سورية: استمرار عمليات الاغتيال في درعا وقتيل في سجون "قسد"

01 نوفمبر 2022
شهدت درعا مقتل 82 شخصاً خلال شهر أكتوبر (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

قُتل ثلاثة أشخاص بهجمات جديدة في درعا، جنوبي سورية، بينهم طفل، فيما زعم النظام السوري مشاركته مع فصائل محلية في عملية القضاء على خلايا تنظيم "داعش" بدرعا البلد، في حين وثّق "تجمع أحرار حوران" 42 عملية ومحاولة اغتيال الشهر الماضي، أسفرت عن مقتل 38 شخصاً وإصابة 9 آخرين بجروح متفاوتة.

وقال الناشط محمد الحوراني لـ"العربي الجديد"، إن شخصين قُتلا بهجومين، الأول وقع بإطلاق نار على شاب متهم بالضلوع في تجارة المخدرات ببلدة معربة، شرقي درعا، فيما طاول الثاني شاباً على الطريق الواصل بين بلدتي صما والمليحة الشرقية، شرقي درعا، وهو متّهم أيضاً بالضلوع في تجارة المخدرات. ولم تعلن أي جهة وقوفها وراء العمليتين. 

وشهدت درعا منذ صيف عام 2018 العشرات من الهجمات المماثلة، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها، وأدت الهجمات إلى مقتل وجرح العشرات، بينهم عناصر وقياديون سابقون في فصائل المعارضة، وعناصر ومسؤولون في النظام السوري، إضافة لأشخاص مدنيين.

وفي السياق، قضى طفل نتيجة الاشتباكات المستمرة بين المجموعات المحلية التي كانت سابقاً تعمل لدى فصائل "الجيش الحر" التابعة للمعارضة السورية، ومجموعات "اللواء الثامن" التابع لـ"شعبة الأمن العسكري" من جهة، وخلايا تابعة لتنظيم "داعش" من جهة أخرى في محافظة درعا، جنوبي البلاد.

وقال عاصم الزعبي، مسؤول مكتب توثيق الانتهاكات لدى "تجمع أحرار حوران"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الطفل حسام صالح محمد (11 عاماً)، قضى اليوم الثلاثاء، إثر إصابته بالرصاص العشوائي بالقرب من المخبز الاحتياطي في مخيم درعا، وسط محافظة درعا، جنوبي البلاد".

ولا تزال الحملة الأمنية من قبل المجموعات المحلية في درعا البلد قائمة ضد خلايا تنظيم "داعش" بالتزامن مع اشتباكات متقطعة بين الفينة والأخرى، لا سيما أن عنصراً من المجموعات المحلية قُتل أمس الإثنين، بالإضافة إلى مقتل عنصرين اثنين من خلايا تنظيم "داعش"، إثر الحملة الأمنية التي أطلقتها المجموعات المحلية بالاشتراك مع مجموعات عسكرية تتبع لـ"اللواء الثامن" الذي يقوده أحمد العودة، ضد خلايا التنظيم في منطقة حي طريق السد بريف درعا الأوسط، جنوبي البلاد.

وأكد الزعبي أن "الأحداث في محافظة درعا بدأت أخيراً في مدينة طفس بريف درعا الغربي قبل أكثر من شهرين، وحينها حاصرت قوات النظام المدينة، وكانت مطالب النظام واضحة، وهي أن هناك عناصر تابعين لتنظيم (داعش) في مدينة طفس ويجب إخراجهم، لا سيما أنه كان هناك حشد كبير لقوات النظام وقوات الحرس الثوري الإيراني ممثلة بقوات العرين على أطراف المدينة".

وأضاف "كان هناك أربعة أشخاص في مدينة طفس وتم إخراجهم من المدينة، وتطورت الأمور بعدها نتيجة اغتيال القيادي خلدون الزعبي بعد لقائه برئيس فرع الأمن العسكري العميد لؤي العلي".

