قال مصدر دبلوماسي مصري مسؤول، إن القاهرة تدرس الآن خيارات جديدة للتعامل مع أزمة سد النهضة الإثيوبي، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه مسؤولان في الحكومة الإثيوبية، أمس السبت، أن أديس أبابا ستبدأ اليوم الأحد، توليد الكهرباء من سد النهضة المقام على نهر النيل.
وقال مسؤول في الحكومة لوكالة "فرانس برس": "غداً (اليوم الأحد) ستبدأ أول عملية توليد كهرباء من السد". كما أكد مسؤول آخر هذه المعلومات. وطلب المسؤولان عدم ذكر اسميهما في غياب أي إعلان رسمي بهذا الصدد من السلطات الإثيوبية.
تحركات مصرية بشأن سد النهضة في بلجيكا
من جهته، أكد المسؤول المصري، الذي تحفظ على ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الدبلوماسية المصرية استغلت انعقاد القمة الأفريقية الأوروبية في بلجيكا يومي الخميس والجمعة الماضيين، والعلاقة المتميزة بين مصر والاتحاد الأوروبي، لعرض قضية سد النهضة، ومحاولة إيجاد حلول لها".
وأشار المصدر، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إلى أن وجود الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذه القمة "أكسب القضية زخماً، إذ كانت قاسماً مشتركاً في جميع لقاءات الرئيس؛ سواء على المستوى الثنائي، أو متعدد الأطراف".
وقال المصدر إن مصر طالبت خلال القمة "بتطبيق مبادئ القانون الدولي بخصوص الأنهار العابرة للحدود، وضرورة أن يكون هناك اتفاق ملزم واضح بكل البنود والحالات بشأن سد النهضة، يشمل مراحل الملء والتشغيل، بما يتفق مع مصلحة الدول وحياة الشعوب".
انشغال أميركا والغرب بأزمة أوكرانيا يضر بموقف مصر
انشغال أميركا والغرب بالأزمة الأوكرانية
في المقابل، قال دبلوماسي مصري سابق وخبير في الشؤون الأفريقية، إن "انشغال الولايات المتحدة والغرب، بالوضع في أوكرانيا، يضر بموقف مصر في قضية سد النهضة".
وأوضح أن "القاهرة كانت تعول كثيراً على دعم غربي في هذه القضية يتمثل في الوساطة بينها وبين أديس أبابا، لكن الوضع الملتهب على الحدود الأوكرانية الروسية، وشعور الغرب بالخطر الشديد، يجعل قضية سد النهضة هامشية بالنسبة للمعسكر الغربي".
وأكد المصدر أنه "حتى لو تدخلت الولايات المتحدة في أزمة سد النهضة الآن، وفي ظل إدارة الرئيس جو بايدن، فإن تدخلها لن يكون مثل تدخل الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب، والتي كانت تقف في صف مصر، إذ إن إدارة بايدن محايدة في القضية".
إهمال الإدارة المصرية قضية سد النهضة
وقال المصدر إنه "من المستغرب أن تهمل الإدارة المصرية قضية سد النهضة إلى الحد الذي يغيب فيه رئيس الدولة عن القمة الأفريقية التي عقدت في أديس أبابا أخيراً، والتي يفترض أنها حدث مهم من المفترض أن تستغل مصر وجود جميع الزعماء الأفارقة فيه، وتتحدث بصراحة وبقوة عن قضية المياه، لكي تضع الطرف الإثيوبي أمام مسؤوليته التاريخية والإنسانية تجاه الوضع المائي، فيما تحرص على التواجد في قمة أوروبية، لا تهدف سوى لتحقيق مصالح الغرب من حيث منع موجات الهجرة، ومحاربة ما يسمونها بالجماعات المتطرفة".
وأكد المصدر أنه "في غياب أي تحرك مصري سوداني، ستمضي أديس أبابا في الملء الثالث للسد"، مشيراً إلى أنه "في ظل اتفاق إعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث في العاصمة السودانية الخرطوم عام 2015، تعجز الإدارة المصرية عن اللجوء إلى أي حلول قانونية، مثل التوجه إلى محكمة العدل الدولية، أو طلب الوساطة الدولية".
دبلوماسي مصري سابق: في غياب أي تحرك مصري سوداني، ستمضي أديس أبابا في الملء الثالث للسد
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، قد قال في تصريحات تلفزيونية أخيراً، إن جدول أعمال القمة الأوروبية الأفريقية، شمل تغيّر المناخ وريادة الأعمال والهيدروجين الأخضر، ومكافحة الهجرة غير النظامية والتجارة الحرة والطاقة.
وفيما يتعلق بقضية سد النهضة، قال راضي إنه "لا بد من أن يكون هناك اتفاق ملزم واضح بكافة البنود والحالات".
وفي وقت سابق، وجهت إثيوبيا رسالة إلى مصر والسودان بشأن سد النهضة، مشيرة إلى أن "الإثيوبيين لا يستطيعون الانتظار إلى ما لا نهاية". وشدد وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية رضوان حسين، في حوار تلفزيوني أخيراً على "ضرورة أن تشجع مصر بلاده على الانتهاء من بناء سد النهضة بسرعة"، مؤكداً أنه "إذا حدث جفاف غداً أو بعد عدة سنوات، فعلى الجميع أن يتعاونوا معاً في استغلال الموارد".
يذكر أن المفاوضات حول سد النهضة كانت قد تعثرت العام الماضي، مع فشل إثيوبيا ومصر والسودان، في التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد قبل بدء إثيوبيا في الملء الثاني للسد بشكل أحادي، ما أدى إلى زيادة التوتر السياسي بين البلدان الثلاث، وتصعيد الملف إلى مجلس الأمن الذي عقد جلستين حول الموضوع من دون اتخاذ قرار بشأنه.