كشف الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مساء السبت، خلال لقاء مع مسؤولي وزارة الصحة الإيرانية، عن "الاتفاق على رفع جميع العقوبات الأساسية" خلال مباحثات فيينا، مضيفاً أنّ "المفاوضات مستمرة بشأن بعض التفاصيل".
وأوضح روحاني، حسب ما أوردته وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، أن "الأميركيين والأوروبيين أعلنوا صراحة أنه لا خيار سوى رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي".
وتأتي تصريحات الرئيس الإيراني حول الاتفاق على "رفع جميع العقوبات" خلال مباحثات فيينا، فيما لم تصدر تأكيدات أو إشارات حول ذلك من الجانب الأميركي الذي فرض هذه العقوبات بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018.
وكان البيت الأبيض قد أكد، أمس الجمعة، أنّ واشنطن مستعدة لرفع العقوبات بعد تنفيذ إيران جميع التزاماتها النووية بالاتفاق النووي. كما قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، إنه يعتقد أن إيران "جادة" في المفاوضات، لكنه ليس واضحا إلى أي مدى.
وعقدت اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، أمس الجمعة، في فيينا، الاجتماع الأول من الجولة الرابعة للمفاوضات على مستوى مساعدي وزراء خارجية الدول الأعضاء؛ إيران وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين، مع اتفاق المشاركين على مواصلة اجتماعات لجان الخبراء.
وفي وقت سابق السبت، كشف كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، عن احتمال تمديد بلاده الاتفاق المؤقت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي ستنتهي صلاحيته يوم الـ21 من الشهر الجاري، "إن استدعت الحاجة".
وقال عراقجي، في مقابلة صحافية مع قناة "إن إجي كي" اليابانية من فيينا، إنّ "إيران تأمل في أن يحدث خلال المفاوضات تقدّم كافٍ كيلا تكون هناك حاجة إلى تمديد الاتفاق مع الوكالة الدولية"، غير أنه أكد أنها "مستعدة لدارسة تمديد المهلة في الزمن المناسب".
وعلى الصعيد نفسه، هدّد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية مجتبى ذو النور، اليوم السبت، بإغلاق كاميرات الرقابة التابعة للوكالة في المنشآت النووية الإيرانية، إن لم تحقق المفاوضات نتيجة حتى الـ21 من الشهر الجاري.
وأكد البرلماني الإيراني المحافظ أن المفاوضات أصبحت "استنزافية، ولم يحدث أي تطور حتى اللحظة"، وفقاً لما أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وفي 21 مارس/ آذار الماضي، قبل يومين من تعليق إيران البروتوكول الإضافي الذي يشدد الرقابة على برنامجها النووي، توصلت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أثناء زيارة رئيسها رافاييل غروسي طهران، إلى "اتفاق فني مؤقت" لمواصلة أنشطة التحقق والرقابة "الضرورية" على النحو المذكور في ملحق الاتفاق.
ويشير الملحق إلى أن إيران ستحتفظ لمدة 3 أشهر بالمعلومات التي تسجلها الكاميرات المركبة في المنشآت المحددة في المرفق، ولن يكون بإمكان الوكالة الدولية للطاقة الذرية الوصول إلى هذه المنشآت والمعلومات. لكن بعد 3 أشهر سيتم تسليمها إلى الوكالة في حال رفع العقوبات، وإذا لم ترفع، فسيتم شطبها نهائياً. كما أن الاتفاق كان له ملحق سري آخر له لم ينشر، قال الجانب الإيراني إنه يتضمن أسماء المنشآت الإيرانية.
أوروبا: الوقت ليس لصالحنا
من جهته، قال المنسق الأوروبي لمباحثات فيينا النووية إنريكه مورا، في تغريدة عبر "تويتر"، إنه "لا توجد مهلة للوصول إلى نتيجة"، لكنه دعا إلى الإسراع في الوصول إلى اتفاق خلال هذه المباحثات.
وأضاف مورا أن "الوقت ليس لصالحنا، وأنا سعيد عندما أرى أن جميع الوفود، منها إيران والولايات المتحدة، تتحدث عن نفس المشاعر".
We have initiated the 4 round of the Vienna talks to bring the #JCPOA back to life. No deadlines but as coordinator I feel a certain sense of urgency. Time is not on our side. Happy to see that all delegations, including Iran and the US, say they share that sense. pic.twitter.com/7UZLdTo052
— Enrique Mora (@enriquemora_) May 8, 2021
من جهته، غرّد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في الذكرى الثالثة للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، قائلاً إنه "بينما نسعى إلى إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا، فعلينا أن نتذكر كيف بدأ كل شيء"، مضيفاً: "في مثل هذا اليوم، انتهك مهرج مفضوح التزامات الولايات المتحدة بالاتفاق النووي والقرار 2231"، المكمّل للاتفاق والصادر عن مجلس الأمن الدولي.
وخاطب وزير الخارجية الإيراني الرئيس الأميركي جو بايدن قائلاً إن "بايدن عليه أن يتخذ القرار هل ستواصل الولايات المتحدة انتهاكها للقانون أو سيلتزم به. المسؤولية تقع على عاتق الولايات المتحدة وليس إيران".
As we try to revive JCPOA in Vienna, it's necessary to remember how it all started.
— Javad Zarif (@JZarif) May 8, 2021
3 years ago today, a disgraced buffoon violated US obligations under JCPOA & UNSCR 2231.
Today, @POTUS has to decide whether US continues lawlessness or adheres to law. Onus is on US, not Iran.
ويوم الثامن من مايو/ أيار 2018، نفذ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وعده بالانسحاب من الاتفاق النووي، ودُشنت مرحلة جديدة من الصراع مع طهران وفق استراتيجية "الضغوط القصوى"، ركزت على الجانب الاقتصادي، من خلال فرض عقوبات شاملة غير مسبوقة على إيران، طاولت جميع مفاصل اقتصادها ووضعتها أمام أزمة اقتصادية مستمرة تداعياتها حتى اللحظة.
كما أن هذه الاستراتيجية كانت لها فصول سياسية وعسكرية أيضاً، وكادت تشعل مواجهة عسكرية بين الطرفين عدة مرات خلال السنوات الماضية، ولا سيما بعد اغتيال واشنطن أبرز الجنرالات الإيرانيين، قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني، في ضربة جوية بالقرب من مطار بغداد الدولي يوم الثالث من يناير/ كانون الثاني 2020. وردّت إيران على العملية بقصف قاعدة عين الأسد الأميركية بالعراق يوم الثامن من الشهر نفسه.
كذلك بدأت إيران بخفض تعهداتها النووية اعتباراً من الثامن من مايو 2019، في الذكرى الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، لتوقف منذ ذلك التاريخ إلى اليوم معظم تعهداتها النووية بالاتفاق، رداً على تداعيات هذا الانسحاب و"المماطلة" الأوروبية في الوقوف بوجه العقوبات الأميركية. وصعّدت طهران خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من خطواتها النووية، فرفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة ثم إلى 60% وبدأت بإنتاج "اليورانيوم المعدني" وأوقفت تنفيذ البروتوكول الإضافي، قبل انطلاق مفاوضات غير مباشرة مع واشنطن في فيينا منذ مطلع الشهر الماضي، لإحياء الاتفاق النووي بواسطة أطراف الاتفاق المكونة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين.