مواجهة أميركية روسية في مجلس الأمن: بلينكن يستعرض "سيناريوهات غزو أوكرانيا"

17 فبراير 2022
وزير الخارجية الأميركي في مجلس الأمن اليوم (Getty)
+ الخط -

حذرت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، الخميس، من تدهور الأوضاع في أوكرانيا، وقالت إن "العالم يأمل أن تكون الدبلوماسية هي الحل"، وذلك على وقع مواجهة أميركية روسية في مجلس الأمن بشأن الأوضاع على الحدود الأوكرانية.

وجاءت تصريحات ديكارلو خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك بشأن الوضع في شرق أوكرانيا واتفاقية مينسك، الذي دعت إليه روسيا في سياق الإحاطة الدورية التي يعقدها المجلس حول الموضوع.

وترأس الاجتماع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينن، حيث ترأس بلاده مجلس الأمن لهذا الشهر.

وقرر الجانب الأميركي حضور وزير الخارجية أنطوني بلينكن والتوقف في نيويورك في طريقه إلى اجتماعات ميونخ.

وعزا الجانب الأميركي حضور بلينكن للاجتماع إلى "لفت الانتباه" إلى التطورات الأخيرة على الأرض التي "شهدت تصعيداً إضافياً وخطيراً"، بحسب الجانب الأميركي.

اتفاقية مينسك

وحول اتفاقية مينسك، قالت ديكارلو: "للأسف لم يكن هناك تقدم ملموس يُذكر في ما يخص تنفيذ البنود المختلفة لاتفاقية مينسك، وذلك على الرغم من الجهود المتكررة".

وأكدت ديكارلو أن اتفاقية مينسك "تظل اتفاقية الإطار الوحيدة التي أقرّها هذا المجلس، في القرار 2202، للتوصل إلى تسوية سلمية تفاوضية للنزاع في شرق أوكرانيا. وفي هذا الصدد، نلاحظ بقلق التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار عبر خط التماس خلال الساعات العديدة الماضية".

وأضافت: "إن صحت تلك التقارير، فلا يمكن السماح بتصعيد أكثر (..) أذكّر بما قاله الأمين العام للأمم المتحدة، لا يمكننا ببساطة القبول حتى باحتمال نشوب صراع جديد في أوكرانيا. في الواقع، نحن أمام اختبار. يجب احترام سيادة أوكرانيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية".

روسيا مجدداً: لا ننوي غزو أوكرانيا

من جهته، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينن، إن "اختيار هذا التاريخ ليس مصادفة"، حيث تبنّى مجلس الأمن في مثل هذا التاريخ قبل سبع سنوات القرار 2022 الذي أيّد فيه اتفاقية مينسك. وعبّر عن أسفه لـ"عدم تنفيذ الاتفاقية من الجانب الأوكراني".

وقال إن الجانب الأوكراني "يدعي أن روسيا لا تنفذ جانبها من الاتفاقية، ولكن الاتفاقية لا تذكر روسيا"، ثم أكد مجدداً أن بلاده لا تنوي اجتياح أوكرانيا "على عكس الادعاءات الأميركية والغربية".

بلينكن: روسيا تبحث عن عذر للهجوم

ومن جهته، ذكر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن روسيا كانت واحدة من الدول التي وقّعت اتفاقية مينسك، مؤكداً في الوقت ذاته أن الاتفاقية تبقى الأساس لحل النزاع في شرق أوكرانيا.

وأضاف: "تشير معلوماتنا بوضوح إلى أن هذه القوات، بما في ذلك القوات البرية والطائرات والسفن، تستعد لشنّ هجوم على أوكرانيا في الأيام المقبلة".

وقدم بلينكن سيناريو لعدد من الاحتمالات والخطوات التي تتخذها روسيا لـ"تقديم عذرٍ لاجتياح أوكرانيا"، مؤكداً أن "بعضها بدأ يحدث بالفعل". وذكر من ضمنها: "أولاً، تخطط روسيا لاختلاق ذريعة لهجومها. قد يكون هذا حدثاً عنيفاً ستجلبه روسيا على أوكرانيا، أو اتهاماً شائناً ضد الحكومة الأوكرانية، قد يكون تفجيراً إرهابياً مزعوماً داخل روسيا، أو اكتشافاً مزعوماً (مخترعاً) لمقابر جماعية، ضربة مزعومة (مفبركة) بطائرة دون طيار ضد المدنيين، أو وهمية، أو حتى هجوماً حقيقياً باستخدام أسلحة كيماوية. قد تصف روسيا هذا الحدث بأنه تطهير عرقي، أو إبادة جماعية، ما يستهزئ بمفهوم لا نتعامل معه باستخفاف في هذا المجلس".

وقال وزير الخارجية الأميركي إن "الإعلام الروسي بدأ بالفعل بنشر معلومات ومزاعم وإنذارات كاذبة من أجل تحضير الأرضية وتبرير الحرب".

وحول الخطوات التالية التي قد تتخذها روسيا، بحسب بلينكن، "رداً على هذه الاستفزازات المصطنعة، قد تعقد أعلى مستويات الحكومة الروسية بشكل مسرحي اجتماعات طارئة لمعالجة ما يُسمى "الأزمة". وستصدر الحكومة إعلاناً بضرورة الرد لحماية المواطنين الروس أو من هم من أصول روسية في أوكرانيا".

