شروط بايدن وجونسون للمشاركة في قمّة شرم الشيخ للمناخ

18 يونيو 2022
منحت لندن علاء عبد الفتاح الجنسية البريطانية (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال ملف حقوق الإنسان والسجناء السياسيين أحد مسببات الإزعاج الرئيسية للنظام الحاكم في مصر، خصوصاً مع اقتراب قمة المناخ العالمية المقرر عقدها في منتجع شرم الشيخ الساحلي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وذلك بعدما رهن كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون مشاركتهما في قمة المناخ المقبلة باشتراطات متعلقة بحقوق الإنسان.


لندن... شروط مرتبطة بوضع علاء عبد الفتاح

وبحسب مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن القاهرة "تلقت صدمة كبيرة بعدما أبلغت الحكومة البريطانية المسؤولين في مصر، بعدم ارتقاء التمثيل البريطاني خلال القمة إلى رئيس الحكومة، قبل إطلاق سراح الناشط السياسي علاء عبد الفتاح"، الحاصل أخيراً على الجنسية البريطانية.


وذكرت المصادر أن الأيام الماضية "شهدت تكثيف الاتصالات المصرية البريطانية بشأن ملف الناشط علاء عبد الفتاح في ظل ضغوط كبيرة من جانب عدد من المنظمات الحقوقية الدولية على الحكومة البريطانية من أجل الضغط على الجانب المصري للإفراج عنه".

اشترطت لندن إطلاق سراح علاء عبد الفتاح لحضور جونسون القمة


ومنحت لندن عبد الفتاح الجنسية البريطانية وهو داخل سجنه، وجاءت الخطوة البريطانية بعدما بدأ عبد الفتاح في الثاني من شهر إبريل/ نيسان الماضي إضراباً عن الطعام. وذكرت أسرة عبد الفتاح حينها في بيان صادر عنها، أن الأخير "يريد أن يتم السماح له كمواطن بريطاني بزيارة من القنصلية البريطانية في محبسه للتداول في المسارات القانونية المتاحة أمامه وتمكينه من التنسيق مع محامي الأسرة في بريطانيا لاتخاذ الإجراءات القانونية الممكنة أمام القضاء البريطاني الخاصة بما تعرض له من انتهاكات وبكافة الجرائم ضد الإنسانية التي تعرض لها على مدار سنوات حبسه".


ونقلت السلطات المصرية عبد الفتاح في منتصف مايو/ أيار الماضي من سجن العقرب (جنوبي القاهرة) سيئ السمعة، إلى مركز الإصلاح والتأهيل في وادي النطرون، بعد تدخل المجلس القومي لحقوق الإنسان، في أعقاب توجيه التماس موقع من 500 سيدة مصرية من الشخصيات العامة طالبن فيه رئيسة المجلس، السفيرة مشيرة خطاب، ببذل أقصى الجهود للإفراج عنه.


وبحسب المصادر الدبلوماسية التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن "المسؤولين في مصر طلبوا مزيداً من الوقت من أجل تلك الخطوة (إطلاق سراح عبد الفتاح) في الفترة الراهنة نظراً للظروف الاقتصادية والسياسية الحالية والتي لا تحتمل أي معارضة سياسية أو تأجيج للشارع".
ووفقاً للمصادر، فإن المسؤولين في القاهرة "اقترحوا الحديث بشأن وعد مصر بمدى زمني يمكن إطلاق سراح علاء عبد الفتاح خلاله، من دون التقيد بأن يكون ذلك سابقاً لقمة المناخ المقبلة التي تسعى مصر لإخراجها بأفضل شكل ممكن".


وبحسب مصدر مصري خاص مطلع على ملف السجناء السياسيين، فإن "السبب الرئيسي وراء عدم إطلاق سراح عبد الفتاح في الوقت الراهن، وتدويره في قضايا جديدة بعدما أخلي سبيله سابقاً، هو عدم ثقة النظام في قدرته على ضبط لسان عبد الفتاح، إذا تم إخلاء سبيله وغادر مصر".


وأكد المصدر أن "علاء وأسرته هم مجموعة من الأشخاص يصعب السيطرة عليهم والتحكم في مواقفهم المعلنة".


ويقضي عبد الفتاح البالغ من العمر 40 عاماً والمسجون منذ سبتمبر/ أيلول 2019، حكماً بالسجن 5 سنوات غير قابل للاستئناف صدر عن محكمة استثنائية في ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد إدانته بتهمة نشر أخبار كاذبة. وجاء ذلك بعدما أعاد عبد الفتاح نشر تغريدة تتحدث عن موت سجين تحت التعذيب في أحد السجون.
وكان ألقي القبض على علاء عبد الفتاح في المرة الأخيرة في سبتمبر 2019 بعد أقل من ستة أشهر على خروجه من السجن إثر إتمامه عقوبة سابقة بالحبس خمس سنوات بتهمة التظاهر دون ترخيص.


