سورية: مسلسل الاغتيالات مستمر في درعا

02 نوفمبر 2022
تقع درعا تحت سيطرة أجهزة النظام (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال الأحداث تتصاعد في محافظة درعا، جنوب سورية، حيث تحاول مجموعات أهلية التعامل مع بعض الأشخاص "المفسدين" والمتهمين بالانتساب لتنظيم "داعش" في المحافظة، التي تشهد عمليات اغتيال واسعة، تشير المعطيات إلى أن أجهزة النظام الأمنية تقف وراءها.

وأكدت مصادر محلية أن الهدوء الحذر يسود منطقة درعا البلد، مع استمرار حصار مجموعات أهلية لأشخاص متهمين بالانتماء لتنظيم "داعش"، فجّر أحدهم، يوم الجمعة الماضي، نفسه في منزل قيادي سابق في "الجيش السوري الحر"، ما أدى إلى مقتل عدة أشخاص.

أكدت مصادر محلية أن الأجهزة الأمنية تتفرج على مواجهة المجموعات الأهلية وعناصر "داعش"

ورغم أن المعطيات الميدانية تثبت أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام على ارتباط بهؤلاء الأشخاص، إلا أن صحيفة "الوطن" الموالية للنظام نقلت، أمس الثلاثاء، عن أمين فرع درعا في "حزب البعث العربي الاشتراكي" حسين الرفاعي قوله إنه "تم تطويق درعا البلد ومخيم النازحين وحي طريق السد بسبب وجود دواعش في تلك المناطق، والعملية تهدف إلى استئصال الدواعش من تلك المناطق".

الأجهزة الأمنية تتفرج

وزعم الرفاعي أن "الأجهزة الأمنية والقوات الرديفة" هي التي تقوم بالعملية ضد عناصر التنظيم، إلا أن مصادر محلية تؤكد أن الأجهزة الأمنية "تتفرج على ما يحدث، ولم تقدم أي مساندة للمجموعات الأهلية، التي لن تتراجع قبل القضاء على هؤلاء الأشخاص الذين ارتكبوا فظائع بحق المدنيين".

وفي السياق، بيّن الناشط الإعلامي يوسف المصلح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن العناصر المتهمين بالانتساب إلى تنظيم "داعش" في المنطقة "محاصرون في حي طريق السد"، مشيراً إلى أن عددهم "غير معروف"، وأشار إلى أن صباح أمس الثلاثاء شهد اشتباكات "متقطعة" بينهم وبين المجموعات الأهلية التي تحاصرهم.

وحول دور النظام في العملية، بيّن المصلح أن قوات النظام "لا تشارك في العملية"، مستدركاً بالقول: هناك اللواء الثامن التابع للروس، والذي أُتبع أخيراً إلى شعبة المخابرات العسكرية لدى النظام يشارك في العملية، إضافة إلى مجموعات من ريف درعا الغربي تتبع للشعبة نفسها.

ويؤكد وجهاء في منطقة درعا البلد، منهم الشيخ فيصل أبازيد، أن هناك "عصابة مفسدة تقوم بقتل وخطف الأبرياء، لا يمكن السكوت عليها"، وفق بيان مصور نشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

من جانبه، قال اللواء محمد الحاج علي (منشق عن قوات النظام)، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الموقف غامض في منطقة درعا البلد"، مضيفاً: لا نعرف من يقاتل من وما هي الغايات من ذلك.

واعتبر الحاج علي أن الأشخاص المتهمين بالانتماء إلى تنظيم "داعش" في منطقة طريق السد "عملاء للأجهزة الأمنية التابعة للنظام"، مضيفاً: محافظة درعا تقع كلها تحت سيطرة أجهزة الاستخبارات التابعة للنظام، واعتبر أنه "لم تعد هناك استقلالية للمجموعات الأهلية"، مضيفاً: الجميع بات تحت سيطرة النظام وأجهزته.

ومنذ استعادة السيطرة على درعا في العام 2018 بدعم روسي، لم تشهد هذه المحافظة أي استقرار، إذ باتت بوابة لتهريب المخدرات إلى الأردن، فضلاً عن عمليات الاغتيال المتنقلة التي طاولت المئات من أبناء هذه المحافظة، التي يحاول النظام استنزافها ليسهل عليه فرض السيطرة المطلقة عليها.

وفرض النظام، أواخر العام الماضي، تسوية على مدن وبلدات المحافظة وفق رؤية روسية، تقوم على سحب السلاح الفردي و"تسوية" أوضاع المسلحين والمطلوبين للأجهزة الأمنية والمنشقين عن قوات النظام، في مقابل سحب الحواجز التي كانت تقطّع أوصال المحافظة.

عمليات الاغتيال على أشدها

إلى ذلك، لا تزال عمليات الاغتيال على أشدها في محافظة درعا. وأوضح الناشط محمد الحوراني، لـ"العربي الجديد"، أن شخصين قُتلا بهجومين، الأول وقع بإطلاق نار على شاب متهم بالضلوع في تجارة المخدرات ببلدة معربة، شرقي درعا، فيما طاول الثاني شاباً على الطريق الواصل بين بلدتي صما والمليحة الشرقية، شرقي درعا، وهو متّهم أيضاً بالضلوع في تجارة المخدرات.

ولا تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عمليات الاغتيال والقتل التي تتم. وأشارت مصادر محلية إلى أن عمليات القتل، التي تطاول تجار ومروجي المخدرات، تندرج في نطاق التصفيات بين العصابات التي تعمل لصالح هذه الأجهزة.

وفي السياق، أكد مكتب توثيق الانتهاكات في "تجمع أحرار حوران"، وهو كما يعرف عن نفسه: مؤسسة إعلامية مستقلة تنقل أحداث الجنوب السوري، وتوثق الانتهاكات بشكل مهني، أنه سجل خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مقتل 82 شخصاً في محافظة درعا.


لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عمليات الاغتيال والقتل 

كما وثق مقتل 25 عنصراً من تنظيم "داعش"، بينهم 5 قياديين اثنان منهم من خارج سورية، وذلك جراء الاشتباكات التي اندلعت أخيراً مع مجموعات محلية في مدينة جاسم، وأخرى تتبع للواء الثامن التابع إدارياً لفرع الأمن العسكري. وأوضح التجمع أن مكتب توثيق الانتهاكات سجل 42 عملية ومحاولة اغتيال خلال الشهر الماضي، أسفرت عن مقتل 38 شخصاً، وإصابة 9 آخرين بجروح متفاوتة، فيما نجا 5 أشخاص من محاولات الاغتيال.

وبحسب التجمع، فإن معظم عمليات ومحاولات الاغتيال جرت بواسطة إطلاق النار بأسلحة رشاشة روسية من نوع "كلاشنكوف"، فيما سجل عمليتين بواسطة قنبلة يدوية، وعمليتين بواسطة عبوة ناسفة، وعملية واحدة بواسطة حزام ناسف.

وسجل المكتب أيضاً اعتقال 30 شخصاً من قبل قوات النظام في محافظة درعا، أُفرج عن 15 منهم خلال الشهر ذاته. وسجل اختطاف 10 أشخاص من محافظة درعا، عثر على جثث 7 منهم، في حين ما زال مصير 3 آخرين مجهولاً. كما عثر أهالي درعا على جثتي شخصين اختطفا في سبتمبر/ أيلول الماضي في المحافظة.