سياسيون تونسيون لـ"العربي الجديد": نسبة المقاطعة أسقطت مشروعية دستور قيس سعيّد

27 يوليو 2022
الاستفتاء شهد نسبة عزوف قياسية (شاذلي بنبراهيم/Getty)
+ الخط -

شككت قيادات معارضة في تونس في نتائج الاستفتاء على الدستور، الذي جرى الاثنين، وظهرت نتائجه أمس، مجددين التحذير من أن الرئيس التونسي، قيس سعيّد، يحاول من خلاله فرض نظام حكم جديد، وصفوه بـ"الرئاسوي والاستبدادي".

وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس، مساء أمس الثلاثاء، "قبول مشروع نص الدستور الجديد" الذي طرحه الرئيس قيس سعيّد.

وقال رئيس الهيئة، فاروق بوعسكر، إن نسبة التصويت بنعم بلغت 94.60% من ضمن المشاركين، في حين بلغت نسبة التصويت بـ(لا) 5.40%، فيما لم تتجاوز نسبة المشاركة 30.5% من عدد الناخبين.

وتراوحت مواقف عدد من القيادات الحزبية تواصل "العربي الجديد" معهم بين التشكيك في النتائج والتنديد بالتلاعب بإرادة التونسيين لـ"فرض مشروع الرئيس"، الذي يكرس التفرد بالسلطات ويقوض أسس الديمقراطية التشاركية، ويهز الاستقرار السياسي، بحسب تقديرهم.

الوريمي: الاستفتاء حلقة من حلقات مسلسل الانقلاب

وقال القيادي في حزب "النهضة"، العجمي الوريمي، إن "الاستفتاء بنتائجه ومساره لا يعدو أن يكون سوى حلقة أخرى من حلقات الانقلاب، ومسرحية مفضوحة سيئة الإخراج وهزيلة الأداء"، مشيرا إلى أن "ما حصل مهزلة وفضيحة يندى لها الجبين، من خلال مواصلة التلاعب بإرادة الشعب ومصيره".

ولفت الوريمي إلى أن "قيس سعيّد ماض في انقلابه غير آبه برسائل الشعب الذي قاطع الاستفتاء (بنحو 70% حسب أرقام الهيئة من الناخبين) فهو يصم أذنيه دون أن يتلقى رسائل المعارضين ولا المقاطعين"، محذراً من أن الرئيس التونسي "يسارع لطي صفحة الدستور المرفوض شعبيا وسياسيا ومدنيا ومجتمعيا بالحديث عن القانون الانتخابي الجديد ومشروعه حتى قبل إعلان النتائج النهائية واعتماد الدستور، بما يؤكد عزمه المرور بكل السبل دون الاكتراث لفترة الطعون والاعتراضات القانونية".

ورجح الوريمي توحيد صفوف جبهة المعارضة، قائلا إنها "ستتسع مستقبلا وسترفع كل مكوناتها التحفظات عن العمل الجماعي وستأتي دعوات من كل المعارضات للدفاع عن الحريات وعن النظام الديمقراطي وعن عودة المسار".

وبين القيادي في "النهضة" أن "نظام سعيّد سيزداد عزلة ولن يجد مبررات لعزلته"، مضيفا أن تونس "تسير نحو مزيد من التأزم والتشظي بسبب تواصل تفرّد سعيّد بالقرار والرأي ومواصلته إقصاء الجميع وتهميش مناصريه وخصومه على حد السواء".

البوعزيزي: استفتاء حول شخص قيس سعيّد

من جهته، اعتبر لمين البوعزيزي، القيادي بمبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، التي تضم العديد من الفاعلين السياسيين والحقوقيين المناهضين لتفرد الرئيس بالحكم، أن "الاستفتاء دار حول قيس سعيّد وليس حول دستوره، فمن قرؤوا الدستور هم رافضوه والمقاطعون، وأما المفسرون والمؤيدون الذين ظهروا لوحدهم خلال الحملة مع إقصاء المعارضين فقد أقاموا حملتهم للترويج لشخص سعيّد".

