سياسيون وخبراء عرب: لهذه الأسباب أصبح حل الدولتين في فلسطين مستحيلاً

05 مارس 2023
الجلسة الحوارية عقدتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية في عمان (العربي الجديد)
+ الخط -

اتفق سياسيون ومحللون عرب على أن الواقع الحالي يفتقد إلى الحلول السياسية للقضية الفلسطينية، مشددين على ضرورة التركيز على حقوق الشعب الفلسطيني السياسية والمدنية والإنسانية، وإجراء مراجعة جذرية للتعامل مع القضية الفلسطينية.
وأجمع المشاركون، خلال جلسة حوارية عقدتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية "أرض"، اليوم الأحد، بعنوان "التطورات في فلسطين.. السياقات والاتجاهات والآثار الإقليمية"، على أن القضية الفلسطينية تتعقد يوماً بعد يوم، مشددين على أن حل الدولتين أصبح مستحيلاً وغير ممكن على أرض الواقع، لأسباب سياسية وديمغرافية.
وقال نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وزير خارجية الأردن السابق الدكتور مروان المعشر، إن الواقع يكشف أن إسرائيل اليوم لا تنوي الانسحاب من الأراضي المحتلة، ولا تنوي إقامة أي دولة فلسطينية، وهو أمر غير ممكن ديمغرافياً وغير مقبول سياسياً من إسرائيل، خاصة وأن هناك أغلبية فلسطينية في فلسطين الطبيعية، حيث يتجاوز العدد 7.4 ملايين فلسطيني مقابل 6.8 ملايين إسرائيلي، وهناك 400 ألف من غير اليهود والعرب جاؤوا من الاتحاد السوفييتي.
وبحسب المعشر، فإن إسرائيل لا تريد الانسحاب لإقامة حل الدولتين أو إقامة الدولة الواحدة ذات الأغلبية، وهذا يعني أنها ستتخلص من الفلسطينيين إلى الأردن بالتهجير الفعلي، كما حدث خلال السنوات الماضية في سورية وأوكرانيا، أو التهجير الناعم، وربما تحاول إسرائيل الانسحاب من بعض المدن وخلق الظروف حتى يأخذ الأردن دوره في إدارة ما تبقى من السكان الفلسطينيين.
ورأى المعشر أن إسرائيل اليوم هي دولة فصل عنصري بالتعريف القانوني، ولديها نظامان قانونيان منفصلان، نظام لليهود وآخر للفلسطينيين، ونظامان أيضاً في المناطق الفلسطينية تحت الاحتلال، أحدهما للفلسطينيين وآخر للمستوطنين.

الجلسة الحوارية عقدتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية في عمان (العربي الجديد)
الجلسة الحوارية عقدتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية في عمان (العربي الجديد)

وقال المعشر إن الجيل الفلسطيني الجديد حسم كيفية التعامل مع الاحتلال من خلال انتفاضة فلسطينية ثالثة، وهي اليوم بدأت، وهي مسلحة وبدون قيادة، فالجيل الجديد يكفر بالسلطة والأنظمة العربية والأمم المتحدة وإسرائيل، ولا يمكن السيطرة عليه.
وحول الموقف الأردني، قال إن الأردن يعمل وفق سياسة التكيف، دولة ضعيفة مقابل إسرائيل الدولة القوية، والأفضل التكيّف مع الوضع، فالتحاور معها على الطاولة والجلوس معها أفضل من لا شيء. ويختلف المعشر مع الموقف الرسمي، معتبراً أن الحوار الذي جرى مع إسرائيل لم يعدل من مواقفها، ونحن اليوم نتعامل مع الدولة والحكومة الأشد صهيونية، وتعديل سلوك إسرائيل عبر الحوار هو افتراض خاطئ.
وبحسب المعشر، فإن العمل السياسي يتحول من شكل الحل إلى الحقوق، فكل جهود حل الدولتين لم تحقق تقدماً، فيما هناك حقوق تنتهك كل يوم، بسبب اعتبارنا أن الحل أهم من حقوق الشعب الفلسطيني. واليوم بدا واضحاً أننا لن نصل إلى حل، فأي حل غير مبني على الحقوق المتساوية لن يكون مستداماً، وهو ما يعيه الجيل الفلسطيني الجديد، فالصراع  يتحول من شكل الحل أولاً والحقوق ثانياً إلى الحقوق أولأ وشكل الحل ثانياً.