وأردف الوزير الأميركي أن الخطوة التالية ستكون "بدء الهجوم وسقوط الصواريخ والقنابل الروسية على أوكرانيا. سيحصل تشويش للاتصالات. ستؤدي الهجمات الإلكترونية إلى إغلاق المؤسسات الأوكرانية الرئيسية. بعد ذلك، ستتقدم الدبابات والجنود الروس نحو أهداف رئيسية حُدِّدَت مسبقاً. نعتقد أن هذه الأهداف تشمل العاصمة الأوكرانية كييف، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة".

وحذّر الوزير الأميركي من أن روسيا لن تكتفي بذلك القدر، وقال: "لدينا معلومات تشير إلى أن روسيا ستستهدف مجموعات محددة من الأوكرانيين. لقد حذرنا الحكومة الأوكرانية من كل ما هو قادم. وهنا، اليوم، نضعها بالتفصيل على أمل أنه من خلال مشاركة ما نعرفه مع العالم يمكننا التأثير في روسيا للتخلي عن مسار الحرب واختيار مسار مختلف".

ثم أشار إلى التشكيك في المعلومات الأميركية بسبب حرب العراق (دون أن يسميها)، والمعلومات الخاطئة التي قدمها المسؤولون الأميركيون أمام مجلس الأمن آنذاك. وقال في هذا السياق: "أدرك أن البعض قد شكك في معلوماتنا"، مذكراً بـ"الحالات السابقة التي لم تثبت فيها المعلومات الاستخباراتية صحتها لاحقاً. ولكن دعوني أكون واضحاً. أنا لست مع بدء حرب، بل مع منع وقوع حرب".

بلينكن يعرض على لافروف اللقاء

وقال إنه بعث رسالة إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف لعقد اجتماع إضافي الأسبوع المقبل لبحث اتفاقيات دبلوماسية، ثم ختم مداخلته أمام مجلس الأمن بقوله: "يمكن الحكومة الروسية أن تعلن اليوم أنها لن تجتاح أوكرانيا، وتسحب قواتها وتبعث دبلوماسييها إلى طاولة المفاوضات".

ومن جهته، ردّ نائب وزير الخارجية الروسي على الوزير الأميركي، وقال إن القوات الروسية على الأراضي الروسية و"ستبقى هناك، أما التدريبات العسكرية فهي كذلك على أرض روسية". وأكد أن بعض الوحدات انسحبت وعادت إلى مواقعها.

وقال إن الولايات المتحدة أرسلت كميات هائلة من الأسلحة لأوكرانيا العام الماضي، بقيمة 650 مليون دولار، وهذا العام بقيمة 200 مليون دولار، فضلاً عن تلك التي أرسلتها دول غربية أخرى.

وقال إن تلك الدول تستخدم تلك الادعاءات، حول الاجتياح الروسي، للتغطية على إمداد أوكرانيا بكميات هائلة من الأسلحة. وقال إن بلاده مستعدة للمفاوضات، ثم أشار إلى أن روسيا أرسلت ردها صباح الخميس على الاقتراح الأميركي حول الضمانات الأمنية.

ثم طلبت السفيرة الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، حق الرد، وقالت إن بلادها مستمرة بجهودها الدبلوماسية.

وعبّرت غرينفيلد عن خيبة أملها من الرد الروسي في جلسة مجلس الأمن، وأنها كانت تأمل لو أعلن الجانب الروسي عدم نيته اجتياح أوكرانيا.

وقالت إن وزير خارجيتها قدّم الحقائق عمّا يحدث على الأرض. ثم أضافت: "ما نراه هو تصعيد، بما فيه الدعوة إلى الاعتراف بحركة انفصالية، والذي يخرق اتفاق مينسك، ونأمل ألّا يحصل ذلك".

وأكدت أن بلادها مستمرة في الجهود الدبلوماسية، وأنها سترد على الرسالة الروسية المتعلقة بالضمانات الأمنية، وشددت على رسالة بلينكن، مضيفة أن بلادها جاءت اليوم إلى مجلس الأمن لـ"منع وقوع حرب".

دول تدعو روسيا لتنفيذ اتفاق مينسك

في السياق، دعت 6 دول أوروبية، 4 منها أعضاء في مجلس الأمن الدولي، الخميس، روسيا إلى التنفيذ الكامل لاتفاق مينسك 2015، وطالبتها بالوفاء بجميع التزاماتها بموجب هذا الاتفاق.

جاء ذلك في بيان أصدرته بعثات فرنسا وإيرلندا وألبانيا والنرويج لدى الأمم المتحدة، إضافة إلى وفد الاتحاد الأوروبي ووفدي ألمانيا وإستونيا، وذلك عقب انتهاء جلسة مجلس الأمن.

وأكدت الدول الأوروبية، في بيانها، "دعمها الكامل لاستقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامتها الإقليمية داخل حدودها المعترف بها دولياً، وفقاً لمبادئ وأغراض ميثاق الأمم المتحدة ذات الصلة".

ودعا البيان روسيا إلى "الانخراط بشكل بنّاء والوفاء بجميع التزاماتها، بما في ذلك القضايا الإنسانية والأمنية، من أجل إحراز تقدم في التنفيذ الكامل لاتفاقات مينسك".

وأعرب عن "القلق الشديد" بشأن قرار مجلس النواب الروسي "الدوما" الذي دعا إلى اعتراف رئيس الاتحاد الروسي بـ"الجمهوريات الشعبية" في دونيتسك ولوهانسك.

المساهمون