"رويترز": مساعٍ خليجية لمنع اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل

14 ابريل 2024
إيرانيون يحتفلون في ساحة فلسطين بطهران بهجوم بلادهم على إسرائيل (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دول الخليج بقيادة السعودية والإمارات تسعى لمنع تصاعد الأوضاع إلى حرب إقليمية بعد الضربات الإيرانية على إسرائيل، محاولة تحقيق استقرار العلاقات مع كلا الطرفين للتركيز على مشروعاتها الداخلية والأمن الإقليمي.
- الإمارات والبحرين طبعتا العلاقات مع إسرائيل في 2020، والسعودية كانت تدرس اتفاقاً مماثلاً، لكن الحرب على غزة أعاقت الجهود. الرياض تمكنت من تسوية خلافاتها مع إيران، مما يعزز إمكانية الاستقرار الإقليمي.
- جهود دبلوماسية واسعة النطاق تجري لمنع تصعيد إضافي بين إيران وإسرائيل، مع تأكيدات من دول الخليج، العراق، والأردن على ضرورة ضبط النفس ودعم واشنطن للحفاظ على السلام وتجنب تداعيات على الأمن والاقتصاد الإقليمي.

قالت مصادر خليجية، اليوم الأحد، إن دول المنطقة تسعى لمنع اندلاع حرب إقليمية شاملة، في أعقاب الضربات التي شنتها إيران على إسرائيل، خشية أن يؤدي التصعيد الجديد إلى وضعها في مرمى النيران أو أن تكون عرضة لخطط الخراب الرامية لإعادة تشكيل المنطقة.

وقد تكون السعودية والإمارات على وجه الخصوص في وضع جيد لأداء دور بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة بعد التقدم الدبلوماسي الذي تحقق في السنوات القليلة الماضية واستفادت منه جميع تلك البلدان. وتسعى دول الخليج الحليفة لواشنطن إلى تحقيق الاستقرار في العلاقات مع إيران وإسرائيل لوضع حد للمخاوف الأمنية القائمة منذ فترة طويلة كي يتسنى لها التركيز على مشروعاتها الداخلية.

ووقّعت الإمارات والبحرين اتفاقين لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020، وكانت السعودية تدرس اتفاقاً مماثلاً يتضمن كذلك اتفاقاً دفاعياً مع الولايات المتحدة، إلى أن أطاحت حرب غزة الجهود الدبلوماسية في هذا الصدد. وأنهت الرياض خلافاتها مع إيران العام الماضي بعد أن ظلت قائمة لسنوات.

غير أن سياسة الوفاق تلك تواجه الآن أكبر تهديد لها على الإطلاق بعد أن بلغ الخطر ذروته على السلام في المنطقة الأوسع عقب اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت.

وقد يتسع نطاق الحرب المباشرة بين إسرائيل وإيران بسرعة ليشمل دول الخليج التي يقع مجالها الجوي بين البلدين، والتي تستضيف عدة قواعد عسكرية للولايات المتحدة التي تعهدت بالدفاع عن حليفتها إسرائيل.

وقال مصدر خليجي مقرب من الدوائر الحكومية: "لا أحد يريد التصعيد. الجميع يريد احتواء الوضع"، مضيفاً أنّ من المحتمل أنّ جهوداً دبلوماسية واسعة النطاق جارية عبر اتصالات هاتفية. وتابع: "لا يقع الضغط على إيران وحدها. الضغط الآن على إسرائيل حتى لا ترد"، وأكد أن تداعيات أي هجوم إسرائيلي على مواقع إيرانية مهمة "ستؤثر في المنطقة برمتها".

وقال مصدر خليجي آخر مطلع على وجهات النظر الرسمية، إن دول الخليج والعراق والأردن تحثّ كلاً من إيران والولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لإسرائيل، على عدم التصعيد، مؤكداً أن واشنطن "تضغط بالفعل على إسرائيل لممارسة ضبط النفس".

وأضاف المصدر المطلع أن الولايات المتحدة تستخدم في الوقت نفسه دول الخليج لإيصال رسائل إلى إيران بعدم مواصلة التصعيد. مردفاً: "الواضح أن الخليجيين مستخدمين كحملة رسائل من قبل الأميركيين والإيرانيين. وفيه اتصال مباشر بين السعودية وإيران لضبط الأمور".