وبدوره، قال مدير المركز العربي للأبحاث والدراسات في عمان، معين الطاهر، إن الولايات المتحدة والدول الأوروبية غير معنيين بإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وهم فقط يتحدثون عن حل الدولتين من دون تقديم أي طرح حقيقي على أرض الواقع، وحديثهم عن حل الدولتين يأتي في إطار إعفائهم من إيجاد حل حقيقي للقضية الفلسطينية.
وبالنسبة للنظام العربي، رأى الطاهر أن محاولاته منصبّة على عدم حدوث انفجار في الأراضي الفلسطينية، من خلال تقديم دعم اقتصادي، معتبراً أن مثل هذه الإجراءات لا أثر كبيرا لها على الوضع القائم لتستمر إسرائيل في قضم الأرض وبناء المستوطنات.
وأضاف الطاهر، انصبّ الاهتمام العربي والدولي على إبقاء دور السلطة الأمني، لافتاً إلى أن خارطة الطريق حولت شعار الأرض مقابل السلام إلى الأمن مقابل السلام، وأنه منذ عام 2014 توقفت المفاوضات والمباحثات الرسمية الفلسطينية الإسرائيلية، والعمل انصب فقط على التعاون الأمني.  
وقال الطاهر إن السياسة الإسرائيلية ما قبل أوسلو اختلفت عن ما بعد أوسلو، خاصة في قضية الاستيطان، فالاستيطان هو نتيجة لسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، واليوم هناك أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية في الضفة، والمستوطنون يزيدون عن 25% من السكان، قبل عام 1948 كان عدد الإسرائيليين أقل من هذه النسبة في فلسطين التاريخية.
ووفق الطاهر، فإن الخلاف الأميركي والأوروبي مع حكومة نتنياهو ليس مرتبطاً بالحقوق الفلسطينية، بل يتعلق بحقوق المواطنين والديمقراطية داخل إسرائيل. وحذر الطاهر من سيناريو مرعب من إعلان المستوطنين إقامة دولة في "يهودا السامرة"، معتبراً أن السيناريو قد يحظى بدعم الحكومة الإسرائيلية ويصبح واقعاً، محذراً من تهجير ناعم أو قسري للفلسطينيين.

وفي السياق، قال الكاتب المصري وعضو مجلس أمناء منظمة النهضة، الدكتور حسن نافعة، إن أفق التسوية أصبح مغلقاً تماماً ونحن في مأزق، وأضاف أن الحديث عن المستقبل يتطلب مراجعة أخطاء الماضي، مضيفاً أن حل الدولتين لم يكن مطروحاً بشكل واقعي يوماً من الأيام، حتى في ظل مفاوضات السلام العربية مع دولة الاحتلال.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وأشار إلى أن المخاطر في اللحظة الراهنة ليست على الأردن فقط بل على المنطقة، وأن سيناء من الممكن أن تكون جزءاً من الحل ومحاولة التهجير إليها، وشدد على أهمية المقاومة في تغيير معطيات الواقع للوصول إلى حلول للقضية الفلسطينية، مضيفاً أن المقاومة ليست فقط مسلحة بل منوعة تراعي الواقع والممكن.
وتساءل هل نحن مستعدون لتصليح الأخطاء كفلسطينيين وتجاوز الخلاف الفلسطيني، خاصة في ظل الجيل الجديد الذي يرى أن الخلاف بين الفصائل أضر بالقضية الفلسطينية، ما نحتاجه ليس جهازا أمنيا تابعا للسلطة الفلسطينية ليحمي الإسرائيليين، بل حماية حقوق الفلسطينيين.

المساهمون