كشفت شبكة محلية عن وجود مساعٍ روسيّة لتشكيل قوة عسكرية في محافظة السويداء، جنوبي سورية، لحماية مصالحها في البلاد ومنع تغوّل المليشيات المدعومة من إيران، وخاصة الفرقة الرابعة التابعة لجيش النظام، التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد.
وأوضحت شبكة "السويداء 24"، اليوم الاثنين، أن القوة الجديدة ستكون تحت اسم "اللواء التاسع"، على غرار "اللواء الثامن" في درعا، الذي يقوده القيادي المعارض السابق أحمد العودة، وتتبع هذه المليشيات مباشرةً قيادة "الفيلق الخامس".
وأضافت أن شخصاً يدعى صادق العبد الله طرح على الجهات الفاعلة في السويداء، ومن ضمنها "مشيخة العقل" (السلطة الدينية الدرزية في السويداء)، وقادة فصائل مسلحة، فكرة تشكيل القوات المحلية التي زعم أنه حصل على موافقة من الروس على تشكيلها، على أن تعمل ضمن السويداء برواتب شهرية وتسويات لأوضاع المتخلفين والفارين من الخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف النظام.
وبحسب المصدر، فإنّ مشيخة العقل خاطبت السفارة الروسية في دمشق، قبل أسبوعين، للاستفسار عن حقيقة الشائعات المتداولة حول نية روسيا تشكيل قوات محلية في السويداء، لكنّ السفارة ردت بالنفي، وأكدت عدم وجود أي نية لتشكيل قوات في المحافظة.
لكنّه أكّد في الوقت نفسه أن مسؤولين من مركز قيادة القوات الروسية في العاصمة دمشق يعتزمون زيارة شخصيات فاعلة في السويداء خلال الأيام المقبلة، بغية طرح تسوية تشمل المتخلفين عن تأدية الخدمة العسكرية في صفوف جيش النظام والفارين من الخدمة، كي يعودوا إلى أماكن خدمتهم، ويُعمَل على تسوية أوضاعهم.
وقال مصدر خاص من مدينة السويداء، لـ"العربي الجديد"، إنّ وجهاء السويداء رفضوا الطرح الروسي؛ بسبب سمعة صادق العبد الله، صاحب الطرح، السيئة. وأكد أنه ليس الأول من نوعه الذي تطرحه روسيا على أهالي السويداء.
وأشار إلى أنّ روسيا كانت قد طرحت الأمر في وقت سابق على "قوات شيخ الكرامة"، بحجة تسوية أوضاع الفارين والمتخلفين، لكن الأخيرة رفضته رفضاً قاطعاً، وما زالت ترفض الانحياز إلى أي طرف، وتصرّ على استقلاليتها التامة.
خاطبت مشيخة العقل السفارة الروسية في دمشق، للاستفسار عن حقيقة الشائعات المتداولة، حول نية روسيا تشكيل قوات محلية في السويداء، لكنّ السفارة ردت بالنفي
ولفت إلى أن المحافظة ستشهد اليوم لقاءً بين مسؤولين عسكريين روس ووجهاء من المحافظة، في بلدة عرى في مضافة لؤي الأطرش، لمناقشة العديد من القضايا الإشكالية في السويداء، ولا سيما قضية الشبان المتخلّفين عن الخدمة العسكرية في صفوف النظام.
وفي السياق، لفتت شبكة "السويداء 24" إلى أن القوات الروسية سعت أخيراً إلى استقطاب الشبان عبر شركات أمنية، لحماية مصالح بلادها داخل سورية وخارجها، وأكّدت تورطها في إرسال مرتزقة إلى ليبيا، ومساعيها لإرسال دفعات أخرى إلى فنزويلا.
وحسب معلومات حصل عليها المصدر، فإن تلك الشركات الأمنية جندت عشرات الشبان من السويداء بغية تجنيدهم في مليشيات تعمل تحت إشراف القوات الروسية لحماية المصالح الروسية في البادية السورية، من حقول الغاز والنفط والفوسفات التي استثمرتها شركات روسية، مقابل رواتب شهرية تصل إلى 200 دولار شهرياً لكل مقاتل.
قوات النظام تتعرّض لهجوم مسلح بحماة
من جانب آخر، هاجم مسلحون مجهولون، اليوم الاثنين، مواقع لقوات النظام السوري في ريف مدينة حماة الشرقي، ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية، فيما شاركت الطائرات الحربية الروسية بوقف الهجوم انطلاقاً من قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية على الساحل السوري.
وقالت حسابات موالية للنظام السوري إن من وصفتهم بـ"العصابات الإرهابية" هاجموا مواقع للنظام السوري شمال شرقي بلدة الرهجان، في ريف مدينة السلمية شرقي حماة، ما أدى إلى حدوث مواجهات بين الطرفين.
وأوضحت أن المواجهات أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين، من دون أن تشير إلى عددهم. وأكّد حساب "فرع حزب البعث في مدينة السلمية" وصول ثمانية جرحى إلى مستشفى المدينة الوطني.
