لم تشهد الخريطة السورية في عام 2021 تغييراً في السيطرة العسكرية بين القوى الثلاث المسيطرة على الأرض، وحافظت كل من "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) وقوات النظام السوري والمعارضة على أماكن سيطرتها للعام الثاني على التوالي بدون أي تغيير، وتحديداً منذ توقيع اتفاقية خفض التصعيد بين روسيا وتركيا في مارس/ آذار 2020.
ورغم استمرار وقوع ضحايا مدنيين نتيجة استمرار القصف المدفعي والصاروخي على جبهات القوى المسيطرة، والتصعيد الروسي المشترك مع قوات النظام على مناطق شمال غرب سورية، فإنّ عام 2021 لم يشهد معارك عسكرية بهدف تغيير الواقع على الأرض وكسر الخطوط، حيث تعتبر هذه الفترة الأطول التي تشهد فيها جبهات القتال استقراراً منذ عام 2011.
ووفق بحث أجراه "مركز جسور للدراسات"، نشر يوم أمس الجمعة، فقد حافظت فصائل المعارضة السورية العام الحالي على نسبة سيطرتها وهي (10.98%) من الجغرافيا السورية. وتتوزع مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وشمالي حلب، وفي منطقة تل أبيض ورأس العين في الرقة والحسكة، وفي منطقة "التنف" (المنطقة 55) في جنوب شرقي سورية.
في المقابل، يسيطر النظام السوري على ما نسبته 63.38% من الجغرافيا السورية، وهي سيطرة شِبه تامة على محافظات الساحل والوسط وجنوبي سورية، وسيطرة على أجزاء من المحافظات الشرقية ومحافظة حلب. وتحوَّلت سيطرته على محافظة درعا إلى سيطرة شاملة بعد عملية تصعيد بدأها النظام على درعا في يوليو/ تموز 2021 وانتهت باتفاق السيطرة الشاملة على المحافظة في 1 سبتمبر/ أيلول 2021، بينما بقيت سيطرة النظام على محافظة السويداء سيطرة هشَّة مقتصرة على الفروع الأمنية ومؤسسات الدولة دون دخول قواته العسكرية إليها.
بدورها، حافظت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) على نسبة سيطرتها وهي (25.64%) من الجغرافيا السورية، وهي نفس النسبة المسجلة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وتشمل أجزاء واسعة من محافظة دير الزور والرقة والحسكة، وأجزاء من محافظة حلب.
ومنذ عام 2019، لم يسيطر تنظيم "داعش" بشكل عسكري على أي منطقة سورية، إلا أنّ هجماته لا تزال حاضرة بقوة في البادية السورية وسط البلاد، لا سيما في منطقة السعن جبل البشري وخناصر ومنطقة "السخنة" وفي محيط مدينة تدمر، وفي الريف الجنوبي لمحافظة دير الزور، إضافة لبعض العمليات في مناطق سيطرة "قسد" شرق الفرات.
ويعزو القائد العسكري السابق في الفرقة الأولى الساحلية التابعة لفصائل المعارضة أبو يزن الشامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، هدوء الجبهات طوال العام الحالي إلى "التوافق الروسي – التركي على التهدئة، وصعوبة إحداث خرق كبير في الخريطة دون موافقة الطرف الآخر".
وأضاف أنّ ملفي طريق حلب - اللاذقية "إم 4"، ومصير مدينتي عين عيسى ومنبج "كان حاضراً بقوة هذا العام". ورغم الحشود العسكرية لكل من قوات النظام في إدلب وقوات المعارضة على تخوم عين عيسى شمالي الرقة، "إلا أنه لم يكن هناك تغيير"، كما يشير.
ويرى القيادي أنّ هذا الهدوء "قد لا يستمر العام المقبل مع تأثير ملفات أخرى على الشأن السوري"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ "ورقة إدلب قد تكون وسيلة ضغط روسية على تركيا في حال أي تأزم جديد للعلاقة بين البلدين، وهو الأمر الذي تكرره موسكو كثيراً في معظم اجتماعات أستانة وتتهم من خلالها أنقرة بعدم تنفيذ كامل بنود اتفاق إدلب".
وكانت آخر العمليات العسكرية التي شنها النظام السوري على مناطق المعارضة قد انطلقت في بداية عام 2020، وسيطر من خلالها على مدن خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وأجزاء من قرى جبل الزاوية جنوبي إدلب، وعلى مدينة مورك وأجزاء من سهل الغاب في ريف حماة.