أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان لها، اليوم الخميس، أنّ عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية لا تعني أنّ سورية أصبحت بلداً آمناً لعودة اللاجئين، وأنّ النظام لا يزال يمارس جرائم ضد الإنسانية.
وحددت الشبكة الحقوقية أربع توصيات للقادة والزعماء العرب في اجتماعهم الـ32 للجامعة العربية المنعقد في جدة، قائلة إنّ هذه هي الحد الأدنى من المطالب التي يجب أن تكون على جدول القمة بوجود بشار الأسد، أولها أن يفرج فوراً عن قرابة 136 ألف معتقل سياسي، بينهم 96 ألف مختفٍ قسرياً، كما ويعلن أسماء ضحايا عمليات التعذيب والإعدام في مراكز احتجازه وأماكن دفنهم، وأن يلغي المحاكم الاستثنائية، مثل محكمة الإرهاب، ومحكمة الميدان وجميع القرارات التي صدرت عنها.
وطالبت الشبكة بإلغاء القوانين التي سيطر بموجبها النظام السوري على الأراضي والممتلكات الخاصة باللاجئين والنازحين، وأن يسمح ببدء عملية محاسبة مستقلة لجميع المتورطين بارتكاب عمليات القصف والقتل والتعذيب بحق الشعب السوري، مهما كانت رتبهم ومناصبهم الأمنية والعسكرية.
وحذرت الشبكة السورية من أنّ تؤدي عملية إعادة العلاقات مع النظام السوري إلى إجبار اللاجئين السوريين على العودة، وأكدت أنّها سجلت إعادة قسرية لما لا يقل عن 753 لاجئاً سورياً في لبنان، وذلك منذ مطلع إبريل/ نيسان المنصرم وحتى الآن، بينهم 72 سيدة و94 طفلاً.
ورصد التقرير اعتقال 14 شخصاً بينهم طفل، حيث اعتقلت مفرزة الأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري اثنين منهم في منطقة المصنع الحدودية، وهما من عائلة واحدة، بينما اعتُقل الباقون في مدينة دمشق من قبل فرع أمن الدولة.
وأكدت الشبكة أنّ أجهزة النظام الأمنية ما زالت تمارس انتهاكات فظيعة يصل بعضها إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، وأنّ بعض اللاجئين الذين يجبرون على العودة سيتعرضون لانتهاكات مشابهة في ظل غياب بيئة قانونية، ما يساهم في تحكم الأجهزة الأمنية بمصير المقيمين والعائدين.
ووثق البيان أنّ الغالبية العظمى من حالات الاعتقال التعسفي تتم دون مذكرة قضائية، ويتحول قسم كبير من المعتقلين تعسفياً إلى مختفين قسرياً، وهناك احتمال كبير لتعرضهم للتعذيب وللموت تحت التعذيب، إضافةً إلى إمكانية تعرضهم لانتهاكات أخرى كالتجنيد الإجباري والابتزاز والسيطرة على الأراضي والممتلكات.
وشدّدت الشبكة الحقوقية على ضرورة العمل على انتقال سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254، ما يؤسس لخلق بيئة قانونية تحترم حقوق الإنسان والقانون الدولي، وقالت إنّه عندما يشعر اللاجئ السوري بالأمن، عندها فقط سيعود بشكلٍ طوعي إلى وطنه وبيته.
وحول إمكانية وجود مطالب عربية من الأسد في هذه القمة وماهيتها، قال المحلل السياسي درويش خليفة لـ"العربي الجديد"، إنّه لو كان هناك شروط عربية معيقة لتطور العلاقات بين النظام والدول العربية، لما حضر بشار الأسد القمة في جدة، واكتفى بحضور وزير الخارجية فيصل المقداد.
واعتبر خليفة أنّ حضور رأس النظام يرجع إلى توافر الظروف المناسبة له على الصعيد الشخصي ثم الوظيفي بأن لا شروط مسبقة، بل هناك أفكار يمكن تطويرها بين الجانبين، وأغلب الظن سيكون التركيز على الجانب الإنساني فقط.
من جانبه، قال الباحث السياسي في مركز "جسور" للدراسات، وائل علوان، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "التطبيع ليس مجانياً، لكن لا يشترط أن يكون الثمن من النظام السوري، خصوصاً أنّ النظام غير جاد وغير متعاون في تقديم أي خطوة جدية، أو في تأمين المصالح والأمن القوي للدول المطبعة"، وأردف بالقول: "ثمن التطبيع قد يكون بتفاهمات إقليمية مرتبطة بالجانب السعودي من تفاهماتها مع إيران، والجانب السعودي يقدم أمن المملكة في حدودها الجنوبية".
وأضاف علوان: "بالطبع الدول العربية لديها طلبات من النظام، لكن في البداية كان التطبيع فيه تراخٍ ثم تعدل الموقف بجملة شروط وضعها اجتماع عمان، ثم تضمنها بيان اجتماع وزراء الخارجية العرب".
وختم الباحث بالقول: "بكل الأحوال أعيد الأسد إلى الجامعة العربية، وتم التغاضي عن الشروط لأن الشروط يجب أن تسبق التطبيع الكامل، وهو ما لم يحدث، لكن يبقى اسمها جملة مطالب عربية يمكن أن يطالب بها الأسد إنّ تغيرت الظروف الإقليمية والدولية".
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد وصل إلى جدة، الخميس، لحضور اجتماعات القمة العربية.