وأوضح الزعبي أن "المرحلة الثانية كانت بعد مدينة طفس، هي الانتقال إلى مدينة جاسم، وبالفعل كان فيها عدد كبير من عناصر خلايا تنظيم داعش وخاصة في محيط المدينة وبحي العالية، والنظام اتبع في مدينة جاسم الأسلوب نفسه الذي اتبعه في مدينة طفس، وحشد قواته وأنشأ عدة نقاط عسكرية على أطراف المدينة".

وأشار المصدر ذاته إلى أن "عناصر المعارضة في مدينة جاسم اختاروا سحب البساط من تحت أقدام النظام من خلال مبادرتهم بالقيام بعملية عسكرية ضد عناصر تنظيم داعش في المدينة ومحيطها بمساعدة عدد من المقاتلين المعارضين بمناطق أخرى من محافظة درعا، بالإضافة إلى تعزيزات مساندة من اللواء الثامن"، مشيراً إلى أن "اللواء الثامن قام بالعملية بدعم وتنسيق مع العناصر المعارضين دون التنسيق مع قوات النظام أو مع الروس"، نافياً "مزاعم النظام والروس حول مشاركتهم في العملية ضد خلايا التنظيم".

وأكد أنه "توجد خلايا لتنظيم داعش متنقلة موجودة في عدة مناطق من محافظة درعا"، مشدداً على أن "هذه العملية مستمرة، وفي مدينة جاسم لم تنته الأمور حتى اللحظة، والآن العملية أيضاً مستمرة في أحياء درعا البلد وطريق السد والمخيم، ولا أحد يعرف متى سوف تنتهي هذه العملية".

الزعبي: خلال المرحلة المقبلة ستكون هناك عمليات مماثلة، ويمكن أن تكون في بلدة اليادودة بريف درعا الغربي

ويرى الزعبي أنه "خلال المرحلة المقبلة ستكون هناك عمليات مماثلة، ويمكن أن تكون في بلدة اليادودة بريف درعا الغربي، لأن النظام حاصرها قبل عدة أيام، وأيضاً في بلدة ناحتة بريف درعا الشمالي الشرقي، وسنشهد خلال المرحلة القادمة تحركات عسكرية مماثلة، ويبدو أنه هناك إرادة لفرض سيطرة بشكل جديد تكون واجهة اللواء الثامن"، مرجحاً أن "يكون هناك تحسن في الواقع الأمني بعد هذه العمليات، عقب تزايد عمليات الاغتيال في مناطق مختلفة من المحافظة خلال الآونة الأخيرة".

في سياق مواز، نفت مصادر محلية في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود قوات النظام أو قواتها الأمنية في العملية الحاصلة بدرعا البلد ضد متهمين بالانتماء لـ"داعش"، مؤكدة أن العملية يقودها مقاتلون من فصائل محلية فقط، كانت سابقاً ضمن صفوف المعارضة والجيش الحر، وذلك بعد تعرضهم لهجوم انتحاري أخيراً أدى إلى مقتل وجرح قياديين وعناصر في درعا البلد.

وأكدت المصادر أن هناك مجموعات تابعة للواء الثامن الذي جرى إتباعه أخيراً بفروع أمن النظام، وخاصة "الأمن العسكري"، جاءت إلى درعا البلد للمشاركة في العملية، مشيرة إلى أن النظام يعتبر تلك مشاركة مباشرة من قبله في عملية القضاء على تنظيم "داعش"، فيما تتهمه مصادر محلية بدعم خلايا التنظيم.

إلى ذلك، قال تجمع أحرار حوران إن مكتب توثيق الانتهاكات في التجمع سجل خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقتل 82 شخصاً في محافظة درعا، لافتاً إلى أنه وثق مقتل 25 عنصراً من تنظيم "داعش"، بينهم 5 قياديين، اثنان منهم من خارج سورية، وذلك جراء الاشتباكات التي اندلعت مع مجموعات محلية في مدينة جاسم، وأخرى تتبع للواء الثامن التابع إدارياً لفرع الأمن العسكري.

وأوضح التجمع أن مكتب توثيق الانتهاكات سجل 42 عملية ومحاولة اغتيال، أسفرت عن مقتل 38 شخصاً، وإصابة 9 آخرين بجروح متفاوتة، فيما نجا 5 أشخاص من محاولات الاغتيال.

