سفير صيني جديد في أميركا: مهمة صعبة لكبح تدهور علاقات واشنطن وبكين

30 يوليو 2021
السفير الجديد تشين غانغ معروف بتصلّبه وبكونه من "الذئاب المحاربة" (Getty)
+ الخط -

لا يبدو أن في أفق العلاقات الصينية ـ الأميركية حلاً ما لتخفيف حدّة التشنّج بين البلدين، بعد إرسال بكين تشين غانغ، المعروف بتصلّبه، سفيراً إلى واشنطن، لخلافة تسوي تيان كاي، الذي شهد بين عامي 2013 و2021 على التدهور الحادّ بين الولايات المتحدة والصين. وأعلنت السفارة الصينية في واشنطن، مساء أول من أمس الأربعاء، وصول تشين إلى مطار جون كينيدي في نيويورك. ونُشرت صور للسفير الجديد وهو يضع كمامة تحمل صورة علم الصين لتأكيد ذلك. وتشين معروف بأنه من مجموعة جديدة من الدبلوماسيين الصينيين المعروفين بنبرتهم العدوانية تجاه الدول الغربية، ويسمون "الذئاب المحاربة"، وبرزوا بشكل أساسي في العام الماضي، بعد الانتقادات العالمية، الأميركية والأوروبية خصوصاً، للصين بسبب تفشي فيروس كورونا. لكن تشين بدا تصالحياً عند وصوله إلى العاصمة الأميركية، ونقلت عنه السفارة قوله: "سأعمل جاهداً لبناء قنوات اتصال وتعاون مع جميع القطاعات في الولايات المتحدة، وسأعمل على إعادة العلاقات الصينية الأميركية إلى مسارها". كذلك نقلت عنه وكالة "شينخوا" الصينية قوله إنه "قبل خمسين عاماً، قام (وزير الخارجية الأميركي الأسبق) الدكتور هنري كيسنجر بزيارة سرية إلى الصين وفتح الباب أمام تطبيع العلاقات الصينية ـ الأميركية"، مضيفاً: "كان ذلك خلال الحرب الباردة (1947 ـ 1991). وفي ذلك الوقت لم يكن هناك أي اتصال فعلي بين البلدين. واضطر كيسنجر إلى السفر سراً إلى الصين عبر بلد ثالث". وقال تشين "بعد خمسين عاماً، وبصفتي السفير الصيني الـ11 لدى الولايات المتحدة، يمكنني السفر علانية وبشكل مباشر إلى هذا البلد. فكم من تغيرات شهدها العالم بمرور الوقت". وشدّد على أنه "على مدى نصف القرن الماضي، استمرت العلاقات الصينية الأميركية في المضي قدماً على الرغم من التقلبات والمنعطفات"، معتبراً أن "هذا لم يكن له تأثير عميق على البلدين فحسب، بل غيّر أيضاً مجرى التاريخ والعالم بشكل كبير. والعالم اليوم يمر بتغيرات كبيرة لم يشهدها منذ قرن".


إعلام أميركي: احتمال تعيين نيكولاس بيرنز سفيراً في بكين

 

ويتمتع تشين بخبرة كبيرة في العلاقات الخارجية، جرّاء عمله في وزارة الخارجية في مناصب عدة، ومنها متحدث باسم الوزارة ونائب الوزير. ويدرك أن أمامه ملفات خلافية كثيرة مثل مسألة قانون الأمن القومي في هونغ كونغ الذي تنتقده الولايات المتحدة بشدّة، فضلاً عن ملف تايوان، الذي يشهد استفزازات عسكرية متبادلة بين بكين وواشنطن لارتباطه المباشر ببحر الصين الجنوبي. ومن الملفات الخلافية، قضية مقاطعة شينجيانغ، معقل الإيغور، مع تنامي الاتهامات الموجهة من واشنطن لبكين بقمعهم. كذلك تبرز الصدامات الأميركية ـ الصينية في ملفات حقوق الإنسان والتجارة (رغم توقيعهما اتفاقاً تجارياً جزئياً في يناير/كانون الثاني 2020) والتقنيات (الحرب الإلكترونية وملف شركة هواوي والجيل الخامس) ومنشأ فيروس كورونا في ووهان في عام 2019. ومن المتوقع أن تكون مهمة تشين صعبة لإحياء العلاقات بين الطرفين، لأن الرئيس الأميركي جو بايدن لم يغيّر سياسة المواجهة التي اتبعها سلفه دونالد ترامب حيال بكين. حتى أن الصين شنّت يوم الاثنين الماضي، هجوماً حاداً على سياسات واشنطن خلال أول زيارة تقوم بها دبلوماسية أميركية رفيعة المستوى إلى البلاد، هي ويندي شيرمان مساعدة وزير الخارجية الأميركي. وقال نائب وزير الخارجية الصيني شيه فنغ إن العلاقات الثنائية "في طريق مسدود"، متهماً الأميركيين باعتبار الصين "عدواً وهمياً". وأضاف: "يبدو أنه يجري شن حملة شاملة للحكومة الأميركية والمجتمع بأسره لإسقاط الصين. ويبدو كما لو أنه عندما يتم احتواء تنمية الصين، ستختفي جميع التحديات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وستصبح أميركا عظيمة مرة أخرى، وسيواصل عصر هيمنة السلام الأميركي المضي قدماً". في المقابل، لم تعين الإدارة الأميركية الجديدة سفيراً في بكين حتى الآن، لكن وسائل إعلام أميركية تحدثت عن توجه لاختيار الدبلوماسي المخضرم نيكولاس بيرنز. عملياً، تمرّ العلاقة الأميركية ـ الصينية بأسوأ مراحلها منذ تدشين العلاقات الدبلوماسية في سبعينات القرن الماضي، تحديداً في أغسطس/آب 1978، بل إنّ أول سفير صيني للنظام الشيوعي في واشنطن، شاي زيمين، نال في خريف عام 1981، دكتوراه فخرية في القانون من جامعة ميشيغان الأميركية لدوره في إرساء العلاقات بين الجانبين.

 


لم يتراجع بايدن عن قرارات ترامب معتمداً سياسة المواجهة

 

ونجح البلدان في تجاوز انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، في ظلّ إحجام صيني عن ملء فراغه في عالم "الثنائية القطبية"، مكتفية بأداء دور ثانوي ضمن مفهوم "عالم متعدد الأقطاب". إلا أنه لاحقاً، مع نمو السوق الصيني وتمدده في العالم، بدأت تأثيراته تظهر على الاقتصاد الأميركي، الأمر الذي دفع ترامب إلى فرض عقوبات تجارية على الصين بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974 التي تسرد تاريخ "الممارسات التجارية غير العادلة" وسرقات الملكية الفكرية. وفي 15 يناير 2020، وقع ترامب مع نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي اتفاقاً تجارياً مرحلياً تعهدت بموجبه الصين شراء بضائع أميركية بقيمة 200 مليار دولار بين عامي 2020 و2022، بالإضافة إلى تضمين الاتفاق بنودا تتعلق بحماية الملكية الفكرية استجابة لمطالب واشنطن. وأصدر أيضاً الأمر التنفيذي رقم 13873 بعنوان "تأمين سلسلة التوريد والخدمات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات"، في 15 مايو/أيار 2019، يمنع من خلاله الشركات الأميركية من استخدام معدات الاتصالات من مصادر تعتبرها الإدارة تهديدات للأمن القومي.

(العربي الجديد، رويترز)

المساهمون