استمع إلى الملخص
- **تفاصيل الادعاءات**: وكالة نوفوستي تزعم تسليم طائرات مسيّرة من أوكرانيا للهيئة مقابل إرسال مسلحين إلى أوكرانيا، ومفاوضات لإطلاق سراح مقاتلين جورجيين وشيشانيين.
- **ردود الفعل**: قيادي في "جيش العزة" ينفي التعاون، ويشير إلى أن روسيا تستخدم الادعاءات كحرب نفسية، بينما المحلل طه عبد الواحد يعتبر التعاون محتملاً نظراً لعداء الطرفين لروسيا.
روّج الإعلام الروسي، في الأيام القليلة الماضية، ادعاءات كثيرة حول تعاون عسكري ومفاوضات بين أوكرانيا و"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، المسيطرة على محافظة إدلب شمال غربي سورية. بل وصلت تلك الادعاءات إلى القول إن 250 عسكرياً أوكرانياً وصلوا إلى إدلب لتدريب عناصر من "الهيئة" على صناعة الطائرات المسيّرة. جاءت ادعاءات تعاون "هيئة تحرير الشام" وأوكرانيا في ظل عدم توافر معطيات حقيقية لتأكيدها في إدلب ومحيطها. بل على العكس، فقد زادت قوات النظام السوري والمليشيات المرتبطة بروسيا وإيران من هجماتها على مناطق متفرقة من إدلب، من دون ردّ من فصائل المعارضة ومنها "تحرير الشام" بالمثل، إذ كانت الردود تقليدية ومعتادة من خلال القصف أو العمليات الخاطفة.
ادعاءات تعاون بين "هيئة تحرير الشام" وأوكرانيا
ونقلت وكالة نوفوستي الروسية، الاثنين الماضي، عن مصدر سوري لم تذكر خلفيته ولا اسمه، أن "هيئة تحرير الشام تسلّمت طائرات مسيّرة من الجانب الأوكراني مقابل إرسال مسلحين وقيادات من ذوي الخبرة من داخل التنظيم الإرهابي إلى أوكرانيا". وأشار المصدر إلى أن "كييف طلبت من قادة مسلحين ذوي خبرة من أصل شيشاني وأويغور تشكيل مجموعات مسلحة للمشاركة في القتال إلى جانب القوات الأوكرانية ضد روسيا". كما زعمت الوكالة في تقرير منفصل، أول من أمس الثلاثاء، أن "250 خبيراً عسكرياً أوكرانياً وصلوا إلى إدلب شمال غربي سورية لتدريب مسلحي هيئة تحرير الشام على تصنيع الطائرات بدون طيار". وأضافت أنه "تم توزيعهم على ورش صناعية وعلى عدة مواقع في مدينة إدلب وعلى أرياف جسر الشغور، لتصنيع طائرات بدون طيار"، لافتة إلى أن "العسكريين الأوكرانيين يقومون بتدريب المسلحين التابعين للحزب الإسلامي التركستاني بإمرة هيئة تحرير الشام على استخدام الطائرات المسيّرة والتقنيات وتطويرها، بما يتعلق بالقدرة على زيادة سرعات التحليق والتصوير والاستهداف".