غير أن المصادر والمحللين في الخليج يعتقدون أن اللحظة الأكثر خطورة ربما تكون قد مرت. وقال عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، والمقرب من الدوائر الحكومية، إن "الإيرانيين نفذوا هجومهم"، مشيراً إلى أن مرحلة التصعيد قد انتهت بالنسبة إلى طهران. وأضاف أن واشنطن لا تريد تصعيداً من إسرائيل.

مخاطر

حدثت الكثير من الوقائع في الآونة الأخيرة التي تعيد التذكير بالمخاطر التي تحيق بدول الخليج. وأعلنت إيران، أمس السبت، احتجاز سفينة شحن في مضيق هرمز، وهو ممر مائي ضيق يمر عبره معظم صادرات الطاقة من دول الخليج، وهددت بإغلاق جميع ممرات الشحن هناك.

وفي الوقت نفسه، تشنّ جماعة الحوثيين في اليمن هجمات متكررة على حركة الملاحة، وأطلقت في الأشهر الماضية طائرات مسيَّرة باتجاه إسرائيل بعيداً عن المجال الجوي السعودي.

وخاضت السعودية قتالاً ضد جماعة الحوثي استمر لسنوات إلى أن اتخذت خطوات نحو اتفاق سلام في ديسمبر/ كانون الأول الفائت. وهاجم الحوثيون منشآت الطاقة الرئيسية في السعودية عدة مرات خلال السنوات المنصرمة قبل دفع محادثات السلام قدماً العام الماضي، لكن لا يزال بمقدورهم القيام بذلك مجدداً. كذلك قصفوا في 2019 منشآت رئيسية سعودية تتعامل مع غالبية إنتاج النفط الخام في المملكة، وفي عام 2022 هاجموا ثلاث شاحنات تنقل النفط في الإمارات.

وقال المصدر: "سعر النفط سيرتفع ويؤثر في حركة النفط بمضيق هرمز. سيرتفع بدرجة كبيرة جداً بسبب انخفاض الكميات المعروضة"، موضحاً النتائج المحتملة في حال شنّ حرب أوسع نطاقاً في المنطقة.

ويحاول وليّ عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، منذ سنوات التركيز على رؤيته الطموحة المتمثلة بتطوير مشاريع ضخمة في السعودية بعيداً عن الوضع الجيوسياسي. وقال المحلل السعودي، عزيز الغشيان، إن الطموحات الاقتصادية للمملكة تأتي في صميم مساعيها الرامية إلى تحقيق انفراجة في العلاقات مع إيران، لكنه أوضح أن المملكة لا تزال قلقة للغاية أيضاً بشأن الوضع الأمني.

وأضاف: "الأمر لا يتعلق فقط بالمشاريع في منطقتنا المزدهرة... فهي (السعودية) لا تريد أن تصبح عالقة في مرمى النيران المتبادلة بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة". وتعرّضت سياسات الوفاق لضغوط بالفعل بسبب الحرب في غزة. وأنهت السعودية وإيران العام الماضي خلافاً مدمراً استمر عقوداً وأجّج التوتر في أنحاء المنطقة بعد أن وقعتا اتفاقاً لاستعادة العلاقات الدبلوماسية وتجنب الإضرار بمصالح كل منهما.

لكن الدمار في غزة عرقل اتخاذ تحركات جديدة نحو التطبيع مع إسرائيل وسط مخاوف في الخليج بسبب دعم إيران لحلفائها في المنطقة الذين استهدفوا قواعد أميركية في العراق وأماكن أخرى.

وقال الغشيان إن الرياض وأبوظبي ستتأكدان من نجاح سياستهما في حال نجاح حالة الوفاق في السماح لدول الخليج بتهدئة التوترات في المنطقة. مضيفاً: "لو لم يكن هناك تطبيع وتقارب سعودي إيراني، كانت السعودية ستصبح أكثر قلقاً الآن".

وكانت إيران قد شنت أمس السبت انطلاقاً "من أراضيها" وللمرة الأولى منذ تأسيسها هجوماً بعشرات الطائرات المسيَّرة والصواريخ على إسرائيل. وجاء ذلك بعد أيام من الشد والجذب وتهديدات إيرانية إسرائيلية متبادلة إثر قصف القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع إبريل/ نيسان الحالي.

(رويترز)

المساهمون