أكدت مصادر عاملة لدى "الجيش الوطني السوري" المعارض والحليف لتركيا، لـ"العربي الجديد"، أن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، سحبت ليل أمس الخميس، أرتالها العسكرية من منطقة "غصن الزيتون" بريف حلب الشمالي، إلى منطقة إدلب، شمال غرب سورية، بعد ضغوطات من الجانب التركي.
وقالت المصادر، إن "تحرير الشام" سحبت ليل الخميس، رتلين عسكريين مدججين بالسلاح والعناصر من معسكر "ترندة" بالقرب من مدينة عفرين الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "غصن الزيتون" شمال محافظة حلب، إلى مناطق سيطرتها في محافظة إدلب، عبر معبر "الغزاوية" بريف حلب الغربي، شمال غرب سورية.
وأشارت المصادر إلى أن "تحرير الشام" سحبت أرتالها العسكرية بعد نشر الجيش التركي دبابات وعربات مدرعة بالقرب من معبر "الغزاوية" بريف حلب الغربي، وبالقرب من القاعدة التركية على طريق بلدة كفر جنة القريبة من مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، وذلك لمنع الهيئة من دخول المنطقة للوصول إلى معبر "الحمران" الفاصل بين مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) ريف منبج، ومناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري" بريف مدينة جرابلس، الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "درع الفرات" بريف حلب الشرقي، شمال البلاد.
ولفتت إلى أن "الجيش التركي المنتشر في شمال سورية، طلب من كلّ فصائل "الجيش الوطني السوري" الاستنفار لمواجهة "تحرير الشام" في حال عدم رضوخها للمطالب التركية، لاسيما أن قائد فصيل فرقة "السلطان مراد" فهيم عيسى، قائد الفيلق الثاني، طلب من فرقتي "الحمزة" و"سليمان شاه" المنضويتين ضمن الفيلق الثاني، تجهيز قواتهما للقتال ضد الهيئة في حال اجتاحت المنطقة.
وقال القيادي لدى "الجيش الوطني السوري" هشام اسكيف، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "معلوماتنا تؤكد أن أرتال "تحرير الشام" انسحبت من منطقة عفرين، ووصلت إلى معبر الغزاوية، ومنها من سلك طرقاً وعرة للدخول"، مؤكداً أن "الجيش التركي اتخذ كلّ التدابير لمنع الاعتداء على المنطقة من قبل الهيئة".
وبيّن اسكيف أن "الجيش الوطني والحليف التركي قرارهما واضح، لا عودة للوراء، ولا يمكن السماح بالعدوان، ولا يمكن مرور ذلك بتاتاً مهما كلف الأمر"، مضيفاً: "على العقلاء لدى الهيئة، وأنا أشك بوجودهم، إدراك أن المرحلة تغيرت، والمعطيات التي بنوا عليها أطماعهم وطموحاتهم أصبحت من الماضي، فلا يزجوا شبابهم في أتون الحرب لأنها ستحرقهم".
ونوّه إلى أن "من نتائج هذه المغامرة الهامة أنها قدمت خدمة جليلة للجيش الوطني، إذ قام باختبار عملي لعمليات التطوير والإصلاح والتماسك على مستوى الكيان، فجميع فصائل وتشكيلات الجيش الوطني اتحدت في المواجهة مع أبو محمد الجولاني (زعيم تحرير الشام) حتى الذين اقتربوا منه سابقاً".
ولفت اسكيف، إلى أن "الجولاني يصدّر الآن أزمته الوجودية، ويمتص موجة الانقلابات الصامتة التي تجري داخل الهيئة، بمحاولة إظهار تنظيمه على أنه لا يزال قادراً على فعل شيء، ولو كان انتحاراً مؤكداً، فكان أن استغل هبة العشائر، وأرسل أرتالاً لاستعادة معبر الحمران بعد أن فقده بانضمام حليفه السابق، الذي ساهم في تعميق أزمته الداخلية وانقلب عليه أيضاً، وهو أبو حيدر مسكنة العامل سابقاً تحت مظلة "حركة أحرار الشام - القطاع الشرقي" وانضم إلى الفيلق الثاني"، موضحاً، أن "هناك هدفين للجولاني، الأول إثبات أنه ما زال قوياً، وهو واهم لأن تنظيمه يتآكل من الداخل، والهدف الثاني المال الذي خسره من واردات المعبر، وهو أهم ما يشغل بال الجولاني دوماً".
ويأتي دفع "هيئة تحرير الشام" بالأرتال العسكرية إلى منطقة "غصن الزيتون"، عقب فصل قائد "حركة أحرار الشام - القطاع الشرقي" بعض الكتائب التابعة للقطاع، المعروفة بولائها لـ "تحرير الشام" وانضمامها إلى "الفيلق الثاني"، وذلك بعد ضغوط من فصيل "فرقة سلطان مراد" العامل تحت مظلة "الجيش الوطني السوري"، لجعل معبر "الحمران"، الفاصل بين مناطق سيطرة الجيش الوطني و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، تحت سيطرة الفيلق الثاني بشكلٍ كامل.
وكان اقتتال اندلع في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول عام 2022، بين فصائل "الفيلق الثالث" وفصيل "فرقة الحمزة"، وذلك بعد تمكن الفيلق من إلقاء القبض على خلية تتبع إلى الفرقة، متورطة في اغتيال الناشط المدني محمد أبو غنوم في مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، لتتدخل "هيئة تحرير الشام" في القتال إلى جانب الفرقة، بالاشتراك مع فصيل "فرقة سليمان شاه"، و"حركة أحرار الشام - القاطع الشرقي"، الأمر الذي أدى إلى دخول الهيئة إلى كامل منطقة "غصن الزيتون"، والسيطرة على مدينة عفرين بتمهيد من تلك الفصائل، بعد اشتباكات عنيفة أجبرت الفيلق على الانسحاب إلى مدينة أعزاز أبرز معاقله، لتنسحب الهيئة من المنطقة بعد مفاوضات واجتماعات بطلب من الجانب التركي.