وفي سياق ادعاءات التعاون بين "هيئة تحرير الشام" وأوكرانيا، نقل موقع قناة روسيا اليوم، السبت الماضي، عن صحيفة آيدنليك التركية، صوراً ادعت الصحيفة التركية أنها لمفاوضات بين أشخاص من "الهيئة" وضباط أوكرانيين، مع الإشارة إلى أن "الطرفين كانا يتفاوضان على إطلاق سراح المقاتلين الجورجيين والشيشانيين من السجون المحلية، بهدف نقلهم إلى أوكرانيا وتجنيدهم للمشاركة في العمليات القتالية والانضمام إلى صفوف القوات المسلحة الأوكرانية". ووفقاً للصحيفة التركية، "التقى الأوكرانيون وزعيم تنظيم (هيئة تحرير الشام) هيثم العمري في إدلب، يوم 18 يونيو/حزيران 2024". لكن الصورة المنشورة لا تُظهر سوى شخصين بلباس عسكري، غير رسمي، يقفان في طريق ويتحدثان، كما أن الاسم الذي ذكرته الصحيفة ونقلته "روسيا اليوم"، أي هيثم العمري، ليس زعيم تنظيم "هيئة تحرير الشام"، ولم يعرف هذا الاسم ضمن قيادات الهيئة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أشار صراحة إلى مسألة التعاون بين "هيئة تحرير الشام" وأوكرانيا. فقد قال، الأسبوع الماضي، خلال اجتماعه مع سفراء دول أجنبية في موسكو، إن معلومات بلاده "تفيد بوصول عناصر في الاستخبارات الأوكرانية إلى منطقة وقف التصعيد في محافظة إدلب السورية، باشروا تجنيد مسلحي جبهة النصرة التي تحولت إلى هيئة تحرير الشام لاستخدامهم في عمليات قذرة جديدة يخططون لها". من جهتها، قالت صحيفة كييف بوست الأوكرانية، الاثنين الماضي، نقلاً عن مصدر في الاستخبارات الأوكرانية، إن قوات خاصة أوكرانية هاجمت قاعدة عسكرية روسية في سورية، صباح الأحد الماضي، مؤكدةً أن العملية جرت على مشارف جنوب شرقي حلب. كما نشرت لقطات للعملية، وبثت مقطعاً مصوراً للعملية، لم يتسنَ التأكد من صحته بشكل منفصل. وكانت الصحيفة الأوكرانية ذاتها، قد نقلت عن مصادر في الاستخبارات الأوكرانية، في نهاية يوليو/تموز الماضي، أن مجموعة القوات الخاصة الأوكرانية نفذت ضربة معقّدة أخرى ضد مواقع القوات الروسية في سورية، مؤكدةً حينها أن الهجوم استهدف معدات عسكرية روسية في قاعدة كويرس الجوية الواقعة شرق حلب والتي تحتلها القوات الروسية.
الفصائل وأوكرانيا "تقاتل عدواً مشتركاً، لكن في جغرافيا متباعدة"
احتمال وارد
وتعتبر "هيئة تحرير الشام" أكبر الفصائل المنتشرة في إدلب، لكن العمليات العسكرية تنسقها ضمن غرفة عمليات "الفتح المبين"، التي تضم الهيئة إلى جانب فصيلي "جيش العزة"، و"الجبهة الوطنية للتحرير". ونفى القيادي في "جيش العزة"، النقيب محمود المحمود، "نفياً قاطعاً" وجود أي تعاون عسكري بين الأوكرانيين وفصائل المعارضة، من بينها تعاون "هيئة تحرير الشام" وأوكرانيا. وأشار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الفصائل وأوكرانيا "تقاتل عدواً مشتركاً، لكن في جغرافيا متباعدة"، مضيفاً أن "روسيا مبدعة في مجال الحرب النفسية والدعاية، وهذا أسلوب قديم - جديد في اتهام فصائل الثورة، كما اتهمونا سابقاً باستخدام السلاح الكيميائي". ونوّه إلى أن هذه "الادعاءات والتصريحات تهدف إلى اتهام أوكرانيا أكثر من اتهام الفصائل".
طه عبد الواحد: قد تغري "الهيئة أو غيرها الشبان السوريين للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية
وحول إمكانية استخدام روسيا ادعاءات التعاون بين "هيئة تحرير الشام" وأوكرانيا لتبرير عمل عسكري أو هجوم جديد في إدلب، قال المحلل السياسي المختص في الشؤون الروسية والمقيم في موسكو، طه عبد الواحد، إن "روسيا ليست بحاجة إلى مبررات لتنفيذ أي عمل في سورية، لاسيما عندما يتعلق الأمر بهيئة تحرير الشام المصنفة في روسيا منظمة إرهابية". وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "بالنسبة لاحتمالات تعاون هيئة تحرير الشام، وربما غيرها من مجموعات مسلحة في سورية، بما فيها تلك المحسوبة اسماً على أنها معارضة، مع أوكرانيا، فهذا أمر وارد جداً، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هذه القوى تنظر إلى روسيا بصفتها حليفة للنظام، وتقف في خانة العداء". ولفت إلى أن "أوكرانيا تنظر لروسيا أيضاً على أنها عدو، وبالتالي لا يمكن استبعاد اتصالات وتعاون بصورة ما بين الطرفين (الفصائل وأوكرانيا)"، معتبراً أن "هذا يعني أنه من الممكن جداً أن تقوم الهيئة أو غيرها بإغراء الشبان السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بالمال، وإرسالهم للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية". وأشار إلى أنه على الجانب الآخر "يجري تداول معلومات حول سوريين من مناطق خاضعة لسيطرة النظام يشاركون في القتال إلى جانب القوات الروسية".