أجمع سياسيون عرب، في ندوة نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط، على ضرورة وقف الانقسام الفلسطيني، وخلق إجماع عربي على أولوية القضية الفلسطينية.
وخلال ندوة "الاستراتيجيات العربية في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط وتحولاته: نحو ملامح استراتيجية عربية جديدة للتعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي" التي افتتحت اليوم السبت في العاصمة الأردنية عمّان، طالب الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى عبر (زووم) بضرورة وقف الإجراءات الأحادية في القدس والمستوطنات التي تعوق التوصل إلى سلام عادل ومستقر.
وفي الندوة التي شاركت فيها نخبة من الشخصيات السياسية والأكاديمية من الأردن و6 دول عربية، دعا موسى الفلسطينيين إلى وقف الانقسام الذي يمثل تحدياً ضخماً لمستقبل القضية الفلسطينية ذاتها، مؤكداً أهمية الموقف العربي في دعم الحقوق الفلسطينية والإصرار على تحقيقها، باعتبار ذلك ركناً أساسياً لقيام السلام الحقيقي وضمان الأمن والاستقرار الإقليمي في الشرق الاوسط وما حوله.
بدوره، اعتبر رئيس الوزراء الأردني الأسبق، أحمد عبيدات، أن إسرائيل اليوم تجني ثمار انقسام طال أمده وتعددت مساوئه بين أهم حركتين سياسيتين فلسطينيتين؛ "فتح" و"حماس"، وما خلّفه هذا الانقسام المزمن من ارتداداتٍ خطيرةٍ على وحدة الشعب الفلسطيني ومناعته تحت الاحتلال وتركه فريسة للنزاعات واليأس وفقدان الأمل داخل فلسطين وخارجها.
وتابع: "جاء التطبيع المجاني بين الكيان الصهيوني وعدد من أنظمة الحكم العربية، ليفتح أسواقاً وآفاقاً أوسع أمام منتجات العدو وبضاعته السياسية المسمومة، ويوجّه في الوقت ذاته طعنةً جديدةً للشعب الفلسطيني ويزيد قضيته تعقيداً على تعقيدها".
من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، محمد نزال، أن المنطقة تشهد معضلتين أساسيتين تتمثلان بالاستبداد وغياب الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والحريات وشيوع الفساد، إضافة إلى المشروع الصهيوني الذي يمثل الكيان الصهيوني قاعدة الارتكاز فيه للمشروع الغربي للهيمنة على ثروات المنطقة وتقسيمها.
واعتبر نزال أن من شأن تطبيق الديمقراطية الحقيقية التسريع في تحرير فلسطين، وأن تحرير فلسطين من شأنه التسريع في التحول الديمقراطي في المنطقة، موضحاً أن الكيان الصهيوني يمثل العقبة الأولى في مواجهة تحقيق الديمقراطية، لإدراكه أن تطبيقها يعني زواله، لذا خطورة المشروع لا تتوقف عند احتلال فلسطين، بل تتجاوز ذلك لتشمل المنطقة.
من جهته، دعا عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي، النظام العربي الرسمي إلى تأكيد قراراته على مستوى القمة بشأن قضايا الأمة، وخاصة القضية الفلسطينية والتزام ما جاء في المبادرة العربية للسلام، ودعوة الأنظمة العربية التي عقدت اتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى التراجع عن هذه الاتفاقيات، ودعوة الأنظمة العربية الرسمية التي لها علاقات تجارية مع دولة الاحتلال إلى وقفها وعدم السماح للطيران الإسرائيلي باستخدام المجال الجوي العربي.
وأكد زكي ضرورة أن تتضمن الاستراتيجية العربية حلولاً اقتصادية للوطن العربي لجذب الشباب وحل مشكلات الفقر والبطالة والتشديد على أن العدو الأساسي للأمتين العربية والإسلامية هو المشروع الصهيوني الاستيطاني الاستعماري التوسعي، لا أحد آخر، وأن القضية المركزية للأمة هي القضية الفلسطينية.
من جهته، قال رئيس مجلس الشورى الأسبق لحزب جبهة "العمل الإسلامي" في الأردن، حمزة منصور: "اليوم تتسابق الأنظمة العربية على التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفيها من لا يجاور فلسطين المحتلة، ولم ينخرط يوماً في الصراع، حيث باتت الهرولة لنيل حظوة لدى البيت الأبيض، ظانين أن الحفاظ على عروشهم مرهون برضى الإدارة الاميركيّة وعبر بوّابة تل أبيب، وهذا ينفي وجود استراتيجيّة عربيّة للصراع مع العدو الصهيوني".
وأضاف أن أي استراتيجية مقبلة يجب أن تركز على دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وإعانة الشعب الفلسطيني على التمسّك بأرضه في مواجهة الضغوط التي تستهدف انتزاعها منه وتخفيف المعاناة الناتجة من السياسة الصهيونيّة التي تثقل كاهل الفلسطينيين جرّاء الضرائب الباهظة وهدم البيوت وتخريب الاقتصاد، ورفع الغطاء عن المتعاونين مع الاحتلال، واعتبارهم خارجين عن المصالح الفلسطينيّة العليا، وثوابت الأمة العربيّة والإسلاميّة.
بدوره، أشار مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، بيان العمري، إلى أن عدم حل الصراع بزاويته الفلسطينية لا يمكن أن يحقق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وأن تجربة أكثر من 40 عاماً من مسار التسوية والمعاهدات شاهد ودليل على هذا الاستنتاج، التي تستغلها إسرائيل لإدارة للصراع دون حله.
وأضاف: "ليس في وارد السياسة الإسرائيلية عبر هذه المعاهدات أو الاتفاقات مع الدول العربية حل القضية الفلسطينية وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني في ظل استمرار إسرائيل في الاعتداءات والقتل والتهويد والاستيطان".