سيناريوهات كثيرة تترافق مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، المتوقعة مساء الأربعاء، لعلَّ أبرزها "اعتذار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري (المكلف بتشكيل الحكومة منذ 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020)، وخصوصاً في ما لو تمّ إقصاؤه من جولاتِ الوافد الفرنسي، وزجّه بخانة المعرقلين".
هذه الأنباء تتردّد بكثرة في الساعات الماضية، ربطاً بمعلوماتٍ تتحدث عن أنّ لودريان سيلتقي فقط الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري وبعض الشخصيات السياسية المستقلة وناشطين من المجتمع المدني، وقد لا يجتمع مع القادة السياسيين الذي يحملهم مسؤولية التعطيل والانهيار، ويهاجمهم في كل موقف وتصريح، كما لن يجتمع بالحريري بعدما كان هناك مسعى فرنسي لجمعه مع رئيس "التيار الوطني الحر"، النائب جبران باسيل (صهر عون)، على طاولةٍ واحدةٍ في بيروت، لكنه تعثر مرّة جديدة.
وقد تكون هذه المحاولة الأخيرة، ويُخشى أن تُترجم انسحاباً فرنسياً من الملف اللبناني، ولا سيما بعدما انتقلت فرنسا من التهديد والتلويح بالعقوبات والأيام المصيرية الآتية على لبنان، إلى مرحلة التنفيذ بفرض قيود على دخول شخصيات لبنانية إلى أراضيها تعدّ مسؤولة عن التعطيل أو متورطة في الفساد.
وفيما أكدت أوساط قصر بعبدا، مقرّ رئاسة الجمهورية، لـ"العربي الجديد"، أنّ لقاءً حُدِّد بين الرئيس عون ووزير الخارجية الفرنسي بعد غدٍ، الخميس، قالت مصادر مقرّبة من الحريري، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا دعوة حتى الساعة وجهت إلى الرئيس المكلف للقاء لودريان، وهناك امتعاض كبير من طريقة تعاطي فرنسا أخيراً مع الأزمة اللبنانية، وتحديداً عدم تسميتها المعطلين عند إعلانها عن القيود، وهو ما يفقد خطوتها أي قيمة، ويدمج المعرقل والمسهل في خانة واحدة بالنسبة للرأي العام، سواء اللبناني أو الخارجي".
بدوره، شدد مصدر دبلوماسي فرنسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أنّ "أي بيان رسمي لم يصدر بعد حول زيارة لودريان إلى لبنان وتفاصيلها أو جدول مواعيده ولقاءاته، وكلّ ما يُنشر مجرد تحليلات إعلامية وسياسية واستنتاجات وتساؤلات"، ما يجعل السيناريوهات المطروحة قابلة للخرق والتغير تبعاً للتطورات، ولا سيما أن سرية كبيرة تطغى على زيارة وجولات لودريان.
وكان اعتذار الحريري خارج التداول أو البحث أو التفكير بالنسبة إلى أوساط "تيار المستقبل"، التي تشدد في كل مناسبة على عدم تراجع الرئيس المكلف عن مهمته إلا في حالة واحدة، هي استقالة رئيس الجمهورية، وهو ما عبّر عنه صراحةً وقولاً الرئيس الحريري نفسه، بيد أنّ الموقف اختلف اليوم ويبدو أنه بات مطروحاً على الطاولة.
ويؤكد نائب الرئيس الحريري مصطفى علوش، لـ"العربي الجديد"، أنّ "قرار الاعتذار إذا اتخذ من قبل الحريري، سيكون ناجماً فقط عن اليأس من الوصول إلى التشكيلة الوزارية، وعدم رغبته في البقاء والظهور بأنه المعرقل، وبكل الأحوال نحن أمام 48 ساعة حاسمة ودقيقة، وقرار الحريري حتماً مرتبط بالتطورات"، كاشفاً أنّ الحريري "رفض ويرفض لقاء باسيل".
ولم يشأ علوش تأكيد أو نفي عدم تلقي الحريري دعوة للقاء لودريان، معتبراً أنّ الجواب فقط عند الرئيس المكلف، لكنه في المقابل، سأل: "هل سيتمكن وزير خارجية فرنسا في هذه الزيارة من أن يفعل ما لم يستطع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فعله في لبنان، وعجز عنه الروس والدول الأخرى التي تحركت لأجل إحداث خرق للجمود وحلّ للأزمة اللبنانية؟".
وحول ما إذا كان الحريري أو فريقه والمقربون منه مشمولين بالقيود الفرنسية، رأى علوش أن "الفرنسيين يتخذون القرارات على قياسهم، وإن كان هناك أي شخص من فريق الحريري فليسمّوه".
أما عن العراقيل التي تحول دون تشكيل الحكومة حتى الساعة رغم المبادرات الداخلية والحراك الخارجي الواسع، فاكتفى علوش بالقول: "جبران باسيل، والثلث المعطّل"، وهو ما يقابَل بنفي متواصل من جانب الرئيس اللبناني وصهره باسيل.
وعلم "العربي الجديد" بأنّ مشاورات سياسية على مستويات عالية تحصل وتستمرّ في الساعات المقبلة قبيل زيارة لودريان إلى لبنان، وتعوّل على العلاقة الفرنسية اللبنانية التي لا يمكن أن تنقطع، و"إذا حدث ذلك، فستكون للأمر تداعيات خطيرة جداً قد تصل إلى فرض عزلة دولية عربية كاملة وانهيار اقتصادي معيشي مدمر".
وبحسب المعلومات، قد يقود الرئيس بري، الذي استنكف لفترةٍ عن لعب دور الوسيط، الاتصالات والمساعي، معولاً كذلك على إدراك فرنسا لخطورة الوضع وانعكاساته على الشعب اللبناني أولاً.