وبين البوعزيزي أنه "يتم مغالطة الشعب خلال إعلان النتائج على أساس منافسة بين المصوتين بنعم (أكثر من 94%) والمصوتين بلا (قرابة 5%)، وفي ذلك تدليس للحقيقة، فالمنافسة بين من قاطعوا (قرابة 70% بحسب الهيئة) ومن شاركوا سواء بنعم أو لا".

وتابع البوعزيزي أن "الرقم الأهم هو 70% من المقاطعين، بينما لو ذهبنا في قراءاتهم بأن 50% هم السلبيون دائما، فالنسبة المتبقية (20%) من المقاطعين يمثلون النخبة المختلفة النشطة والفئة المتمسكة بمواطنتها وبحقها في التعبير والحرية والديمقراطية".

وشدد على أن ''نسبة 25% التي صوتت بنعم تعد رقما نوفمبريا (نسبة إلى نظام الاستبداد زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي) لا يوجد أي شيء يدعم سعيّد واقعيا، فلم نر طوابير انتخاب، بل عكسا رأينا قاعات فارغة".

وأشار إلى أن ''الرقم المعلن في النتائج مطعون في صدقيته، وحتى وإن صح فإنه يجمع المضادات للخصوم ويضم الاستئصاليين الذين صوتوا نكاية في النهضة وفي الخصوم، وليس حبا في سعيّد وإيمانا بمشروعه، أو من أولئك ممن تم التلاعب بعقولهم".

واستغرب البوعزيزي قائلا: "بن علي بغطرسته وسطوته لم يرتكب خطايا قيس سعيّد الذي خرق كل القوانين، فيخرق الصمت الانتخابي عبر التلفزيون الرسمي يوم الاقتراع، ويشيطن ويرذل الآخرين ويخونهم..(.) كما داس على الدستور الذي أوصله للحكم".

النفاتي: أضعف نسبة مشاركة

أما عضو المكتب السياسي لحزب "العمل والإنجاز"، أحمد النفاتي، فانتقد "مقارنة بوعسكر نسب المشاركة في الاستفتاء ومقارنتها بالانتخابات التشريعية في 2019"، مسجلا أنه "هذه المرة أضعف نسبة مشاركة مقارنة بالسابق".

وبلغت نسبة المشاركة 41.3% في الانتخابات التشريعية لسنة 2019، وفقاً للتقديرات الرسمية التي صرحت بها الهيئة العليا للانتخابات، فيما بلغت نسبة المشاركة 65.5% في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 للدورة الأولى، مقابل 62.6% للثانية.

وبين النفاتي أن "بوعسكر يتلاعب بالأرقام وتصريحاته تخفي مغالطات، في المقابل الأرقام تكشف عن الضعف الواضح لنسبة الإقبال، فمشاركة (30% حسب الهيئة) في الاستفتاء تعد نسبة ضعيفة جدا، خصوصا بعد تجنيد كل مؤسسات الدولة في خدمة الاستفتاء"، مضيفا أن "هذه النسب لا تعطي سعيّد الشرعية ليرسم عقدا جديدا يحدد به ملامح جمهورية ثالثة".

ولفت النفاتي إلى أن "التلاعب بالأرقام يكمن في نسبة المصوتين بـ(نعم) حسب النتائج النهائية تتجاوز 94%، هو رقم لا يوجد إلا في الديكتاتوريات، وهو رقم لم يعرفه بلد ديمقراطي في وضع عادي مهما كان المترشحون".

