سياسيون وحزبيون مصريون لا يتوقعون تغييرات بسياسات حكومة مصطفى مدبولي

05 يونيو 2024
مصطفى مدبولي في نيروبي ـ كينيا، سبتمبر 2023 (لويس تاتو/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سياسيون وحزبيون مصريون يشككون في قدرة حكومة مصطفى مدبولي الجديدة على تحقيق تحسن في الصحة، التعليم، والأمن الغذائي، معتبرين استمرار السياسات السابقة عائقاً أمام التقدم.
- عمرو هاشم ربيع وأحمد بهاء الدين شعبان ينتقدان استمرار مدبولي، مشيرين إلى فشل الحكومة السابقة في معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وتحذير من استمرار الأزمات.
- سعيد صادق يؤكد على ضرورة إعادة النظر في السياسات العامة وتطويرها لتحسين الوضع الاقتصادي، مشدداً على أهمية الحلول الجذرية لمواجهة الديون والفساد لتحقيق تقدم حقيقي.

عبّر سياسيون وحزبيون مصريون عن عدم تفاؤلهم بحكومة مصطفى مدبولي الجديدة التي كلفه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيلها، عقب تقديم استقالته، أول من أمس الاثنين، وقدرتها على تقديم أداء أفضل من سابقتها، لا سيما في الملفات المهمة والحساسة مثل الصحة والتعليم والأمن الغذائي والمشاركة السياسية. وعزا هؤلاء ذلك إلى عدم رغبة النظام في إحداث أي تغيير في السياسات التي اتبعتها حكومات السيسي المتعاقبة، والتي تبنّت أولويات غير متناسبة مع حاجات الشعب الأساسية. وبحسب بيان رئاسي مصري صادر، أول من أمس الاثنين، فقد كلف السيسي مدبولي بتشكيل حكومة: "من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة، تعمل على تحقيق عدد من الأهداف، وعلى رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم". ودعا البيان إلى "مواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وكذلك على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما تم إنجازه في هذا الصدد، وتطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني، والخطاب الديني المعتدل على النحو الذي يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي". كما تضمنت تكليفات السيسي بشأن تشكيل حكومة مصطفى مدبولي الجديدة: "مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهود للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك في إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات".

حكومة مصطفى مدبولي

وتعليقاً على ذلك، قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر، عمرو هاشم ربيع، لـ"العربي الجديد"، إن "وجود رئيس الوزراء نفسه مع حكومة، حتى لو كانت جديدة، يعني اتباع السياسات والخطوات نفسها". وأضاف أن "الأمور ستبقى على ما هي عليه، والأولويات الضرورية غائبة وسيظل اعتماد الطرق والجسور كأساس للسياسات، كما لو كانت هي غذاء المصريين وشرابهم". وأوضح أن حكومة مصطفى مدبولي الجديدة "ستواصل أيضاً سماع صوت صندوق النقد الدولي وحده، من دون أي جهة أخرى لإصلاح الاقتصاد المصري". وشدّد ربيع على أن "مسألة فتح المجال العام ستبقى أيضاً مؤجلة وفي آخر اهتمامات الحكومة، مثلها مثل الاهتمام بملف حقوق الإنسان، الذي ترى الدولة أن معناه يقتصر فقط على حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية، وحتى هذا المعنى تحته الكثير من الخطوط، فحتى هذه الحقوق لا تعتمد أو يؤخذ بها أصلاً، فما بالنا بالحقوق السياسية المغيبة أصلاً".


