سوخوي وكوسوفو... تقارب مصري روسي يهدد علاقات القاهرة بواشنطن

20 اغسطس 2022
غضب أميركي من موقف للسيسي في بلغراد (ميلوس ميسكوف/الأناضول)
+ الخط -

العلاقات المصرية الأميركية مهددة بانتكاسة، بعد تحسّن في الفترة الأخيرة تمثل في اللقاء الثنائي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأميركي جو بايدن على هامش قمة جدة السعودية، التي عُقدت في 16 يوليو/ تموز الماضي، أعقبها اتصال هاتفي قدّم خلاله بايدن الشكر للقاهرة على دورها في الوساطة التي توصلت إلى اتفاق وقف إطلاق النار إثر العدوان الإسرائيلي على غزة، مطلع الشهر الحالي.

أسباب التوتر المصري ـ الأميركي

التحسن عكّره اتخاذ القاهرة خطوات متقدمة تجاه موسكو خلال الأيام الماضية، أبرزها تسلّم مصر 4 مقاتلات روسية من طراز "سوخوي 35" متعددة المهام، بشكل غير معلن، وفقاً لدبلوماسي مصري رفيع المستوى، يعمل في وزارة الخارجية، تحدث لـ"العربي الجديد" طالباً عدم نشر اسمه.

وأضاف الدبلوماسي أن الإدارة الأميركية كانت لها تحفظات على اتفاقات جرت أخيراً بين مصر وروسيا، شملت دعماً لمواقف موسكو وحلفائها، موضحاً أن "الإدارة الأميركية ظنت أنها أمنت الموقف المصري بشكل كامل من إبداء أي انحياز، أو دعم لموسكو عقب اللقاء الذي جمع السيسي وبايدن في جدة".

وأوضح أن الإدارة الأميركية كانت تدرك مدى أهمية مثل هذا اللقاء بالنسبة للقيادة المصرية، وهو ما جعلها تعتقد أن السيسي سيكون حريصاً على عدم خسارة ثقة البيت الأبيض، خصوصاً في الوقت الذي تأمل فيه مصر مشاركة بايدن في قمة المناخ التي ستنظمها في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وأضاف "يبدو أن الإدارة الأميركية فوجئت بخطوة تسلم مقاتلات سوخوي 35 من روسيا"، معتبراً أن "القاهرة دُفعت من قِبل موسكو لإتمام تلك الخطوة التي جرى الاتفاق عليها خلال وجود السيسي في صربيا (في 19 يوليو الماضي)". وشهدت الزيارة توقيع 12 بروتوكول تعاون بين مصر وصربيا.


تسلّمت مصر 4 مقاتلات روسية من طراز "سوخوي 35" متعددة المهام

وتابع الدبلوماسي المصري قائلاً إن "القاهرة لم تكن لترغب في تلك الخطوة في الوقت الراهن لأسباب متعددة، أهمها احتياجها للدعم الأميركي خلال مفاوضات صندوق النقد الدولي للحصول على القرض الجديد".

وأشار إلى أن "السبب الآخر هو الأزمة المالية الراهنة التي تمر بها مصر، وما قد يسببه الإعلان عن تلك الصفقة في الوقت الراهن من استفزاز الشارع المصري في ظل إجراءات الحكومة التي ضاعفت الأعباء على المواطنين، بالإضافة إلى أن الترويج برفع القدرات القتالية للقوات المسلحة لم يعد يقنع المواطن المصري، في ضوء التأكيد على استبعاد الخيار العسكري نهائياً ضمن حلول أزمة سد النهضة التي تهدد الأمن المائي المصري".

ووقّعت مصر عام 2019 اتفاقية مع روسيا بقيمة ملياري دولار تهدف إلى شراء 20 طائرة مقاتلة من طراز "سوخوي 35"، وهو الاتفاق الذي أثار غضب الولايات المتحدة، إذ لوّح مسؤولون أميركيون باحتمال فرض عقوبات على مصر في حالة الإصرار على إتمامه. غير أن مصر مضت في تلك الصفقة وتسلّمت بالفعل الدفعة الأولى وعددها خمس طائرات في أغسطس/ آب 2020.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وكشف مسؤول دبلوماسي مصري آخر عن وجه إضافي لأسباب الاستياء الأميركي من القاهرة، قائلاً إن "الإعلان الذي جاء من قبل البرلمان الصربي، عقب لقاء رئيسه بالرئيس المصري خلال زيارة الأخير إلى بلغراد، بأن مصر جمّدت الاعتراف باستقلال إقليم كوسوفو المعلن من طرف واحد، تسبب في غضب أميركي باعتبار تلك الخطوة دعما للمعسكر الروسي".

والتقى السيسي في زيارته بلغراد رئيس البرلمان الصربي (انتهت ولايته حالياً)، إيفيتسا داتشيتش. وعقب اللقاء أكد داتشيتش أنه يقيّم تقييماً عالياً الموقف المصري الذي يشير إلى أن القاهرة لا تصوت لصالح عضوية كوسوفو في المنظمات الدولية.

ووفقاً للدبلوماسي المصري نفسه، فإن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لمصر في 24 يوليو الماضي للقاهرة، تخللتها ضغوط واضحة عبر رسائل للقيادة المصرية حملها لافروف من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي جاءت لاحتواء تداعيات اللقاء الثنائي بين السيسي وبايدن في جدة، كون موسكو تعتبر القاهرة شريكاً استراتيجياً في القارة الأفريقية.

خلافات مصرية ـ روسية

في المقابل، كشف مسؤول حكومي مصري مطّلع على ملف المحطة النووية في الضبعة أن الفترة التي أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية شهدت خلافات كبيرة بين القاهرة وموسكو بسبب تأخر الجانب الروسي عن تنفيذ بعض المراحل المجدولة والتي حل موعد تنفيذها.

وقال المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن المشروع برمته كان على المحك خلال الفترة الماضية، خصوصاً بعد ما وجدت دوائر حكومية مصرية في التأخير الروسي وصعوبة الالتزام بجدول التنفيذ نظراً للعقوبات الغربية على موسكو فرصة لإلغاء المشروع الذي يتم تنفيذه بقرض روسي بقيمة 25 مليار دولار.


مسؤول مصري: مشروع الضبعة النووي كان على المحك

ووقّعت مصر وروسيا في نوفمبر 2015 اتفاقية تعاون مشترك لإنشاء المحطة النووية، وأعقب ذلك توقيع عدة اتفاقيات، ثم عقود المحطة في ديسمبر/ كانون الأول 2017، بتكلفة تقترب من 25 مليار دولار.

وأوضح المسؤول أن شهر إبريل/ نيسان الماضي شهد اتصالات مكثفة لإنقاذ المشروع النووي من جانب روسيا، التي وعدت مصر بالتعاون في مجال تصدير الحبوب بصورة منتظمة من موسكو إلى القاهرة.

وبحسب المسؤول، فأمام الضغوط الروسية والوعود أيضاً، التي تضمنت تعهدات من موسكو للقاهرة بتقديم دعم لها على مستويات وملفات عدة، أعلنت مصر خطوات جديدة على ملف المحطة النووية.

وفي 20 يوليو الماضي أعلنت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء عن بدء أعمال الصبة الخرسانية لأول وحدة نووية بمحطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء. ووفقاً للمسؤول المصري جاء الإعلان عن الخطوة بشكل متعجل وغير مرتب، وكان الهدف منه فقط هو التأكيد أن الشراكة المصرية الروسية بشأنه لا تزال قائمة.