور شمس إلى هدم جزئي بالجرافات، قبيل اقتحام المنزل، ومصادرة الهواتف النقالة لكل أفراد العائلة، ثم طردها إلى الخارج، بادعاء وجود مسلك آمن وأن مركبة إسعاف تنتظر العائلة في نهاية الطريق الذي أشار إليه الجنود.

يقول أبو عبد الله لـ"العربي الجديد"، إنه حينها وجد نفسه ومرافقيه وهم أربع نساء، في مكان لا يوجد فيه مركبة إسعاف كما ادعى الجنود، بل استشعروا الخطر في حال إكمال سيرهم على الأقدام لانتشار جيش الاحتلال، ما دفعه إلى البقاء في بيت إحدى عائلات المخيم لعدة ساعات قبل الاطمئنان لمغادرة الجيش المنطقة، ثم خرج مع عائلته من المخيم، فيما أقدمت جرافة الاحتلال على هدم أجزاء من بيت شقيقه، وبيت مجاور.

ويرى رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم نور شمس نهاد الشاويش، أن الاحتلال أراد هذه المرة تجربة إخراج الفلسطينيين من المخيم خلال اقتحامه له، وإن بطريقة غير رسمية، حيث أشاع وجود قرار بالإخلاء، لكن تمسك الأهالي بالبقاء دفعه إلى التراجع، مؤكداً أن صمود الأهالي أفشل ذلك.

وتتكرر اقتحامات الاحتلال لمخيم نور شمس، منذ ما قبل منتصف العام الماضي 2023، وقد عمد خلال العديد من الاقتحامات إلى تجريف الشوارع والبنية التحتية وتدمير عدد من المنازل والممتلكات، بحجة استهداف كتائب المقاومة داخل المخيم، لكن ما يؤكده الأهالي أن المستهدف كل أهالي المخيم اللاجئين.

وخلف الاقتحام الأخير شهيدين من المخيم أحدهما المسن عايد أبو الهيجا (62 عاماً) والذي أعدمه قناص فور فتح باب منزله للخروج، مع العلم انه يعاني مشكلة عصبية نتيجة للتعذيب في سجون الاحتلال سابقاً، والشهيد الآخر هو قائد كتيبة طولكرم- سرايا القدس، محمد جابر (26 عاماً) الملقب بـ"أبو شجاع"، الذي اغتاله الاحتلال فجر الخميس الماضي، في مخيم طولكرم المجاور مع اثنين من المقاومين استشهدا وثالث اعتقل مصاباً.