تراجع سامفيل شهرمانيان، زعيم الانفصاليين الأرمن الذين طردتهم أذربيجان من إقليم ناغورنو كاراباخ في عملية عسكرية خاطفة قبل أشهر، الجمعة، عن قرار حلّ "الجمهورية" الانفصالية الذي كان سيدخل حيز التنفيذ مطلع سنة 2024.
وأكد شهرمانيان إلغاء قرار حلّ المؤسسات الانفصالية الذي أعلنه في 28 سبتمبر/ أيلول، وكان يفترض أن يطبّق في الأول من يناير/ كانون الثاني.
وقال شهرمانيان، خلال اجتماع مع قادة آخرين في يريفان: "في المجال القانوني لجمهورية آرتساخ (الاسم الأرمني لناغورنو كاراباخ)، لا توجد وثيقة تنص على حلّ المؤسسات الحكومية".
وكان الزعيم الانفصالي قد أصدر قرار حلّ الجمهورية المعلنة من جانب واحد بعد نحو 30 عاماً على إقامتها.
لكن العودة عن القرار تبقى رمزية بدرجة كبيرة، إذ لم يعد يتمتع بأي تأثير على المنطقة الجبلية بعدما سيطرت عليها قوات باكو في عملية خاطفة في سبتمبر.
وقال مكتب شهرمانيان، ردّاً على سؤال لوكالة "فرانس برس"، الجمعة، إن المرسوم السابق "مجرد حبر على ورق". وأضاف: "لا يمكن أن تؤدي هذه الوثيقة إلى حلّ الجمهورية التي أقيمت برغبة الشعب".
وشكّلت منطقة ناغورنو كاراباخ محور نزاع بين أذربيجان وأرمينيا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، وتواجهتا في حربين، الأولى مطلع التسعينيات والثانية في 2020 انتهت بانتصار عسكري لباكو. إلا أن الأخيرة شنّت في سبتمبر عملية عسكرية واسعة وخاطفة، أتاحت لها في غضون نحو 24 ساعة فقط السيطرة على كامل المنطقة، وتوقيف العديد من قادة الانفصاليين.
ودفعت سيطرة أذربيجان على الإقليم الذي تقطنه غالبية من الأرمن، بأكثر من 100 ألف من سكانه الـ120 ألفاً للنزوح إلى أرمينيا.
حلم أذربيجاني قديم
وفي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، زار الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف مدينة خانكيندي، عاصمة الإقليم، حيث رفع علم بلاده وأكد أنه حقق "حلماً أذربيجانياً" قديماً باستعادة الإقليم من الانفصاليين الأرمن.
وأطلقت أذربيجان اسم خانكيندي على العاصمة، فيما تسمّيها أرمينيا ستيباناكيرت مذ سيطر عليها الانفصاليون الأرمن في التسعينيات.
وقال علييف: "حققنا ما أردناه. حققنا الحلم الذي راود الشعب الأذربيجاني طيلة عقود"، مؤكداً أن باكو انتظرت "20 عاماً" قبل أن تتمكن من بسط سيطرتها الكاملة على كاراباخ. وأضاف: "سيبقى هذا النصر محفوراً في تاريخنا إلى الأبد".
وبعد أيام من تلك الزيارة، حذّر علييف خلال عرض عسكري في كاراباخ من أنه "إذا كانت قيادة أرمينيا لا تزال تحمل أفكاراً انتقامية، وإذا كانت الدول المعتادة على التلاعب ودعم أرمينيا لا تزال تضع خططاً ماكرة ضد أذربيجان، فلينظروا إلى العرض العسكري اليوم... نحن مستعدون للقتال على أي جبهة".
وعلى الرغم من هذه المواقف، اتفقت أرمينيا وأذربيجان أوائل ديسمبر/ كانون الأول على اتّخاذ إجراءات ملموسة باتّجاه تطبيع العلاقات وتبادل أسرى الحرب، في خطوة لقيت إشادات دولية عدة باعتباره انفراجة بعد ثلاثة عقود من النزاع.
وفي 13 ديسمبر، تبادل البلدان أسرى في أولى خطوات التطبيع.
وفي ما يبدو محاولة للاستفادة داخلياً من الانتصار العسكري المحقق في ناغورنو كاراباخ، دعا علييف في وقت سابق من هذا الشهر إلى انتخابات رئاسية مبكرة في فبراير، في خطوة يتوقع أن تمدد حكم عائلته الاستبدادي المتواصل منذ عقود.
وسمّى الحزب الحاكم في أذربيجان علييف (61 عاماً) مرشحاً للانتخابات الرئاسية.
وقال نائب رئيس الحزب علي أحمدوف: "هذا ليس قرار حزبنا فحسب، بل قرار الشعب بأكمله"، مضيفاً "طيلة حكمه الذي استمر 20 عاماً، حقق إلهام علييف كل أمنيات شعبنا".
(فرانس برس)