وتخوض أسرة عبد الفتاح حملة دولية للضغط على الحكومة المصرية من أجل الإفراج عنه، تقودها خالته الكاتبة والناشطة السياسية أهداف سويف التي تحمل الجنسية البريطانية، وشقيقته سناء سيف، وشقيقته الأخرى منى سيف التي أعلنت دخولها في إضراب كلي عن الطعام بداية من الأحد الماضي، تضامناً مع إضراب شقيقها عن الطعام المستمر منذ 77 يوماً، مشددة على أن شقيقها "يتعرض لجريمة القتل البطيء بسبب آرائه"، مطالبة الحكومة البريطانية "بأن تتحمل دورها القانوني والحقوقي والإنساني وتتدخل من أجل إنقاذه".


وفي مايو الماضي، حثت مجموعة "حقوق الإنسان في مصر" في الكونغرس الأميركي، الحكومة المصرية، على الإفراج عن عبد الفتاح. وقالت المجموعة في بيان إنه "حُكِم على علاء في العام الماضي بالحبس خمس سنوات، ولم يكن قد فعل أكثر من أنه أعاد تغريد تعليق من شخص آخر، وهذا يجعل من مزاعم الحكومة المصرية تضع حقوق الإنسان في أوائل اهتماماتها، أضحوكة".

المسؤولون في القاهرة اقترحوا الحديث بشأن مدى زمني لإطلاق عبد الفتاح


ودعت المجموعة حكومتَي الولايات المتحدة وبريطانيا لأن توضحا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن استمرار الحكومة المصرية في انتهاك حقوق منتقديها، مثل علاء عبد الفتاح، يُعَرِّض للخطر الشراكة الأمنية التي تريدها مصر مع حلفائها في الغرب، وأن تجريم المعارضة السلمية يُمَكِّن المجموعات المتطرفة التي تكرس العنف على أنه الحل الوحيد لمشاكل المنطقة.


واشنطن غير راضية عن خطوات مصر

وفي سياق آخر، كشفت المصادر أن مشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن في قمة المناخ في شرم الشيخ، "باتت على المحك، بعدما تمسكت الإدارة الأميركية ومسؤولون بارزون فيها، بعدم حضور بايدن من دون تنفيذ المسؤولين في مصر مطالب أميركية متعلقة بحالة حقوق الإنسان".

وبحسب المصادر، فإن "الجانب الأميركي يرى أن الخطوات الأخيرة لم تلب سوى جزء هزيل من حجم المطالب الأميركية في المجال الحقوقي". وبحسب المصادر، فإن المسؤولين في الإدارة الأميركية "يرون أن الدعوة الرئاسية الأخيرة للحوار الوطني، والإفراجات التي جرت لنشطاء سياسيين، غير كافية".


وأكدت المصادر أن "التمثيل الأميركي في القمة محصور حتى الآن إما في جون كيري، مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المناخ، أو كامالا هاريس نائبة الرئيس"، لافتة إلى أن هناك "إصراراً أميركياً على عدم زيارة بايدن للقاهرة، أو عقد لقاءات ثنائية مع الرئيس المصري، حتى تنفيذ المطالب المتعلقة بملف حقوق الإنسان الذي حددتها واشنطن في وقت سابق للقاهرة".


وتتهم المنظمات الحقوقية الدولية السلطات المصرية بانتهاك حقوق الإنسان وبقمع كل أطياف المعارضة، وهو ما تنفيه الحكومة المصرية. وتقدر هذه المنظمات عدد السجناء السياسيين في مصر بنحو 60 ألف سجين.


وكانت منظمة العفو الدولية و20 منظمة غير حكومية أخرى وصفت في أواخر عام 2021 الوضع الحقوقي في مصر بأنه "كارثي"، مشيرة إلى وجود "ناشطين سلميين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومحامين وأساتذة جامعات وصحافيين محبوسين لمجرد أنهم مارسوا حقهم في حرية الرأي والاجتماع السلمي والتنظيم".


ومن المقرر أن يلتقي بايدن والسيسي في السعودية في 16 يوليو/ تموز المقبل، وذلك خلال القمة المشتركة التي أعلنت عن عقدها الرياض، والتي تضم قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وملك الأردن عبدالله الثاني، والرئيس المصري، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.