دعا نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو، إلى فرض عقوبات على شراء الجزائر للأسلحة الروسية، لكونها تصب في صالح توفير مقدرات مالية لصالح موسكو تدعم خوضها الحرب على أوكرانيا، فيما تقرأ تقديرات جزائرية هذا التنبيه الأميركي بأنه محاولة للضغط على الجزائر بسبب موقفها من رفض التطبيع مع إسرائيل.
ووجه روبيو، رسالة إلى وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، أكد فيها أنه يلفت النظر إلى "المشتريات الدفاعية الجارية بين الجمهورية الجزائرية وروسيا"، مضيفاً أن "روسيا هي أكبر مورد عسكري، وتعد الجزائر أيضاً من بين أكبر أربعة مشترين للأسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم، وبلغت ذروتها بصفقة أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار في عام 2021".
وأضاف المسؤول الأميركي في رسالته مخاطباً الوزير بلينكن، "كما تعلمون، فإن القسم 231 من قانون مكافحة خصوم أميركا من خلال العقوبات لعام 2017، يوجه الرئيس إلى فرض عقوبات على الأطراف المشاركة في معاملات كبيرة مع ممثلي قطاعي الدفاع أو الاستخبارات في حكومة الاتحاد الروسي. وقد فوض الرئيس تلك السلطة إلى وزير الخارجية، بالتشاور مع وزير الخزانة".
وبرأي السيناتور الأميركي فإن "تدفق الأموال من أي مصدر إلى روسيا لن يؤدي إلا إلى زيادة تمكين آلة الحرب الروسية في أوكرانيا. ومع ذلك، فإن الإجراءات المتاحة لكم لم تستخدم بعد، وطالب بلينكن بأن يتم أخذ ذلك على أساس أنه التهديد الذي لا تزال روسيا تشكله على الاستقرار العالمي على محمل الجد وأن تحدد بشكل مناسب الأطراف التي تشتري العتاد الروسي".
وتقتني الجزائر منذ السبعينيات دفعات من الأسلحة والمنظومات الدفاعية من روسيا، وترتبط بعلاقات تاريخية في مجال تعاون عسكري وفي مجال تكوين القيادات العسكرية، خاصة خلال السنوات الأخيرة التي أطلقت فيها الجزائر مشروعاً لتحديث الجيش وتجديد سلاحه، بعد فترة عصيبة مرت بها في فترة الأزمة الأمنية في التسعينات، تعرضت فيها إلى حصار غربي فيما يخص مشتريات الأسلحة.
ويعبر هذا الموقف عن قلق أميركي إزاء تزايد التعاون في المجالات العسكرية والاستراتيجية بين الجزائر وموسكو، قد تزيد الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى موسكو المقررة قبل نهاية العام الجاري للتوقيع على "وثيقة التعاون الاستراتيجي"، في حدة النظرة الأميركية اتجاه الجزائر.
يأتي ذلك رغم تأكيدات بلينكن خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر في مارس/آذار الماضي، أن الجزائر شريك مهم في مكافحة الإرهاب، وقال حينها "نعمل مع الجزائر سوياً على محاربة الإرهاب، والجزائر تلعب دور هاماً في أمن منطقة الساحل، والجزائر مهمة جداً لتحسين الأمن في المنطقة".
وفي نهاية مارس أكد الرئيس عبد المجيد تبون أن الجزائر توازن بين علاقاتها مع موسكو بنفس القدر مع واشنطن، وقال "لدينا علاقات مميزة مع روسيا منذ ستين عاماً، ولدينا علاقات مع أميركا والصين، ولا أحد يفرض علينا كيف ندير علاقاتنا، والأميركيون يتفهمون ذلك جيداً".
ويأخذ الموقف المعبر عنه من قبل السيناتور الأميركي، في الجزائر مأخذاً جدياً، وتطرح تقديرات سياسية إمكانية أن يكون ذلك بدافع من اللوبي الإسرائيلي، الذي لا يرتاح لطبيعة الموقف الجزائري الذي يقود تحركاً أفريقياً وعربياً ضد التواجد الإسرائيلي والتطبيع.
بداية التحرش
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة تيبازة قرب العاصمة الجزائرية، زهير بوعمامة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذا الموقف قد يكون بداية للتحرش بالجزائر بسبب موقفها من التطبيع، وللتجييش ضدها في المرحلة المقبلة".
لكن المتحدث يقلل في الوقت نفسه من تفاعل الإدارة الأميركية مع هذه الخيارات، مؤكداً أن "لكل إدارة حساباتها، التي تجعلها حذرة جداً في الاستجابة إلى مثل هذه الدعوات، بحيث أن أي خطوة متسرعة في هذا الاتجاه تعني الدفع أكثر بالجزائر شرقاً، وإنهاء ما يجعل الجزائر تحرص على شيء من التوازن في علاقاتها مع الشرق والغرب، كما أن لمصالح الأوربيين معنا وزناً في هذه المعادلة".