عمرو هاشم ربيع: وجود مدبولي يعني اتباع السياسات والخطوات نفسها

من جهته، اعتبر الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء الدين شعبان، لـ"العربي الجديد"، أن "التغيير الواجب والمطلوب، يجب أن يكون تغييراً في السياسات والتوجّهات في التعاطي مع كل الملفات، سواء المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، أو بقضايا الأمن القومي والحفاظ على المصالح العليا للشعب المصري، أو ما تتعلق بالسياسات الإقليمية والدولية، وليس مجرد تبديل أو تغيير وجوه، وأفراد". ورأى في تعليق حول حكومة مصطفى مدبولي الجديدة أنه "جرّبنا كثيراً عمليات استبدال الأقنعة الوزارية، لإيهام المصريين أن هناك تغييراً قد حدث، في حين أن الحقيقة كانت أنه يتم العمل على ترسيخ نفس السياسات والتوجّهات والانحيازات، التي قادت مصر إلى هذا الوضع المتأزم بدرجة غير مسبوقة في تاريخها القديم والحديث". وأشار شعبان إلى أنه "من المعلوم دائماً أن التغيير يأتي لدفع وتطوير الأداء الحكومي، فهل كان مصطفى مدبولي على مستوى الأداء الذي يرقى لتجديد الثقة فيه رئيساً للوزراء لفترة جديدة، في ظل ما يعلمه الجميع من مقدار الفشل وحجم الإخفاقات في معالجة جميع الملفات؟ خصوصاً على مستوى إدارة الاقتصاد وخدمات الصحة والتعليم ولقمة عيش وضرورات حياة عشرات الملايين من المصريين، وهى مجالات تتحدث عن نفسها، من جهة التعبير عن الفشل التام في أغلب الأصعدة".

وقال شعبان إنه "من خلال تقييم حزبنا للسياسات ولمنهج وطريقة أداء مدبولي وحكومته، نجد أنها ساهمت بدور أكبر في إفقار الشعب المصري، وتقليص فرص التأسيس لاقتصاد وطني تنموي حقيقي، مُنتجٍ ومكتفٍ ذاتياً، بل عملت بجهدٍ ومستوى غير مسبوق على بيع مقدرات الشعب المصري، وتسليمها لرأس المال الخليجي والأجنبي ولتابعيه من المصريين. كما ساهمت في تعميق غير مسبوق لمسلسل إغراق مصر في الديون، بالتوازي مع الإنفاق العشوائي على مشروعات لا تحتل موضعاً مُتقدماً من أولويات الشعب المصري في مجال التنمية، فضلاً عن الفشل الواضح في الأداء الحكومي، وفي مكافحة الفساد والمحسوبية". ولفت شعبان إلى أنه "من خلال هذا التقييم نُحذر من أن إعادة تكليف مدبولي هو إصرار على الاستمرار في تطبيق نفس السياسات، والسير على ذات الطريق الذي تسبّب في مسلسل الأزمات والفشل، بما يُمثل نوعاً من الاستعلاء على شعور ومعاناة ومطالب الشعب المصري المشروعة، ويتجاهل صوت الأغلبية الغاضب نتيجةً لما جرى من إجراءات الرفع الجائر لأسعار عيش المصريين، وكافة لوازم الحياة، ومواد الطاقة، والكهرباء، وجميع الخِدمات، وبما يُمثل ضغطاً شديداً على الشعب المصري، ويهدد بانفجار نسعى للتنبيه إلى نذره ومخاطره".


أحمد بهاء الدين شعبان: حكومة مدبولي السابقة ساهمت بإفقار الشعب

مشاكل المصريين

إلى ذلك، علّق أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، لـ"العربي الجديد"، على تشكيل حكومة مصطفى مدبولي الجديدة، بالقول إن التغيير "يتوقف على عدة عوامل، فأكبر مشكلة تواجه المصريين، هي الأوضاع الاقتصادية الناتجة من القرارات الحكومية، وضعف التصدير، والاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي، والأوضاع الإقليمية الصعبة مثل تأثيرات حرب غزة على قناة السويس والسياحة والاستثمار والدين المتفاقم والفساد". وبرأيه فإنه "إذا قامت الحكومة ومن ورائها النظام السياسي في إعادة النظر في السياسات العامة وكيفية تطويرها وتعزيز الصادرات وتوقفت حرب غزة وعادت الملاحة في البحر الأحمر والسياحة، يمكن أن يحدث تحسن اقتصادي". ولا يشترط الدستور المصري، تعيين رئيس حكومة جديد مع فترة الرئاسة الجديدة، التي بدأها السيسي عقب أدائه اليمين الدستورية في 2 إبريل/ نيسان الماضي، لكن العرف جرى بأن تقدّم الحكومة استقالتها للرئيس الجديد.

المساهمون