وبحسب التجمع، فإنّ معظم عمليات ومحاولات الاغتيال جرت بواسطة إطلاق النار بأسلحة رشاشة روسية من نوع كلاشنيكوف، فيما سُجّلت عمليتان بواسطة قنبلة يدوية، وعمليتان بواسطة عبوة ناسفة، وعملية واحدة بواسطة حزام ناسف.

وسجل المكتب أيضاً اعتقال 30 شخصاً من قبل قوات النظام في محافظة درعا، أُفرج عن 15 منهم خلال الشهر ذاته، واختطاف 10 أشخاص من محافظة درعا، عثر على جثث 7 منهم، في حين ما زال مصير 3 آخرين مجهولاً، كما عثر أهالي درعا على جثتي شخصين اختطفا في شهر سبتمبر/أيلول الفائت في المحافظة.

 

قتلى للنظام في الرقة

في الأثناء، قتل ثلاثة عناصر من قوات النظام السوري، اليوم الثلاثاء، إثر استهداف سيارة عسكرية للنظام بصاروخ موجه، بالإضافة إلى انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب في بادية الرصافة التي تُسيطر عليها قوات النظام جنوب غربي محافظة الرقة، شمال شرقي سورية.

وقالت مصادر مُطلعة من أبناء الرقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن عنصرين اثنين من قوات النظام قُتلا، اليوم الثلاثاء، وجرح عنصران آخران بجروح خطيرة إثر استهداف مجهولين يرجح أنهم خلايا تابعة لتنظيم "داعش" سيارة عسكرية لقوات النظام، مشيرة إلى أن عنصراً من قوات النظام قُتل أيضاً بحادثة مختلفة إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب في بادية الرصافة، جنوب غربي محافظة الرقة.

وأضافت المصادر أن مليشيات "لواء القدس" المدعومة من روسيا، استقدمت تعزيزات عسكرية ضمت نحو 30 آلية عسكرية غالبيتها سيارات من نوع "بيك آب" مزودة برشاشات متوسطة، إلى بادية غانم علي، جنوبي محافظة الرقة، وذلك بُغية البدء بعمليات تمشيط واسعة ضد خلايا تنظيم "داعش" التي تنشط في المنطقة.

وأشارت إلى أن طائرتين حربيتين روسيتين من طراز "سوخوي - 34" نفذتا، اليوم الثلاثاء، خمس غارات جوية مستخدمة صواريخ شديدة الانفجار، استهدفت كهوفاً ومغاور تتخذها خلايا تنظيم "داعش" أوكاراً لها في بادية سبخة الكوم الواقعة شمالي مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، وسط البلاد.

متظاهرون يعترضون دورية أميركية وقتيل في سجون "قسد"

من جانب آخر، اعترض متظاهرون ضد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، اليوم، دورية أميركية في بلدة جديدة بكارة بدير الزور، شرقي سورية، فيما قضى مدني تحت التعذيب في سجن لـ"قسد" بعد أيام من اعتقاله بتهمة الانتماء لتنظيم "داعش".

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن متظاهرين في بلدة جديدة بكارة ضد الفساد في الإدارات المدنية والعسكرية التابعة لـ"قسد" اعترضوا طريق دورية أميركية كانت تتجول في المنطقة. وأضافت المصادر أن الدورية الأميركية غيرت طريقها ولم تدخل في اشتباك مع المدنيين.

وذكرت المصادر أن القوات الأميركية كانت تجري دورية اعتيادية في المنطقة القريبة من قاعدة التحالف الدولي في حقل "كونيكو" للغاز الواقع في ناحية خشام، شمال شرقي دير الزور.

وكان التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن قد استقدم أمس قافلة مكونة من نحو 70 آلية وعربة عسكرية دخلت الأراضي السورية عن طريق معبر الوليد الحدودي، شمال شرق الحسكة. وضمت القافلة معدات عسكرية ولوجستية وصهاريج محملة بالمحروقات بالإضافة إلى شاحنات تحمل كتلاً وجسوراً إسمنتية.