وفيما لفت المتحدث ذاته إلى أن "هذه النسبة تذكرنا بفترة الاستبداد"، قال إن "ربع الناخبين شاركوا في الاستفتاء وربعا ثانيا قاطع حسب نتائج سبر الآراء، أي أن حجم المقاطعين يقارب حجم المصوتين الذين يتضمنون تصويتات معارضة بـ(لا)، كما أن هنالك من صوتوا بـ(نعم) على دستور لم يقرأوه، بل في إطار استقطاب ثنائي رفضا لطرف سياسي بعد عملية الشيطنة والترذيل الممنهجة التي تواصلت حتى يوم الاقتراع".

الفرشيشي: الاستفتاء فشل

واعتبرت المتحدثة الرسمية باسم "الحزب الشعبي الجمهوري"، مريم الفرشيشي، أن "نسب المشاركة تدل على فشل الاستفتاء من خلال النسب الضعيفة المسجلة التي لا تمثل الشعب التونسي''، بحسب توصيفها.

وفسرت الفرشيشي بأنه "في الديمقراطيات العريقة يتم اعتماد نسب مشاركة بين 40 و50%، بينما لم يشارك في الاستفتاء سوى الربع".

وحول إمكانية طعن الحزب في نتائج الاستفتاء باعتباره أحد المشاركين في الحملة واختار التصويت بـ(لا)، أكدت الفرشيشي أن "الموقف الرسمي سيتم الإعلان عنه بعد اجتماع المكتب السياسي والاطلاع على تقارير الملاحظين الذين واكبوا عن كثب مجريات الاستفتاء".

بن عطية: مكاتب شبه فارغة

بدوره، شكك عضو المكتب السياسي لـ"ائتلاف الكرامة"، منذر بن عطية، في النتائج المعلنة من هيئة الانتخابات، قائلا إن "أغلب الملاحظين أجمعوا على استحالة أن يصل عدد المشاركين للعدد المعلن، وهو 2 مليون و800 ألف مشارك، لأننا عشنا قبل هذه المحطة المزيفة 7 محطات انتخابية بعد الثورة، ما بين تشريعية ورئاسية بدورتين، وكنا نشاهد طوابير لا تنتهي أمام أغلب مراكز الاقتراع، وكانت كل المكاتب تعج بالملاحظين والمراقبين".

واستدرك بن عطية: "أمس الأول كانت المكاتب شبه فارغة طوال اليوم، إلا من بعض المواطنين، وتم منع عديد الملاحظين والمراقبين وحتى الصحافيين، وهذا كنا ننتظره من الأول، لأن هيئة الانتخابات لا يكفي أنها غير دستورية وتم تعيينها بطريقة لا شرعية، فهي أيضا غير مستقلة وغير محايدة، لأنها معينة من طرف رئيس الجمهورية وجاء بها من أجل مهمة محددة (تمرير الدستور)".

وقال المتحدث ذاته: "رغم شكوكنا القوية في أن الأرقام تم النفخ فيها، فإنها تبقى دوما أرقاما تنم عن فشل الاستفتاء، وفشل قيس سعيّد في نيل تزكية شعبية لدستوره لأن ربع الناخبين فقط شارك في الاستفتاء، بينما قاطع ثلاثة أرباع الشعب التونسي هذه المسرحية".

وتابع قائلا: "وهو موقف ليس من الدستور فقط، بل من الرئيس نفسه، الذي وصل إلى القصر الرئاسي منذ 3 سنوات ولم ير منه الشعب التونسي سوى الوعيد والتهديد والقذف والشتم وهتك الأعراض وصناعة الملفات القضائية لخصومه، بينما يعاني الشعب من ارتفاع جنوني للأسعار وفقدان المواد الأساسية وزيادات أسعار المحروقات لم تحدث من قبل".

ودون أمين عام حزب "التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، تعليقا مشككا في نتائج الاستفتاء على صفحته بموقع "فيسبوك"، قال فيه "بالرغم من التزوير والخزعبلات والدجل وتوظيف وسائل الدولة والإعلام العمومي، 75٪ من التونسيات والتونسيين قاطعوا الاستفتاء، وقالوا لا لدستور سعيّد".

المساهمون