فتحت إقالة رئيس هيئة مكافحة الفساد عماد بوخريص، وتعيين خلف له، صفحة جديدة من الصراع بين رئيس الجمهورية قيس سعيد الرافض لهذا التغيير ورئيس الحكومة هشام المشيشي، الذي اختار عماد بوطالب خلفاً له.
وفاجأ سعيد المتابعين، بدعوة رئيس الهيئة المقال بوخريص مساء أمس الإثنين، بعد سويعات من إقالته إلى قصر الرئاسة، ليعبر عن رفضه التعيين الجديد والتغيير الحاصل على رأس هذه الهيئة الدستورية.
وقال سعيد لبوخريص، لقد "تم إعفاؤك هذا اليوم لمقاومتك الفساد، فمن يقاوم الفساد هو من يتم إعفاؤه وبناء على معطيات ثابتة صحيحة، ثم يرفعون بعد ذلك شعار مقاومة الفساد".
وتابع سعيد في فيديو بثته صفحة الرئاسة، أنه "كان متوقعاً أن يتم إعفاؤك لأنك أثرت جملة من القضايا، وقدمت جملة من الإثباتات المتعلقة بعدد من الأشخاص، ومن بينهم الوزراء الذين تم رفض أدائهم اليمين الدستورية ممن تعلقت بهم قضايا فساد، وهناك من له قضية أمام القطب المالي، وهناك بعض الأشخاص الذين لهم ملفات فساد، وبالرغم من أن القضايا لم ترفع ضدهم، ومن بين الوثائق المتوفرة أن هؤلاء متورطون أو يتخفون وراء عدد من الأشخاص ويتحدثون بعد ذلك عن مقاومة الفساد".
ونشرت الرئاسة بلاغاً رسمياً، قالت فيه إن "بوخريص أطلع رئيس الدولة على كل الصعوبات التي وجدها وواجهها، وعلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى إقالته، فضلاً عن الجوانب القانونية التي لم يتم احترامها في قرار الإقالة".
وعلّق المحلل السياسي شكري بن عيسى في حديث لـ"العربي الجديد"، بالقول إنه من الواضح أن رئيس الجمهورية لن يقبل دعوة رئيس الهيئة الجديد لأداء اليمين الدستورية، وبالتالي هو طرف في عملية التنصيب بالاعتماد على البند 25 من المرسوم المنظم للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مشيراً إلى أنه "يتضح رسمياً أنه رفض التسمية الجديدة وبالتالي رفض مغادرة عماد بوخريص".
وأضاف المحلل: "إننا سندخل في أزمة جديدة بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة"، قائلاً: "في تقديري الخاص، هناك تصفية حسابات مع المشيشي، ولكن هذه المرة قيس سعيد له ما يؤكد ويسند قراره من ناحية الإخلالات الإجرائية في عملية الإقالة ومن ناحية الشبهات، باعتبار أن الرئيس بوخريص أعلن أن لديه ملفات هامة جداً تم إعدادها بشكل كامل، كما أنه لم تمضِ على تسميته سوى بضعة أشهر، ولم يحدث إخلال كبير يستدعي إقالته، إضافة إلى تقديمه لرئيس الجمهورية بعض الملفات حول عدد من الوزراء الذين صادق عليهم البرلمان في التعديل الحكومي الأخير".
وأضاف بن عيسى أن "العديد من الأطراف تحدثت عن وجود شبهات حول الرئيس الجديد المقترح، من بينها منظمة "أنا يقظ"، بداية من تضارب المصالح باعتباره صهر الكاتب العام للحكومة الحالي والمقترح لوزير الداخلية في التعديل الوزاري، إضافة إلى إصداره قرارات تهم رجل أعمال لم تكن سليمة".
وأصدرت منظمة "أنا يقظ" بلاغاً نددت فيه بتعيين المشيشي للرئيس الجديد للهيئة، وطالبته بالتراجع عن ذلك، وذكّرت المنظمة في بلاغها بالتجاوزات والشبهات التي تحيط به وخصوصاً تضارب المصالح الذي قالت إنه "يؤكد محاولة السطو على هذه الهيئة والتحكم في قراراتها" بحسب نص البلاغ.
وكانت الهيئة قد عرفت أيضاً جدلاً مماثلاً عند إعفاء رئيسها السابق شوقي الطبيب في أغسطس/آب 2020، الذي رفض مغادرة منصبه ليتمسك وقتها رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ بتنحيته من منصبه بسبب ما وصفه بتوظيف الهيئة والانحراف بدورها، ليتم تعيين خلفه بوخريص بمباركة من الرئيس سعيد الذي سرّع في إجراءات أداء اليمين حتى يتسنى له تسلّم تسيير الهيئة.