واتجهت القافلة، بحسب مصادر محلية، إلى قواعد التحالف في بلدات رميلان والشدادي وتل بيدر في الحسكة، بينما توجه قسم منها إلى قاعدتي التحالف في ريف دير الزور الشرقي.

وشهدت المنطقة الشرقية من دير الزور سابقاً مظاهرات ضد المجالس المدنية والعسكرية التابعة لـ"قسد"، حيث طالب المتظاهرون الأخيرة بوقف حملات التجنيد الإجباري وتحسين الخدمات، حيث تعاني المناطق ذات الغالبية العربية من الفقر وسوء الخدمات والتهميش، إضافة لواقع أمني متردٍ.

5 صواريخ تستهدف قسد

واستهدفت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، بخمسة صواريخ، اليوم الثلاثاء، أطراف مخيم "كويت الرحمة" الذي يضم نازحين من عدة محافظة سورية، والواقع في جبل ترندة بريف مدينة عفرين ضمن ما يُعرف بمنطقة "غصن الزيتون"، شمالي محافظة حلب، شمال البلاد.

وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن الاستهداف تسبب بحالة هلع لدى قاطني المخيم، ما أدت إلى نزوح عدة عوائل إلى المناطق الحرجية القريبة من المخيم، في ظل مناشدات من قبل قاطني المخيم إلى الجهات المسؤولة عن المنطقة بتغيير مكان المخيم بعد استهدافه أكثر من مرة خلال العام الجاري.

إلى ذلك، ردت القوات التركية على استهداف المخيم وقصفت بنحو 10 قذائف مدفعية مواقع عسكرية لـ"قسد" بالقرب من بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي، ترافق مع الاستهداف تحليق لطائرة استطلاع تركية في سماء منطقتي "غصن الزيتون و"درع الفرات"، شمال سورية.
 

انتهاكات "قسد"

وفي شأن متصل، قال موقع "فرات بوست" المحلي إن "قسد" سلمت، صباح اليوم، جثة الشاب حسن حمد العسكر إلى ذويه، بعد يومين من اعتقاله خلال عملية مداهمة نفذتها في بلدة ذيبان، وكانت العملية قد أسفرت عن مقتل امرأة اسمها ناديا مصطفى واعتقال زوجها.

وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن عائلة القتيل استلمت جثة ابنها اليوم في قاعدة حقل العمر النفطية التي تتمركز فيها قوات التحالف الدولي إلى جانب "قسد"، مشيرة إلى أن الشاب كان قد جرى اعتقاله خلال مداهمة بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش" وقضى بسبب التعذيب بعد اعتقاله.

وزعمت مصادر مقربة من "قسد" أن سبب وفاة الشاب هو إصابته في اشتباك مع "قسد" خلال المداهمة ولم يكن السبب التعذيب، فيما لم يصدر بيان عن "قسد" يوضح ملابسات وفاة الشاب بعد اعتقاله.

إلى ذلك، قالت مصادر محلية إن عناصر تابعين لـ"الشبيبة الثورية" التابعة لـ"حزب العمال الكردستاني" خطفت، أول أمس، الطفل شيخموس بن عبد الرحمن، من أهالي بلدة ميدان أكبس، خلال وجوده في حي الشيخ مقصود الخاضع لـ"قسد" بمدينة حلب.

وقالت "منظمة حقوق الإنسان في عفرين" في بيان لها، إن الطفل تلميذ في المرحلة الإعدادية وجرى اقتياده إلى جهة مجهولة، وأضافت أن "الطفل كان يتردد برفقة زملائه بين فترة وأخرى على مقر جوانن شورشكر بالحي. ويوم الأحد الماضي دخل المقر ولم يعد لمنزله، وتم التحري والبحث عنه من قبل ذويه دون جدوى".

وأوضحت المنظمة أن والدة الطفل أُصيبت بانهيار عصبي ونفسي نُقلت على أثره إلى المشفى بسبب عدم الاعتراف بمصير ابنها من قبل الخاطفين.

المساهمون