وقال راصد يراقب حركة الطيران في سورية، لـ"العربي الجديد"، إن حركة الطيران من مطار حميميم باتجاه ريف حماة الشرقي والبادية السورية لم تتوقف منذ ساعات الصباح الأولى.
وأوضح أن أجهزة التنصّت رصدت تعرّض مواقع قوات النظام لهجمات من مجموعات مسلحة، يعتقد أنها تابعة لتنظيم "داعش"، انطلاقاً من البادية السورية.
ومنذ مطلع سبتمبر/ أيلول الفائت، بدأت القوات الروسية بمساندة قوات النظام ومليشياتها هجوماً ضد خلايا "داعش" الموجودة في البادية السورية، وذلك بعد هجوم للأخير أدى إلى مقتل جنرال وعسكري آخر في أحد مستشفيات موسكو بعد أن نُقلا إليه لتلقي العلاج.
وتشنّ خلايا التنظيم هجمات ضد قوات النظام وروسيا و"قسد" في محافظات حمص والرقة ودير الزور والحسكة، بشكل متكرر، ما يوقع قتلى وجرحى في صفوف تلك القوات.
وتتركز معظم هجماتها على أطراف مدن السخنة والسعن وسلمية في ريفي حمص وحماة وسط سورية، بالرغم من الانتشار الكثيف لقوات النظام وروسيا هناك.
خسائر لـ"قسد" وهجوم على مقر لـ"الوطني الكردي"
وفي سياق آخر، قتل أربعة من عناصر مليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية بهجومين شمالي سورية وشرقيها، اليوم الاثنين، في حين هاجم مجهولون مقراً لـ"المجلس الوطني الكردي" في مدينة الدرباسية بريف الحسكة، حيث وجهت الاتهامات إلى خلايا تابعة لـ"حزب العمال الكردستاني".
وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ مجهولين هاجموا دورية لـ"وحدات حماية الشعب"، التي تقود مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، أثناء مرورها في أطراف بلدة جزرة البوحميد بريف دير الزور الشمالي الغربي، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر وإصابة رابع بجروح خطيرة، مضيفة أن الهجوم جرى عن طريق تفجير عبوة ناسفة ثم إطلاق نار من أسلحة نارية.
وبحسب المصادر، فقد وقع هجوم آخر من مجهولين على دورية لـ"قسد" في أطراف مخيم الهول بريف الحسكة الشرقي، الأمر الذي أدى إلى مقتل عنصر وفرار المهاجمين إلى مكان مجهول.
وجاء الهجومان بعد ساعات من تعرض مقر لـ"المجلس الوطني الكردي" لهجوم من مجهولين بأسلحة نارية، الأمر الذي أوقع أضراراً مادية في المقر.
وقال المجلس على موقعه الرسمي إنّ مجهولين اعتدوا، بعد منتصف الليلة الماضية، على مقر محلية الدرباسية التابعة لـ"المجلس الوطني الكردي"، حيث أطلقوا النار من آلة حربية، ما تسبب بتكسير زجاج واجهة المقر وأضرار مادية أخرى.
وأضاف أنّ المهاجمين حاولوا إحراق سيارة نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة الدرباسية أشرف الملا، والذي يشغل منصب عضو الهيئة الاستشارية في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" فرع سورية.
ويذكر أنّ "المجلس الوطني الكردي" جزء من مكونات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ويتخذ عدداً من المقرات له في المناطق التي تخضع لسيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية.
وقالت مصادر، لـ"العربي الجديد"، إنّ الاتهامات بالهجوم تدور حول خلايا لتنظيم "حزب العمال الكردستاني"، وذلك على خلفية دعم "المجلس الوطني الكردي" لعمليات عسكرية ضده في كردستان العراق.
إلى ذلك، تظاهر مئات المدنيين ضد المليشيات الكردية بالقرب من قرية الرويشد بريف دير الزور الشمالي، وذلك احتجاجاً على سياسة المليشيات بتزويد النظام السوري بالنفط وحرمان تلك المناطق منه ومن عائداته الاقتصادية.
وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن المتظاهرين قطعوا بالإطارات المشتعلة الطريق الواصلة بين محافظتي الحسكة ودير الزور في منطقة الخرافي، في حين استنفرت المليشيات قواتها ودورياتها في المنطقة.
وكانت المليشيات قد استأنفت، الأسبوع الماضي، عمليات تزويد النظام السوري بالنفط الخام من مناطق سيطرة "قسد"، على الرغم من سريان العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن، حليفة المليشيات، على النظام.
وتعاني المناطق ذات الغالبية العربية في نطاق سيطرة مليشيات "قسد"، التي تقودها "وحدات حماية الشعب"، من تدنٍ في مستوى الخدمات التي تقدمها المجالس المحلية التابعة لها، وتعاني تلك المناطق أصلاً من فقدان البنى التحتية الجيدة، التي دمرت خلال الحرب على تنظيم "داعش".